كتب : إبراهيم عبد اللاه :
بدأ القارب \"تورانور\" Turanor Planetsolar أول قارب يسير بالطاقة الشمسية رحلته حول العالم للقيام بالأبحاث العلمية. وهذا القارب من تصميم مغامر سويسري صديق للبيئة، وهو عبارة عن قارب «طوف» ثنائي الهيكل (كاتاماران)، يبلغ طوله 100 قدم، وبمقدوره عن طريق توظيفه لـ5.500 قدم مربع من الخلايا الضوئية، وثمانية أطنان من بطاريات ليثيوم – أيون، الإبحار ليلاً بعد غروب الشمس.
وقد بلغت تكلفة \"تورانور\" نحو 17 مليون دولار، كما أنه من المقرر أن يبحر عبر تيار «غلف ستريم» لدراسة دور الهباء الجوي، أو الرذاذ المتطاير، aerosols، والعوالق النباتية المائية في تعديل المناخ وتلطيفه، تحت إشراف أحد علماء الطقس في جامعة جنيف.
وكانت رحلة القارب قد بدأت وعلى متنه خمسة من البحارة، وأربعة من الباحثين من ميامي قبل أسابيع، حيث سيتوقف في نيوفوندلاند وآيسلندا، لتعقب التيار الشمالي الشرقي, وكان القارب قد توقف أخيراً في مدينة نيويورك لمدة أيام في طريقه إلى الشمال, ومن المقرر أن تنتهي الرحلة في بيرغين في النرويج في أغسطس المقبل.
وعلى الرغم من أن تورانور يبدو بصناعته من قوقعة من الألياف الكربونية، وسطحه العلوي العريض والمسطح الذي تغطيه الخلايا الضوئية كجسم غريب بين اليخوت الأخرى الأنيقة والفخمة وغيرها, إلا أنه يناسب جداً الأبحاث العلمية؛ لأنه يعمل بأشعة الشمس والخلايا الضوئية ذات الكفاءة العالية، التي تقوم بشحن البطاريات، والتي تمون المحركات الكهربائية الموصولة إلى المروحتين اللتين تدفعان القارب, وهو لا يصدر أي انبعاثات ضارة من ثاني أكسيد الكربون، أو الغازات والعوادم الأخرى، التي من شأنها تلويث العينات الهوائية. ولا يجد القارب أي صعوبة في الإبحار ببطء، وإذا ما دعت الضرورة، فهو يقوم بأخذ عينات من الماء بسرعة بطيئة تصل إلى خمس عقدات بحرية.
وعلى جانب آخر رأى بعض الخبراء أن القارب لم يتم تصميمه كمركب أبحاث، إذ يتوجب تجهيز المركب بمعدات للأبحاث، بما في ذلك علبة «فيريبوكس» ferrybox التي طورت أساساً للعبارات البحرية العاملة في بحر البلطيق، التي تقوم بصورة مستمرة بتسجيل درجة الحرارة، وملوحة المياه، والخصائص الأخرى للمياه التي تبحر عبرها.
وهنالك أيضاً علبة «بايوبوكس» biobox التي طورها قسم الفيزياء التطبيقية في الجامعة أيضاً، التي تستخدم الليزر في تحليل عدد الرذاذ المتطاير وأنواعه في العينات الهوائية.
وبالنسبة لمسألة الهباء الجوي، أو الرذاذ المتطاير، الذي تولده المحيطات، سواء أكان مكوناً من أجزاء صلبة، أو سائلة، ومعلقاً في الجو، والتي قد يكون لها تأثير على تشكل السحب وانعكاس أشعة الشمس إلى الفضاء وغيرها من العمليات الجديدة نسبياً في عالم المناخ.
ويعتبر تيار «غلف ستريم» أحد أكثر التيارات التي جرى دراستها في العالم، حيث يرى الخبراء ضرورة فحص ودراسة بعض التيارات الصغيرة التي تشمل الدوامات والتيارات العكسية وقياس قطرها.
جدير بالذكر أن فكرة القارب تعود إلى عام 2004 من خلال الشاب السويسري \"رافاييل دومجان\"، وهو ذو تكوين علمي في مجال الإلكترونيات، إضافة إلى كونه رجل إسعاف، وقائداً للطائرة الشراعية, ومدافعاً عن الطاقة النظيفة، وأصر على اقتحام المجهول وعالم مغامرة استثنائية مستوحاة من قراءاته لرواية جول فيرن Jules Verne، والمتمثلة في الدوران حول العالم على متن قارب بالطاقة عن طريق الطاقة الشمسية فقط.
وفي فبراير 2008 بدأت معالم الحلم تتحقق، وذلك بفضل دعم رجل الأعمال الألماني \"إيـمو ستروهر\" الذي له اهتمامات بيئية، حيث عمل على تنفيذ المشروع مع مجموعة من التقنيين وعلماء الطاقة والفيزياء ومصممي القوارب, وبعد عامين من التصميم والبناء، أصبح المشروع حقيقة، وتمثل في قارب فريد من نوعه انطلق يبحر باستخدام مولدات عملاقة تعمل بالطاقة الشمسية.