دولية

انسحاب واشنطن من نووي ايران .. المسمار الأخير في نعش الملالي

جدة ــ البلاد ــ عواصم ــ وكالات

قاد إبرام الدول “الخمس زائد واحد” للاتفاق النووي الإيراني في أكتوبر 2015م، إلى تضاعف نشاط نظام الملالي الإجرامي في المنطقة، بعد أن ساعد هذا الاتفاق طهران في زيادة مدخولاتها الاقتصادية؛ الأمر الذي انعكس سلباً على أمن الشرق الاوسط وفتح الباب على مصراعيه لزيادة قدرة النظام الفاشي على دعم الأنشطة الإرهابية في مختلف الدول، تحقيقاً لمشروعه التوسعي المتمثل في تصدير الثورة. وبإعلان الرئيس الامريكي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم مع طهران يكون العالم قد وضع أول خطوات المواجهة الحقيقة ، لتلكم الطموحات الطائفية، فخطاب الـ13 دقيقة شدد على إعادة فرض عقوبات اقتصادية على إيران بصورة فورية، ما يعني دخول طهران في نفق مظلم؛ جراء سياساتها الفاشلة.

وكان توقيع الاتفاق النووي بين إيران من جهة وألمانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا من جهة ثانية، عام 2015.

إلا أن طهران لم تلتزم ببنود الاتفاق الرامية إلى منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، بل تمادت في زعزعة استقرار المنطقة بأنشطتها السلبية في الشرق الأوسط ومؤامراتها التي لا تنتهي.
وفي الخطاب حدد ترامب أسباب انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني والتي يمكن سردها في التالي:

1- اتفاق مروع لا يحقق السلام
خلال خطابه أمام العالم داخل البيت الأبيض، قال ترامب: “كان هذا اتفاقا مروعا من جانب واحد ما كان ينبغي إبرامه أبدا. لم يحقق الهدوء ولا السلام ولن يحققهما أبدا”.

وطوال فترة توقيع الاتفاق النووي الإيراني منذ عام 2015، لم تلتزم إيران بالحد من برنامجها النووي، فضلاً عن أنها لم تحرز أي تقدم في هذا الملف الذي جعلها ” دولة كاذبة”
2- اتفاق لا يتصدى للصواريخ الباليسيتة
السبب الثاني الذي قدمه ترامب لإعلان انسحابه يتعلق كما يقول بأن الاتفاق الذي أبرم في عهد سلفه باراك أوباما لم يتصد لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وأنشطتها النووية بعد عام 2025.

فقد سبق وأن نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريراً لفتت فيه الأنظار إلى إشارة نظام الملالي إلى تجربة صاروخ جديد، يمكن أن يطال قواعد أمريكية في المنطقة، وهو ما جعل الإدارة الأمريكية ترى أن الإيرانيين ينتهكون “روح” الاتفاق الموقع عام 2015، رغم أن هدفه كان تشجيع الاستقرار والأمن في المنطقة.

والانتقاد الأمريكي يستهدف البرنامج الباليستي الإيراني غير المحظور بموجب اتفاق فيينا، رغم أن القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي صادق بموجبه على الاتفاق، يطالب طهران بعدم تطوير صواريخ أعدت لتحمل رؤوسا نووية.

3- الملالي يمول الفوضى
السبب الثالث، أرجعه ترامب في خطابه إلى قيام نظام الملالي بتمويل الفوضى في المنطقة، فلا يخفى دوره المقوض للاستقرار في سوريا واليمن، ومؤامراته الداعمة لمليشيا الحوثي الانقلابية وما يسمى “حزب الله” الإرهابي، إذ يستخدمها كأدوات لتنفيذ مخططاته التي لا تعرف سوى لغة التهديد لا حسن الجوار.

