المدينة المنورة -البلاد
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – افتتح معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري مساء أمس المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب الذي تنظمه الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة تحت عنوان :(مراجعات فكرية وحلول عملية) ويستمر يومين.
واستعرض معالي الدكتور العنقري قبيل الافتتاح الوقفة التي نظمها طلاب الجامعة ، وشارك فيها أكثر من 1000 طالب يمثلون أكثر من 200جنسية ولغة من مختلف بلدان العالم ، حاملين لافتات بلغاتهم يُعلنون فيها إدانتهم للإرهاب والتطرّف.
عقب ذلك بدئ الحفل الخطابي المعد لهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم ، ثم ألقى معالي مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله السند كلمة أكد فيها أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – ورعاه هو الرجل الأول لمكافحة الإرهاب وصاحب المبادرات الكبرى لمكافحته ، مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية تبوّأت مكان الصدارة في العالم في مكافحة الإرهاب مكافحة أمنية وفكرية.
وبين أن هذا المؤتمر يأتي في إطار سلسلة جهود المملكة الفكرية والأمنية حيث انطلقت برامج وفعاليات وخطط ومناهج في ردّ من تورط في العمليات الإرهابية إلى الحق.
وأفاد أن الاحصاءات جاءت لتعلن أن أكثر من تسعين بالمائة ممن خضعوا لبرنامج الأمير محمد بن نايف للمناصحة عادوا إلى رشدهم ورجعوا إلى طريق الإسلام الصحيح ومنهجه وأصبحوا أدوات لمكافحة الإرهاب ومفاتيح خير في مجتمعاتهم.
وقال : ” إن الجامعة تنظم هذا المؤتمر العالمي وهي جامعة فيها طلاب ينتمون لأكثر من 160 جنسية من العالم ينقلون ما تعلموه في هذه الجامعة إلى بلدانهم كافة حيث سينقلون عن الجامعة أن الإرهاب عدو للحياة والدين ، مشيراً إلى أن مبادرات الخير رؤية هذا التفاعل الكبير من شرائح المجتمع كافة”.
وأشار معالي مدير الجامعة الإسلامية إلى أن طرح إنشاء كرسي بحثي عن المراجعات الفكرية تكفل به معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل.
وأكد مدير الجامعة الإسلامية أن هذا كله لم يأت إلا بتوفيق الله ثم بدعم ورعاية ومؤازرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ، وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين – حفظهم الله -.
واعرب معاليه عن الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة الذي يتابع الجامعة وأنشطتها وبرامجها وفعالياتها ، كما شكر معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري على افتتاحه المؤتمر.
عقب ذلك ألقى عميد معهد البحوث والدراسات الاستشارية الدكتور سليمان بن عبدالله الرومي قصيدةً بعنوان ” أرض المجد “.
ثم ألقيت كلمة الضيوف والمشاركين في المؤتمر ألقاها نيابة عنهم قاضي قضاة الأردن وخرِّيج الجامعة الإسلامية معالي الدكتور أحمد محمد هليل ، قال فيها :” إن رعاية خادم الحرمين الشريفين لهذا المؤتمر تؤكد أن المملكة العربية السعودية جعلها الله لواء خير أمة أخرجت للناس وسطيةً واعتدالاً و شموليةً ورحمة وتسامحاً ، في ظلال العقيدة الحقة والشريعة الغراء ، حيث جمعت بين أصالة المنهج والفكر وروح الحياة والعصر “، مشيراً إلى أن خادم الحرمين الشريفين تحدث حديث حكمة وبصيرة وحذر من مخاطر التطرّف والتكفير التي تقود إلى التفجير والتدمير.
وأضاف :” إن المؤتمر استشعر أن الحاجة ماسة لعمل مراجعات فكرية علمية وحلول واقعية عملية دراسة وتحليلاً وتأصيلاً وتفصيلاً من خلال مؤتمر تحليل تأصيلي يشخّص الداء ويقدّم الدواء مع دوام الإشراف والمتابعة ويضع استراتيجية وقائية علمية وعملية على بصيرة ورؤى إيمانية”.
