أرشيف صحيفة البلاد

برؤية الأمير سلطان بن سلمان.. (الخيال الممكن) يوثق مسيرة الهيئة العامة للسياحة

جدة- عبد الهادي المالكي

في فضاء معرض الكتاب الدولي بجدة الأسبوع الماضي ، وقع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني كتابه ” الخيال الممكن ” وأهدى الزوار نحو 100 نسخة من الكتاب.

في تقديمه للكتاب قال سموه ” الخيال الممكن ” إنه ليس سيرة ذاتية أو تجربة شخصية، بل توثيقًا لتجربة إدارية بكل تحدياتها وفصولها،مبيناً ” أن هذا الكتاب يتناول تجربة شخصية ومؤسسية عن مسيرة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمختلف مراحلها، منذ إعلان تأسيسها عام (1421هـ – 2000م) ، حيث أوكلت إليها مهمة تنظيم وتطوير قطاع كبير، وحيوي ، ومتشعب ، يستمد رؤيته من المرتكزات والثوابت والمقومات التي قامت عليها المملكة، والقيم الراسخة للمجتمع السعودي، وشمل في مضمونه مسار السياحة والتراث الحضاري الوطني.

وقال سموه ” تلخص هدف الهيئة الأساس في الاستفادة من تنوع وثراء المقومات في بلادنا للنهوض بالسياحة والتراث الحضاري الوطني، بصفته صناعة منظمة ومتكاملة، وتحويلها إلى مورد ثقافي واجتماعي واقتصادي، يسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية، وزيادة الدخل، وتوفير فرص واعدة ومنتجة للمواطنين للعمل والاستثمار، إلى جانب الإسهام في تعزيز انتماء المواطن لوطنه، ففي الوقت الذي يعزز فيه الشق السياحي اقتصاد الوطن وينميه، ويعزز لحمة المواطن مع وطنه، فإن شق التراث الحضاري يرسخ انتماء المواطن لوطنه ويثريه، ونحن في المملكة نعتز ونفتخر بتاريخ ومقدسات وتراث أرضنا، ويعمق ذلك الاعتزاز والفخر كلما ركزنا على العناية بتراثنا، وزرعناه في قلوب المواطنين “.

وأضاف سموه يقول ” لقد بدأت الهيئة مؤسسة حكومية صغيرة، وانطلقت بأحلام كبيرة لتستثمر في كفاءة السعوديين لإطلاق صناعة جديدة تصب في اقتصادنا الوطني وتنميه، وتعيد تنظيم وبناء مسارات اقتصادية واجتماعية ومفاهيم راسخة تتقاطع مع بُعدنا الحضاري العريق، وتفتح أمام مواطني بلادنا المزيد من فرص العمل والاستثمار في شتى مناطقهم ومدنهم وقراهم، وبمختلف مستوياتهم التعليمية والعمرية، هذه الصناعة ليست مجرد معمل توفر له المواد الخام وآليات التصنيع، وتستورد له العمال ليبدأ الإنتاج في اليوم التالي، وإنما هي صناعة قناعة وثقافة، وصناعة شراكة أهلية وحكومية، وصناعة إرادة ومكان، وصناعة جودة ومنتجات سياحية وحضارية “.

وأردف سمو الأمير سلطان بن سلمان يقول ” أدركت منذ اللحظة الأولى التي كُلفت فيها مسؤولية إنشاء الجهاز التنفيذي للهيئة، وإدارة الجهود لتطوير السياحة والعناية بالتراث الوطني، أن بناء مؤسسة حكومية رائدة وفاعلة بمثل هذه الأهمية الاقتصادية والاجتماعية، تستجيب لتطلعات الوطن والمواطن،

وتعيش مفردات عصرها لتأسيس مسار اقتصادي كبير، يحتاج إلى طول نفس، ولا يحتمل القفز على تتابع المراحل، ولذلك أردتُ أن يكون سيرها كخَبب الجياد بين الركض والهرولة ، حتى لا يُفقدنا الاستعجال التوازن ، أو يُفقدنا البطء تحقيق الإنجازات المؤملة ، لقد خلعتُ للتو بزتي العسكرية ، وترجلتُ من طائرتي ،