4- مواصلة تخصيب اليورانيوم
كان أحد أهداف الاتفاق النووي الإيراني هو الحد من تخصيب طهران لليورانيوم، ودفعها إلى الكف عن أنشطتها النووية المهددة لاستقرار المنطقة.
وكشف ترامب عن السبب الرابع لاتخاذه قراره التاريخي، بقوله: “الاتفاق النووي سمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم، واقتربت من الحصول على القنبلة النووية، وإيران لم تفعل شيئا أخطر من السعي للحصول على أسلحة نووية”.

5- رعاية الارهاب
ترامب حدد السبب الخامس بالإشارة إلى أن “النظام الإيراني هو الراعي الأساسي للإرهاب ويصدر الصواريخ ويشعل النزاعات في الشرق الأوسط، ويدعم الإرهابيين والوكلاء مثل مليشيا الحوثي و حزب الله وطالبان والقاعدة، ودلل ترامب على حديثه بالقول: “النظام الإيراني قام بتمويل الفوضى والإرهاب من خلال استغلال ثروات شعبه ولا شيء أخطر من سعي النظام الإيراني للحصول على سلاح نووي”.

ورأى أن “الاتفاق النووي رفع عقوبات كاسحة عن إيران مقابل قيود ضعيفة جدا على أنشتطها السرية لتخصيب اليورانيوم، ولم تكن هناك قيود على أنشتطها الشريرة في أماكن أخرى مثل سوريا واليمن وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم”.

6- صفقة كارثية
السبب السادس الذي اختاره ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، فجاء في وصفه بأنه “صفقة كارثية منحت هذا النظام، وهو نظام قائم على الإرهاب مليارات الدولارات البعض منها نقدا، ما يحرجني كمواطن أمريكي ويحرج كل المواطنين الأمريكيين”.
واستطرد: “لدينا اليوم دليل مؤكد أن هذا الوعد الإيراني كان كذبة، وهذه الاتفاقية ما كان يجب أن تتم على الإطلاق”.

7- نمو ميزانية طهران العسكرية
الرئيس الأمريكي في خطاب كشف عن حجم الميزانية العسكرية لإيران، إذ قال في معرض حديثه عن السبب السابع لقراره: إنه “منذ التوقيع على الاتفاقية فإن الميزانية العسكرية الإيرانية نمت بنسبة 40% تقريبا بينما الاقتصاد الإيراني يعاني من صعوبات”.

وأضاف: “استخدمت الديكتاتورية الإيرانية التمويل الجديد بعد رفع العقوبات في بناء صواريخ قادرة على حمل الأسلحة النووية، ودعمت الإرهابيين وسببت فوضى في الشرق الأوسط وخارجه والشرق الأوسط كان على حافة امتلاك سلاح نووي”.

8- سباق التسلح النووي
كشف ترامب خلال خطابه أن السبب الثامن لقراره يتعلق بأن “الاتفاق النووي لا يقيد أنشطة إيران التي تزعزع الاستقرار بما فيها دعم الإرهاب”.
وزاد على حديثه بالقول: إنه “إذا سمح باستمرار اتفاق إيران، فسوف ينشب قريبا سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط”.

إيرانيون يرحبون :
فيما أعرب نشطاء إيرانيون غاضبون من سياسات طهران التخريبية بالمنطقة، عن ترحيبهم بقرار واشنطن بالانسحاب من الاتفاق النووي المبرم بين طهران وقوى عالمية منذ 2015.
وعبر هاشتاق ThankYouTramp، أو شكرا ترامب أشار آلاف الإيرانيين في الداخل والخارج من الساعين للخلاص من قمع واضطهاد خامنئي ونظامه لهم على مدار عقود، أن القرار الأمريكي الجديد بمثابة آخر مسمار في تابوت الملالي خاصة في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية، والاجتماعية، وتزايد رقعة الاحتجاجات والإضرابات العمالية في البلاد مؤخرا.

وكتب حساب يدعى “مهرداد”، أن قرار ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، كان المسمار الأخير في تابوت النظام الإيراني.
وغرد حساب إيراني آخر يدعى “بريناز”، قائلا: ” شكرا لقراركم العقلاني.. إنها خطوة كبيرة للتصدي للإجراءات العدائية لإيران ورعايتها للإرهاب”.

