جدة ـــ البلاد
بات ملاحظا حجم الاهتمام الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لصندوق الاستثمارات العامة هذه الأيام، كيف لا وحكومة خادم الحرمين تعلق أمالا عريضة على هذا الصندوق فى قيادة رؤية المملكة للعام 2030 الماضية فى طريق تنويع مصادر، وتقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط.
فالصندوق بحسب الخبراء يمكنه تحقيق هذه الغاية لجهة مقدرته على العمل فى مجالات شتي بعيدة تماما عن النفط، الامر الذي يجعل الصندوق بحسب الكثيرين قادرا على جعل الرؤية واقعا معاشا، ولعل هذا ما دعا حكومة خادم الحرمين للموافق الى تخصيص مبلغ 100 مليار ريال.
تخصيص
ايماناً من حكومة خادم الحرمين الشريفين بالدور الذي يمكن ان يلعبه صندوق الاستثمارات العامة في تنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي جاءت موافقة الملك ، على تخصيص مبلغ 100 مليار ريال من الاحتياطات لصندوق الاستثمارات العامة؛ بهدف تنويع المحفظة الاستثمارية وتحسين عوائد الاستثمارات.
وكانت ادارة الصندوق قد قالت في وقت سابق تعليقاً على هذا القرار: إن استراتيجيته الاستثمارية ستركز خلال الفترة المقبلة على عدد من الفرص الواعدة في السوق المحلي والدولي، وبالذات بعض الفرص في السوق المحلي ذات العائد المتوقع المجزي الذي يدعم استثمارات القطاع الخاص والنمو الاقتصادي والمحتوى المحلي.
استراتيجية
فالصندوق منذ تأسيسه في العام 1971 اطلع بمهمة أساسية، وهي تمويل المشاريع ذات القيمة الإستراتيجية للاقتصاد الوطني السعودي، وقد تطور دوره ليشمل عدداً من المجالات المختلفة، بما في ذلك حيازة وإدارة مساهمات الحكومة في بعض كبرى وأهم الشركات القيادية في المملكة. كما قام الصندوق بتأسيس وإدارة عدة شركات في سياق دعم الابتكار والتنويع الاقتصادي وتطوير القطاعات غير النفطية في المملكة. ويشرف الصندوق على تملك وإدارة مساهمات الحكومة في الشركات الثنائية ومتعددة الجنسيات في الخارج، بالإضافة الى الاستثمار الانتقائي في عدد من الأصول الأخرى على الصعيد العالمي.
وتتميز المحفظة الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة بالتنوع، حيث تضم اليوم حوالي 200 استثمار، منها نحو 20 استثمار مدرجاً في سوق الأسهم المالية السعودية (تداول).
وفي مارس 2015، انتقلت مرجعية صندوق الاستثمارات العامة إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في المملكة، حيث كان يتبع سابقاً لوزارة المالية. وفي سياق هذا الانتقال، تم تعيين مجلس إدارة جديد للصندوق برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وقد اتخذ مجلس الإدارة الجديد خطوات نحو إعادة صياغة رؤية الصندوق وأهدافه واستراتيجيته؛ بهدف اعتماد إستراتيجية محدثة تعكس الدور الحيوي والهام للصندوق في اقتصاد المملكة، مع الأخذ بعين الاعتبار السياق الاقتصادي للمملكة ورؤية المملكة 2030.
عزم حكومي
الاهتمام الحكومي بصندوق الاستثمارات العامة لم يقتصر على انشغال خادم الحرمين الشريفين بأمره، فهذا ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يؤكد ذات الاهتمام، وكان الامير قد قال في وقت سابق: ان المملكة سوف تنقل ملكية شركة الزيت العربية السعودية وبعض الأصول الوطنية الأخرى إلى صندوق الاستثمارات العامة، كاشفاً عن نية المملكة نقل أسهم شركة أرامكو إلى صندوق الاستثمارات العامة، وعندها سيصبح الصندوق الأكبر على وجه الأرض.
الامر الذي يجعل هذا الصندوق الأكبر مقارنة مع صناديق الثروة السيادية الأخرى، وفقا لإحصاءات (معهد صناديق الثروة السيادية).
ووفقا للكاتب في “سي إن بي سي” مارك فاهي، فإن نقل شركة النفط هذه ما هي إلا بداية خطة الابتعاد عن الاعتماد على مداخيل النفط. في حين يقال: إن الصندوق ينوي جعل 50% من ممتلكاته في استثمارات خارجية بحلول عام 2020.
وهذا يعني أن الصندوق الجديد سوف يقوم بصفقات شراء كبيرة في الخارج، وسيكون لديه بعض النفوذ في تلك المعاملات.