عقب ذلك بثت كلمة مسجّلة لسماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء و إدارة البحوث العلمية والإفتاء ، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ، قال فيها :” إن للمؤتمر دوره الفعال وآثاره الحسنة في بيان حقيقة الإرهاب وتحذير الناس من شرّه ” ، مؤكداً أن المملكة العربية السعودية خطت خطوات عديدة في مكافحة الإرهاب وتصويره على الحقيقة لتحذير الناس منه وإرشادهم إلى أن هذا الداء العضال لا يريد للأمة خيراً وإنما هدفه الفساد والإفساد.
وقال سماحته :” إن المملكة كانت من أوائل الدول الموقعة على مكافحة الإرهاب والتصدي له ، وسعت إلى تحذير المجتمع الدولي من الإرهاب وخطره ، حيث إنه مرض فتاك وأصحابه فئة باغية خاطئة استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله ، وزين لهم الباطل “. وأردف سماحته قائلاً :” وحقيقة الإرهاب التعدي على الناس بسفك الدماء وهتك الأعراض ونهب الأموال وتهديد الأمن والاستقرار وهو فساد حق فساد ، والقرآن حذّر من الإقدام على قتل النفس المعصومة ، والمسلم حقًّا من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأرواحهم وأعراضهم”.
وقال سماحته :” إن المملكة حاربت الإرهاب من خلال المكافحة الأمنية ومن خلال محاصرة خلاياه ، وفي الجانب الوقائي من خلال المناصحة والرعاية ، والعفو عمن تراجع عن فكره وعلم خطأه وأعلن توبته وتخلى عن هذا المبدأ السيئ ، ومن خلال السعي لمحاربته ببرامج وزارة التعليم العالي في الجامعات ، وتحصين الشباب ضده وبيان أضراره ومساوئه ، وإصدار البيانات والقرارات التي تجرّمه وتبيّن أخطاره”.
وحث سماحة المفتي على تقوى الله في أنفسنا وعلى أن نتعاون جميعاً مع قيادتنا في مكافحة الإرهاب وأن نعلم أن هذا الإرهاب لا دين له وأن قلب المؤمن يبغضه ، سائلاً المولى العلي القدير أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد وأن يعينهم على مكافحة الإرهاب واستئصاله.
وفي نهاية الحفل دشّن معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري إلكترونياً عدداً من مشروعات الجامعة شملت الموقع الفرنسي للجامعة على شبكة الإنترنت الذي جاء خدمة للناطقين بهذه اللغة التي تعد من أكثر اللغات في العالم من حيث عدد الناطقين ، وموقع قاعدة بيانات عمادة شؤون الخريجين الذي يهدف للتواصل مع خريجي الجامعة في جميع أنحاء العالم ، ومشروع متابعة الخطة الاستراتيجية للجامعة ، وهو نظام ذكي يحتمل على المعلومات المتغيرة ليوفر مراقبة أداء الخطة الاستراتيجية في جميع قطاعات الجامعة.
يذكر أن 29 باحثاً وباحثة من المملكة العربية السعودية ومصر والجزائر والأردن والعراق والبحرين والمغرب وماليزيا يشاركون في أعمال المؤتمر ، فيما يحضره نخبة من المسؤولين والعلماء والمفكرين والإعلاميين ، بهدف بناء استراتيجية علمية برؤية إسلامية للمعالجة الفكرية للإرهاب من خلال التعرف على نقاط القوة والضعف وفرص النجاح والمخاطر المحيطة بكل مراجعة فكرية أو جهد دعوي أو رؤية أو آلية جديدة معززة لإعادة المنحرفين، ودرء الخطر عن المستقيمين ، وذلك بما يحقق الانتقال بالمعالجات الفكرية من مرحلة التنظير إلى مرحلة التطبيق.
كما يشهد المؤتمر جلسات للمراجعة الفكرية لستة ممّن تأثروا بالفكر التكفيري والإرهابي المتطرف سابقاً وعادوا إلى منهج الصواب بعد جهود المناصحة وإعادة التأهيل ، حيث سيتحدثون عن تجربتهم في الخروج من نفق الإرهاب المُظلم.