واعتبرت الناشطة الإيرانية سحر إبراهيمي أن الاتفاق النووي مع نظام الملالي الديكتاتوري كان “وصمة عار”، مؤكدة أن الشعب الإيراني سيعاود الاحتشاد في الشوارع والميادين مجددا، داعية دول العالم إلى دعم مطالب الإيرانيين الطامحين للتخلص من نظام الملالي”.

وفي السياق ذاته، هاجم مغردون إيرانيون أنشطة مليشيات الحرس الثوري الإيراني التخريبية بعدد من دول المنطقة، من بينها سوريا والعراق، معتبرين أن القرار الأمريكي يستهدف تجفيف منابع دعم وتمويل تلك المليشيات ومحاصرتها، في ظل هيمنتها على مجريات القرار في البلاد.

السخرية أيضا كانت حاضرة في الهاشتاق الذي لاقى انتشارا واسعا على موقع تويتر، حيث لفت البعض إلى تدهور سوق الصرف الأجنبي في البلاد، بعد وصول الدولار إلى نحو 7000 تومان إيراني، وإغلاق الصرافات أبوابها أمام المتعاملين لقلة المعروض من العملة الخضراء، في الوقت الذي تهرب الاستثمارات الأجنبية خارج البلاد وسط سيطرة من نظام الملالي على موارد الشعب الإيراني لصالح مغامراته العسكرية
وأظهر استفتاء أجراه فرهاد فرحزاد، المذيع الإيراني بالقسم الفارسي في هيئة الإذاعة البريطانية عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر، رضا نسبة كبيرة من الإيرانيين عن قرار ترامب إزاء الاتفاق النووي، قبل أن يتلقى هجوما من حسابات تابعة للملالي رافضة النتيجة الصادمة.

المعارضة الإيرانية ترحب :
بدورها أكدت زعيمة المعارضة الإيرانية السيدة مريم رجوي، أن الخلاص من الخطر النووي والإرهاب الناجمين عن النظام الإيراني مرهون بالخلاص من النظام برمته، مشيرة أن نظام ولاية الفقيه لا وجود له دون الإرهاب والقمع وأسلحة الدمار الشامل.

وقالت رجوي: أي رهان على هذا النظام في المستقبل سيكون عقيماً ومحكوماً عليه بالفشل كما كان سابقاً، ومثلما قالت المقاومة الإيرانية دوماً، فإنه بمثابة الوقوف بجانب الملالي مصاصي الدماء وتعزيز الآمرين والمنفذّين لقتل خيرة أبناء الشعب الإيراني وتشجيع نظام الإرهاب الحاكم باسم الدين على إثارة الحروب وتصدير التطرف والإرهاب.

وأوضحت زعيمة المعارضة الإيرانية أن مطلب عموم الشعب الإيراني، ومثلما أظهرته انتفاضة ديسمبر الماضي، هو الخلاص من الاضطهاد والاستبداد الديني، لافتة إلى أن التغيير الديموقراطي في إيران أمر لا بدّ منه وأن إيران الحرّة تلوح في الأفق.

وأضافت: إنهاء النظام الديكتاتوري الإرهابي الحاكم باسم الدين في إيران أمر ضروري للسلام والديموقراطية والأمن والاستقرار في المنطقة، وهذا هو الطريق الوحيد لوقف الحروب والأزمات في المنطقة والحول دون وقوع حرب أوسع.

مواجهة خطر ايران :
قال وزير الخارجية عادل الجبير، إننا “نؤيد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي، وندعم قرار إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، وسنستمر بالعمـل مـع شركائنا لمعالجة خطر سياسات إيران العدائية”.
وأضاف الجبير في تغريدتين على تويتر: إن “إيران استغلت رفع العقوبات لتعزيز أعمالها المزعزعة لاستقرار المنطقة، ودعمها لجماعات إرهابية في منطقتنا بما في ذلك ما يسمى حزب الله وميليشيا الحوثي”.

