يعدها : علي محمد الحسون
** تراه فتشعر أنك أمام صاحب قدرة فكرية تجارية.. لها مكنوناتها التي يمتح منها كل عوامل النجاح الذي يستشرفه فيحققه.. لا يعترف بالعادي في قراراته..
عندما قدم من الشرقية قبل سنوات اتى على مجتمع فيه كثير من خصائص مجتمعه فملوحة البحر واحدة، والغوص في كليهما له مخاطر واحدة.. ومن غاص في “أعماق الساحل الشرقي”، وعاش مغامرة الغوص، والبحث عن اللؤلؤ.. هناك لم يجد مشقة أو صعوبة في الغوص في أعماق البحر الأحمر أو هو “القلزم” على الساحل الغربي فراح يجدف فيه بكل قوة واصرار.. دابغاً سحنته بملوحته فاعطته تلك المناعة في الوقوف في وجه كل الصعوبات، لهذا تراه يخرج من كل أزمة واجهته، وهو أكثر شموخاً وأكثر عطاء.. لا يلتفت خلفه ابداً متحسراً، ولكنه يلتفت ليرى كم قطع من مسافة في مشوار الحياة.. لهذا عندما “ترك” كرسيه في غرفة جدة لم يتوقف، وتساءل لماذا طلب منه – ترك – ذلك الكرسي الذي حركه، وجعل منه “فناراً” لاصحاب الشركات الصغيرة ففتح أمامهم تلك الآفاق التي ما كانوا يحلمون بأن يأتي واحد من البعيد، ويشرع الأبواب أمام طموحاتهم.. لقد طوى ملف الابعاد ووضعه على اخر دولاب لديه.
كان رجلاً يملك من خصائص القيادة أدقها فهو صاحب رؤية استشرافية للقادم من الأيام، وكان كريماً.. لا يتوقف كثيراً في صرف ما يراه يستحق الصرف يفعل ذلك لكونه يؤمن بتلك الحكمة التي تقول “لا يخدم بخيل” لهذا ترى من يعمل بجانبه يبذل جهده بكل رضا نفس، بل قد يصل به الحال الى درجة صرف وقت أكثر في عمله نتيجة تلك المعاملة الراقية.
ولعل المتابع له يتوقف عند انسانيته التي كشف عنها ما قام به مع هذه الفئة الغالية على أنفسنا أقصد أولئك الأطفال الذين اجبرتهم الظروف بأن يكونوا تحت الرعاية الاجتماعية.. فهؤلاء الايتام وجدوا في رعايته لهم بتلك الخطط التي وضعها لاخراجهم من قوقعة الشعور باليتم الى افق الحياة الواسعة.. وبالذات أولئك مجهولي الأبوين حيث خلق في داخلهم احساساً غامراً بانهم قادرون على مواجهة الحياة بكل شجاعة.. وان يحققوا النجاح بكل اصرار ومثابرة متخذاً لهم ذلك الشعار كلنا لآدم من آدم من تراب، ومن ذلك القول لا تقول كان أبي، ولكن قل ها أنا.
وإذا كان لكل من اسمه نصيب فان “صالحاً” كان له من اسمه أعلى نصيب فهو حيث تضعه تجده صالحاً.
لقد قال لي ذات يوم ذلك الأمير عبدالمجيد رحمه الله أن صالح التركي انه من الرجال القلائل الذي تعطيهم الفرصة فيقومون بما طلب منهم بجد واخلاص.. كم كنت أتمنى أن يكون لدينا منه عشرة من الرجال لوجد عندنا كوكبة من الرجال العاملين بحب واخلاص.
اتضح كل ذلك في نشاط المنتدى الاقتصادي الذي بدأ قبل ستة عشر عاماً، ونظمته غرفة جدة، وتوسع المنتدى واصبح واجهة اقتصادية لها حضورها العالمي بتلك المشاركات من الأسماء الكبيرة سواء كانت في السياسة أو في الاقتصاد، وكان “للتركي” دوره المؤثر في التحضير، والذهاب أشواطا بعيدة، بل قد يكون سبب له انزعاجاً شديداً كما قيل يومها.
لقد كان لذلك المنتدى الذي كان ضحية لبعض الاختلافات فحرمت جدة منه مع أنه كان يشكل نافذة مشرعة لاقتصاديات البلاد ونموها.
صالح علي التركي.. ذلك الرجل الدؤوب في عمله الخاص.. وفي عمله العام أكثر نشاطاً ودؤوباً هي التحية له من هنا على كل ما قدم وفعل وعمل.