دليل
وأكد اقتصاديون أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بتخصيص مبلغ 100 مليار ريال من الاحتياطات لصندوق الاستثمارات العامة، دليل واضح على قوة وثقة متانة اقتصاديات المملكة، التي ستنعكس إيجابياً على ميزانياتها خلال السنوات المقبلة، مشيرين إلى أن زيادة حجم صندوق الاستثمارات العامة يهدف إلى زيادة حجم الصندوق وتحقيق الأهداف الأساسية لرؤية المملكة 2030، من خلال توسيع الاستثمارات العامة، وجعلها مصدراً لتمويل المشروعات التنموية الحكومية.
وقال الخبير الاقتصادي محمد القحطاني : إن قرار خادم الحرمين الشريفين بتخصيص مبلغ 100 مليار ريال من الاحتياطات لصندوق الاستثمارات العامة، إنما هو دليل واضح على قوة وثقة متانة اقتصاديات المملكة والتي ستنعكس إيجابياً على ميزانياتها خلال السنوات المقبلة، مضيفاً باتجاه صندوق الاستثمارات العامة إلى استثمار تلك الأموال باقتصاديات مزدهرة ذات مردود استثماري جيد، مشيراً إلى ضرورة توجه الصندوق للاستثمار بالقطاعات الواعدة كقطاع التكنولوجيا الذكية، والمصانع الدقيقة المتخصصة بقطاع التعدين، إضافة إلى شراء عدة صناعات كالطاقة الشمسية والنووية السلمية، أو الاستثمار بمجال البتروكيماويات بالدول الآسيوية، إضافة إلى ضرورة إيجاد جهاز قوي تابع لصندوق الاستثمارات لضمان الفرص الاستثمارية العالمية، موضحاً أن سحب 100 مليار ريال لايؤثر على احتياطات المملكة، التي تقدر بنحو 250 مليار ريال.
وبين المحلل الاقتصادي فضل البوعينين، أن إستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة تقوم على أن ترفع إيراداتها بما يساعدها على تحقيق دخل للحكومة لرفد ميزانيتها، وهناك استثمار أكبر بالاحتياطات الموجودة. وأوضح البوعينين أن الهدف من زيادة حجم صندوق الاستثمارات، يعود إلى تحقيق الأهداف الأساسية لرؤية 2030، من خلال توسيع الاستثمارات العامة، وجعلها مصدراً لتمويل المشروعات التنموية الحكومية، وتحقيق النقلة الصناعية من خلال الصناعات التحويلية والعسكرية والبحرية، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل القومي غير النفطية، مشيراً إلى ضرورة تحقيق صندوق الاستثمارات للبعد الإستراتيجي والربحي للاستثمارات التي تقوم بها.
استثمارات
وكان الصندوق قد اعلن عن صفقات مهمة هذا العام، كان منها الاستثمار بمبلغ 3.5 مليار دولار في شركة “أوبر” العالمية لخدمة تأجير السيارات.
ويخطط الصندوق إلى ضخ نحو 45 مليار دولار في صندوق “رؤية سوفت بنك” بالشراكة مع مجموعة “سوفت بنك” اليابانية، وستنتج الشراكة أكبر صندوق عالمي للاستثمار بالتكنولوجيا بقيمة 100 مليار دولار.ويستحوذ الصندوق على نسبة 50% من أكبر منصة عربية للتسوق الإلكتروني، “نون.كوم” المقدرة قيمة استثماراتها الأولية بنحو مليار دولار.
كما أعلن الصندوق عزمه إتمام صفقة الاستحواذ على 50% من رأسمال شركة “أديبتيو” الإماراتية المالكة لشركة “أمريكانا” وهي أكبر مشغل لسلاسل المطاعم بالشرق الأوسط.
هذه الاستثمارات تنصب في استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة، وهي التحول من التركيز فقط على الاستثمارات المحلية إلى إنشاء أكبر صندوق سيادي في العالم بأصول إجمالية تبلغ تريليوني دولار، من خلال تحويل عملاق النفط أرامكو لتصبح ضمن محفظته الاستثمارية.
ومع تنفيذ خطة التحول سيتفوق صندوق الاستثمارات العامة السعودي على صندوق السيادي النرويجي الذي يعد الآن الأكبر في العالم بقيمة أصول 885 مليار دولار من الأصول وبعده صندوق أبوظبي التي تقارب أصوله 800 مليار دولار.
ولدى الصندوق حصص بما يعادل 100 مليار دولار في شركات سعودية مدرجة من بينها سابك والاتصالات السعودية، وينوي زيادة نسبة الاستثمارات الأجنبية من 5% سابقا إلى 50% من إجمالي الأصول بحلول عام 2020، وهو ما ينسجم مع رؤية 2030.