فيما شدد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى واشنطن الأمير خالد بن سلمان على أن الاتفاق النووي مع إيران يدفع المنطقة إلى الكارثة، ومكنها من التوسع العدواني في المنطقة؛ مدعومةً بأيديولوجيتها المتطرفة، مؤكداً تايد المملكة للإجراءات التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الاتفاق النووي، مشيراً إلى إن المملكة كانت لديها تحفظات كبيرة بشأن موعد انتهاء بعض بنود الاتفاقية، وبرنامج إيران الصاروخي، ودعمها الإرهاب في المنطقة.

وقال الأمير خالد بن سلمان عبر تغريدات في حسابه على “تويتر”: إن هذا الاتفاق يدفعنا نحو كارثة، فقد مكن الاتفاق إيران من التوسع العدواني في المنطقة مدعوماً بأيديولوجيتها المتطرفة، كما أنفق النظام الايراني الأموال التي حصل عليها من الاتفاق على الإرهاب وإشعال الصراعات الطائفية والفوضى في المنطقة.

وأشار إلى إنه منذ توقيع الاتفاق، وبدلاً من التصرف كعضو مسؤول في المجتمع الدولي، قام النظام الإيراني بمضاعفة دعمه للإرهاب من خلال تزويد الجماعات الإرهابية بالأسلحة كالصواريخ الباليستية التي زودت بها الحوثيين في اليمن لاستهداف المدنيين في المملكة.

الى ذلك أكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، أنه يؤيد مراجعة الاتفاق النووي الإيراني غداة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب منه.
وقال أبو الغيط في تصريحات وزعها مكتبه في القاهرة، وأدلى بها في تونس حيث يشارك في المؤتمر العام للمنظمة العربية للعلوم والتربية والثقافة (اليسكو)، إن هناك حاجة لمراجعة اتفاق خطة العمل المشتركة التي أبرمتها قوى دولية مع إيران لمراقبة أدائها النووي

الاتفاق هدد امن المنطقة :
بدوره أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، أن المنظمة كانت تأمل في أن يؤدي توقيع الاتفاق النووي الإيراني إلى جعل منطقة الشرق الأوسط أكثر استقرارا وهدوءا، إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل بل استخدم ذلك الاتفاق على عكس المأمول منه، وبما يتعارض وروح الاتفاق ومن ذلك تطوير الصواريخ الباليستية ودعم الإرهاب.

وأضاف العثيمين، في بيان صحفي أصدرته المنظمة، امس قائلا: “في إشارة إلى قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، على أهمية أن يؤدي قرار الولايات المتحدة الأمريكية إلى معالجة الخطر الذي تشكله سياسات إيران على أمن واستقرار الدول الإسلامية، وأن يكون رسالة مهمة لمعالجة كل أشكال التدخلات في الشؤون الداخلية للدول، التي سبق للأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي إدانتها خاصة ما يتعلق بدعم الحوثيين ومدهم بالصواريخ الباليستية”.

وفى السياق أعلن اليمن تأييده لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، مؤكدا أن سلوك إيران في المنطقة خطير ويجب أن يتوقف.

وقالت وزارة الخارجية، في بيان، : “ترحب الجمهورية اليمنية وتؤيد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بإنهاء مشاركة الولايات المتحدة في خطة العمل المشتركة الشاملة في الاتفاق النووي الإيراني.

وأضاف بيان الخارجية أن “اليمن يدرك أن الاتفاق النووي مع إيران قد فشل في حماية المصالح الحيوية ليس فقط للولايات المتحدة الأمريكية ولكن أيضا لحلفائها وشركائها في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن”.
وأوضح البيان أن”النظام الإيراني استغل الفوائد التي حصل علينا من الاتفاق النووي، وعمل على تصدير العنف والإرهاب إلى جيرانه في المنطقة، في إطار أجندته وأطماعه التوسعية الخبيثة في المنطقة”.