حيث تعودتُ أن أرى الأشياء من قممها (كطيار ورائد فضاء) ، وها أنا أجد نفسي مسؤولاً عن إنشاء وتطوير صناعة سياحية في بلادي ، لا بل والنبش في هذه الأرض الواسعة للبحث عن مكنوناتها وتسخيرها لتعزيز التراث الوطني العريق ، والمساهمة في تشكيل الهوية الوطنية ، هنا فقط شعرتُ بأهمية تمازج رؤية القمم من الأعلى، ورؤية الأشياء من العمق، من أحافير الآثاريين ، في تكوين رؤية أكثر اتساعاً “.

وأيقن الرئيس العام للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن هناك حاجة ملحة إلى التفكير بعقلية اقتصادية وذهنية منفتحة لفهم التحديات ومعالجتها آنذاك ، وأن التمسك بالمألوف الإداري ، وعدم القدرة ، أو التردد في التعامل الإيجابي مع الأوضاع الجديدة ، والمتغيرات سيثبط العزائم ،

ويقلل من الإنتاجية ، وبناء عليه فلن يستطيع بناء مؤسسة ريادية ، فتداخل أنشطة واختصاصات الهيئة التي نص عليها تنظيمها عند التأسيس مع اختصاصات العديد من القطاعات الأخرى في الدولة ، كان سبباً في مبادرتنا لتبني ، مفاهيم وأساليب معاصرة في الشراكة ، ورسم التوجهات ، وتنفيذ الخطط الاستراتيجية ، وفي هيكلة الهيئة والمسار الاقتصادي الذي أوكلت إليها مسؤولية تنظيمه وتطويره ، وفي تطوير أساليب العمل والأنظمة الإدارية لتحقيق الإنجاز ،

وقد تطلب ذلك العمل وفق محورين إداريين متلازمين ..مؤسسي ومؤسساتي ، بمعنى العمل بذهنية المؤسسة ، وحث الآخرين على العمل معنا كمؤسسات بنفس الذهنية ، حتى لا نظل رهائن الإرث الإداري التقليدي .

وأكد سمو الأمير سلطان بن سلمان ، أن الهيئة قامت على مرتكزات ومبادئ، أهمها الشراكة الفعالة ، والحرص على مصلحة الوطن ، والتركيز على المواطن لكونه المعني والأساس لكل ما نقوم به ، والعمل دون كلل أو ملل مع أفراد المجتمع في مواقعهم ، وإحداث التحول الفكري لدى الشركاء وفهمهم للقضية التي سيصبحون جزءاً أساساً من بنائها ، وتميزت تجرية الهيئة أيضاً بكونها تجربة تطويرية جريئة للمنهجيات والأدوات المعتادة في العمل الحكومي التنموي ، إذ اعتمدت المنهج الحديث الإداري الشمولي المنفتح على بناء الجسور مع الشركاء والمجتمع .

واختتم سمو الأمير سلطان بن سلمان في تقديمه لكتاب ” الخيال الممكن” بقوله “حرصتُ أن يضم الكتاب في ثناياه المواقف الإدارية،والقرارات، والأحداث التي خاضتها الهيئة منذ تأسيسها ، وكيف عملنا على الاستفادة من الفرص ، ومحاولة إيجادها أحياناً من لا شيء ، وحاولتُ قدر الإمكان أن أعرض التجربة بأسلوب يحاكي الجميع، من منطلق أن الجميع هم شركاؤنا في تحقيق الإنجاز ، وتخطي التحديات والصعوبات .

مما يذكر أن كتاب ” الخيال الممكن ” يعد مرجعاً مهما عن مسيرة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بالمملكة العربية السعودية،حيث لخص مسيرة سبعة عشر عاماً من محطات البناء لتحقيق رؤية وأهداف الدولة في هذا القطاع الحيوي ،حيث توزعت مادة الكتاب على أربعة أبواب وخاتمة ومراجع الكتاب وأرشيف الصور، في 500 صفحة من الحجم المتوسط الفاخر .