وتابع: “لا تزال قوات الحرس الثوري الإيراني تقوم بدعم وتسليح الحوثيين في اليمن بصواريخ متطورة وتكنولوجيات أخرى بما في ذلك الطائرات بدون طيار والألغام البحرية والقوارب المتفجرة التي لا تهدد استقرار وأمن المنطقة فحسب، بل تهدد أيضا حرية الملاحة في البحر الأحمر”.

وأشارت الخارجية اليمنية إلى أن “سلوك إيران الخطير والمزعزع للاستقرار يجب أن يتوقف من أجل أن يسود السلام في المنطقة”.
واعتبر اليمن أن قرار الرئيس ترامب اليوم هو “خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح لمنع إيران من زعزعة أمن واستقرار المنطقة”.

اهتمام اعلامي :
فيما وجد قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الموقع مع ايران صدي واسعة لدي الصحافة الامريكية، حيث
رأت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران يهدف حقيقة إلى تغيير النظام في طهران، فيما رأت صحيفة “نيويوك بوست” أنه يهدف إلى وقف مسيرة الشر الإيرانية.

واعتبرت نيويورك تايمز أن خطوة ترامب كانت متوقعة وأنها لا تتعلق بالأسلحة النووية بقدر ما تتعلق بعدم الاعتراف بالنظام الإيراني وضرورة إزالته.
وأشارت إلى أن ترامب وفريقه اعتبرا أن الاتفاق الموقع عام 2015 أعطى شرعية للقيادة الإيرانية وفتح أسواق العالم أمام صادراتها النفطية، ما أدى إلى حصولها على الأموال اللازمة لدعم مغامراتها في سوريا والعراق واليمن.

وقالت: والآن بإعلانه الانسحاب من الاتفاق وإعادة العقوبات على إيران والشركات التي تتعامل معها فإن الرئيس ترامب يكون قد بدأ بعملية في غاية الخطورة.
وأضافت: من الواضح أن الرئيس ترامب وشركاءه يراهنون على أنهم بإمكانهم إغلاق مصدر الحياة الاقتصادي لإيران ما سيؤدي إلى انهيار النظام… لكن في الوقت نفسه قد تؤدي تلك الخطوة إلى استئناف إيران لبرامجها النووية رغم أن ترامب يعتقد أنها لا تملك القوة الاقتصادية لمواجهة الولايات المتحدة ورغم إدراك إيران، أن أية خطوة تتعلق بإنتاج سلاح نووي قد تتسبب بعملية عسكرية أمريكية -إسرائيلية كبيرة.

وأعربت الصحيفة عن اعتقادها بأن انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي أعاد منطقة الشرق الأوسط على وضع عام 2012

من جهتها نشرت صحيفة “نيويورك بوست” مقالاً بعنوان : لماذا كان الرئيس ترامب محقًا تمامًا في قتل الاتفاق النووي الإيراني” قائلة: “إن هذه الخطوة وقرار إعادة العقوبات الاقتصادية يشكلان رسالة واضحة لنظام الملالي الإيراني، بعد أن شعر بأن الاتفاق شجع إيران على زرع الحروب والفتن في المنطقة وتوسيع نفوذها على حساب حلفاء الولايات المتحدة.
وأضافت: من الواضح أن الرئيس ترامب يدرك أنه من الأفضل وقف إيران الآن قبل أن تواصل توسيع نفوذها وتزداد قوة…وعليه الآن أن يتابع هذا العمل ليس من خلال إعادة فرض العقوبات فحسب بل العمل بقوة لوقف مسيرة الشر الإيرانية.”

عقوبات فورية :
بدروه أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون أن العقوبات على إيران ستسري فوراً.
وقال بولتون: إن الرئيس دونالد ترامب وقع مذكرة تأمر الوكالات بإعادة فرض كل العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني التي علقها أوباما.
فيما قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، تعليقا على انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، إن الولايات المتحدة ستعمل مع حلفائها لإيجاد حل دائم وشامل وحقيقي للتهديد النووي الإيراني.

وأضاف بومبيو، في بيان: “بينما نغادر الاتفاق الإيراني فإن لدينا مصلحة مشتركة مع حلفائنا في أوروبا وحول العالم لمنع إيران للأبد من تطوير سلاح نووي”.
وأوضح أن جهود الولايات المتحدة ستشمل “القضاء على تهديد برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، وكبح نشاطاتها الإرهابية حول العالم، ومنع نشاطاتها الخطيرة عبر الشرق الأوسط وغيره”.

وشدد بومبيو على أن الولايات المتحدة ستنفذ العقوبات الأمريكية على إيران، قائلًا: “أثناء بنائنا هذا الجهد العالمي، ستدخل العقوبات حيز التنفيذ لتذكير النظام الإيراني بالعزلة الدبلوماسية والاقتصادية التي نتجت عن نشاطها المهمل والشرير”.

من جهته ، أكد مستشار الأمن القومي الأمريكي، أن القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي سيكون له تداعيات أوسع على الأمن القومي الأمريكي، موضحا أنه”يرسل رسالة إلى الرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون قبل اجتماعه مع الرئيس ترامب، بأن الولايات المتحدة لن تقبل الصفقات غير الكافية”.

وتابع: “القرار واضح للغاية ، إنه بيان حازم عن العزم الأمريكي على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، وأيضا القدرة على إطلاق الصواريخ الباليستية، كما أنه يحد من دعمها المستمر للإرهاب، وتسببها في عدم الاستقرار والاضطرابات بالشرق الأوسط، وأعتقد أن الرئيس ترامب حدد أيضا الخطوات التالية”.

وكشف وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين أن من المقرر إلغاء التراخيص الممنوحة لشركتي بوينغ وإيرباص لبيع طائرات ركاب إلى إيران، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015.

وقال ترمب: إنه سيعيد فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران جرى رفعها بموجب الاتفاق الذي انتقده بشدة.

وكانت شركة الخطوط الجوية الإيرانية (إيران آير) طلبت 200 طائرة ركاب، من بينها 100 طائرة من إيرباص و80 من بوينغ إلى جانب 20 طائرة من إيه.تي.آر الفرنسية الإيطالية لصناعة المحركات المروحية. وتتوقف جميع الصفقات على التراخيص الأمريكية نظرا للاستخدام الكثيف للمكونات الأمريكية في الطائرات التجارية.
وفي ديسمبر 2016، اتفقت بوينج على بيع 80 طائرة بقيمة 17 مليار دولار بالأسعار المعلنة إلى شركة إيران آير بموجب اتفاق بين طهران والقوى العالمية الكبرى على إعادة فتح التجارة مقابل تقييد أنشطة إيران النووية.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية، التي تنظم تراخيص الصادرات، إن الولايات المتحدة لن تسمح بتصدير طائرات الركاب التجارية والمكونات والخدمات إلى إيران بعد فترة 90 يوما.
وأبلغ منوتشين الصحفيين قائلا سيتم إلغاء تراخيص بوينج و(إيرباص) فبموجب الاتفاق الأصلي كانت هناك إعفاءات للطائرات التجارية والمكونات والخدمات، وستُلغى التراخيص القائمة».
وبعد فترة 90 يوما التي تنتهي في السادس من أغسطس، قالت وزارة الخزانة أيضا إنها ستلغي ترخيصا يسمح للشركات الأمريكية بالتفاوض على صفقات تجارية مع إيران.
وقال مصدر مطلع على الصفقة إنه كان من المفترض أن يسري ترخيص بوينغ حتى سبتمبر 2020.

مشكلات اقتصادية :
الى جانب ارتفاع معدلات الفقراء وتفشي البطالة وتدهور سعر العملة الايرانية، ثمة مؤشرات تدلل على أن “ملالي طهران” هم من استفاد فقط من قرار رفع العقوبات الدولية الذي وقع في يوليو 2015 .
وقالت شبكة الأنباء الأمريكية “بلومبرج” في تقرير سابق: إن حكومة طهران فشلت في تحقيق النمو الاقتصادي؛ ما أدى إلى اتساع معدلات الفقر الناجمة عن الظروف الاقتصادية السيئة.
وكانت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية، قالت في تقرير إن التقديرات تجمع على صعود قوي للتضخم الأسابيع المقبلة، ما يدفع إلى مزيد من تدهور العملة المحلية –الريال- وسط عجز حكومي في التوصل إلى حلول بصدد المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.

وواصل سعر الدولار صعوده في سوق النقد الأجنبي الحرة ليقفز فوق 7000 تومان إيراني. وكان وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي قد أشار الى التفشي الصارخ للبطالة في بلاده، وسط قلق متصاعد في طهران، مع وصول بعض المدن إلى معدل بطالة نحو 60% من القوة العاملة من المقيمين فيها.
وتؤكد معطيات أن هذه الأعباء الاقتصادية التي يتحملها الاقتصاد الإيراني، تأتي كنتيجة مباشرة لتمويل أنشطة مليشيا الحرس الثوري التخريبية في عدد من دول المنطقة، ما أثر بشكل مباشر على الأوضاع المعيشية للمواطنين الذين خرجوا في احتجاجات غير مسبوقة مطلع يناير الماضي، ضد نظام الملالي.

ورفعت إيران في ميزانية عام 2018، مخصصات الحرس الثوري إلى 7.6 مليار دولار، مقارنة بـ 4 مليارات دولار في السابقة في الوقت الذى استبعدت فيه 30 مليون فرد من الدعم، مقابل رفع أسعار الطاقة (البنزين على وجه الخصوص)، بنسب تصل إلى 50%.
وتمثل “خاتم الأنبياء” الجانب الخاص بالاقتصاد في الحرس الثوري الذي يعد قوة اقتصادية موازية للحكومة، إذ يسيطر على مشاريع كبرى في مجالات النفط والغاز والنقل والطرق والسدود والاتصالات وحتى إنشاء الجامعات وتمويلها وإدارتها، وذلك منذ أن تأسيسه عام 1979.

وتقول تقارير: “استغل ملالي طهران المنافع الاقتصادية لعائدات رفع العقوبات في نشر الفوضى بالمنطقة وتطوير الصواريخ الباليستية وتزويد المليشيات الإرهابية بالأسلحة المتقدمة”.
وفي أواخر العام 2017 فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شبكة تتألف من أشخاص وشركات إيرانية لتزييف الريال اليمني؛ لدعم مليشيا الحرس الثوري الإيراني.
هذا فيما منيت العملة الإيرانية بخسائر تاريخية بعد قرار الولايات المتحدة الأميركية الانسحاب من الاتفاق النووي.

وفور توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرار الانسحاب هبط الريال الإيراني إلى مستوى تاريخي جديد عند 80 ألف مقابل الدولار، ليقفز الدولار بنحو 5000 ريال
عقلية عدوانية:
في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، قال خبير الشؤون العسكرية البريطاني كون كوجلين إنه منذ توقيع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على الاتفاق أصبحت طهران تشكل “تهديدًا عالميًا”.

وأشار كوجلين في مقاله المنشور على صحيفة “تليجراف” البريطانية، إلى أنه عندما استثمر أوباما الكثير من رأس ماله السياسي الشخصي في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران قبل 3 سنوات، كان هناك توقع بأن الإيرانيين سيسعون إلى إقامة علاقات بناءة
ورأى الكاتب أن الاتفاق أتاح فرصة لطهران لتغيير المسار وتبني عقلية أكثر إيجابية في تعاملها مع العالم الخارجي، مضيفًا أن أوباما بالتأكيد اعتقد أن هذا هو الحال، مما قد يفسر أسباب حرصه على منح الإيرانيين اتفاقًا جيدًا.

وقال كوجلين: إن أوباما صدق ما قاله مفاوضو إيران عندما اقترحوا أن الاتفاق يمكنه أن يضع الأسس لمشاركة أوسع بين البلدين، مما قد ينهي أكثر من 30 سنة من الكراهية المتبادلة، ولكن ما حدث هو النقيض.
ولفت الأنظار إلى أن الإيرانيين كثفوا عداءهم تجاه الغرب وحلفائه، لدرجة أن فكرة أن طهران ربما تكون مهتمة بالحفاظ على إجراء حوار بناء تبدو الآن مثيرة للضحك.

كوجلين أوضح كذلك أنه إذا كان الرئيس الإيراني حسن روحاني مهتمًا حقًا بتعزيز علاقات أفضل ما كان سيسمح للسفن الحربية الإيرانية بمضايقة الأسطول الخامس الأمريكي، وما كان سيستمر في دعم الحوثيين في اليمن، وما كان سيتسامح مع التكديس الهائل للأسلحة الذي قام به الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان حيث خزن الآن آلاف الصواريخ.
وأكد كوجلين على استحالة أن تكون تلك أفعال دولة راغبة في مشاركة “بناءة” مع العالم الخارجي وإنما هو دليل على رغبة إيران في الحفاظ على موقفها العدواني مع النية الصريحة في التمسك بأحد المبادئ الرئيسية لنظام الملالي.

نمر من ورق:
سلطت وسائل اعلام عالمية الضوء على در فعل الإيرانيين حيال الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي، وكان المشهد الاكثر تصدراً للتغطيات تلك الوسائل، احراق نواب في البرلمان علما أميركيا ونسخة رمزية من الاتفاق النووي، وسط هتافات جماعية من أعضاء المجلس للشعار الشهير، “الموت لأميركا”.
فالمشاهد التي نقلت من قاعة البرلمان الإيراني عبرت بوضوح عن الرد المرتقب من طهران على انسحاب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من الاتفاق النووي

ودأب النظام الإيراني، منذ استيلاء الخميني على السلطة بعد تسلق الثورة الشعبية عام 1979، على استخدام هذه الشعارات الشعبوية والحركات الاستعراضية، للرد على الضغوط الغربية.
وبعد التهديد والوعيد لواشنطن في حال انسحبت من الاتفاق النووي، لم تجد طهران ردا أقوى على قرار ترامب سوى هذه الحركات الاستعراضية التي تؤكد أن النظام الإيراني في “معركته” الوهمية ضد الغرب ليس إلا “نمرا من ورق”.

وعكست أيضا عناوين الصحف الإيرانية التخبط الذي تشهده طهران بسبب عدم قدرتها على الرد، فانقسمت، في إطار لعبة تقاسم الأدوار المعهودة بين أركان نظام الملالي، بين من أملت باستمرار الاتفاق والمحافظة عليه، وأخرى دعت إلى رد أكثر تشددا.
وعنونت صحيفة “اعتماد” “الاتفاق النووي بدون مثير المتاعب”، مستعيدة تغريدة للرئيس حسن روحاني قال فيها إن طهران “توصلت إلى قناعة قبل عدة أشهر بان ترامب لن يلتزم بتعهداته الدولية”، مضيفا أن “بقاء إيران ضمن الاتفاق النووي رهن بتحقيق مصالح الشعب”.

وأما صحيفة “افتاب” الإصلاحية، فأشادت بــ”القرار المنطقي لطهران” بالاعتماد على الأوروبيين وروسيا والصين من أجل مواجهة قرار ترامب، بينما عنونت صحيفة “إيران” الحكومية “الاتفاق النووي بدون الكائن المزعج”.

وإذا كانت الصحف، التي يصفها الإعلام الغربي بـ”الإصلاحية”، استعادت خطاب روحاني الذي يأمل باستمرار الاتفاق النووي بمساعدة الأوروبيين وروسيا والصين، فإن الصحف المحافظة اعتمدت لهجة أكثر صرامة.

وكتبت صحيفة “كيهان” المتشددة “ترامب مزّق الاتفاق النووي وآن الأوان لنقوم بحرقه”، ويبدو أن اعضاء البرلمان استجابوا بالفعل لهذا النداء ولكن بحركة استعراضية لا أكثر، فالنظام بدا متمسكا بالاتفاق ويعول على أوروبا والصين وروسيا لإنقاذه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *