لندن ـ رويترز
بدا أن المثل القديم الذي يقول ..ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ..قد تحقق في سوق النفط هذا الاسبوع حيث تسبب تراجع الطلب في انخفاض السعر أكثر من ١٥ دولارا غير أن العوامل التي تقيد الامدادات في المدى البعيد قد تحافظ على حماس المستثمرين .
ويقول من يتوقعون صعود الأسعار إن الارتفاع القياسي الذي دفعها إلى أعلى من ١٤٧ دولارا للبرميل الاسبوع الماضي أمامه طريق طويل وإن الأمر سيستغرق سنوات لتعويض النقص المزمن في الاستثمارات لجلب إمدادات جديدة إلى الاسواق .
ويقول آخرون إن الأسعار التي انخفضت دون ١٣٠ دولارا للبرميل الخميس الماضي قد بلغت مستوى من شأنه التأثير بدرجة ملحوظة على الطلب .وقال ريتشارد باتي من مؤسسة ستاندرد لايف انفستمنتس \" نعتقد أن الزيادة بنسبة ١٠٠ في المئة في سعر النفط على مدى العام الفائت غير قابلة للاستمرار في المستقبل .\" وفي حين أن النفط الرخيص بات شيئا من الماضي ..إلا أن أسعار النفط قد تكون أكثر تقلبا ..تنخفض وترتفع مع دورة الأعمال في السنوات القادمة .\"
وجرى تداول عقود النفط الآجلة للتسليم حتى ديسمبر ٢٠١٦ فوق ١٤٠ دولارا للبرميل ولا تزال فوق ١٣٠ دولارا للبرميل فيما يشير ضمنا إلى أن الأسعار ستظل مرتفعة .
وتوقع جولدمان ساكس وهو أحد أنشط بنوك الاستثمار في أسواق السلع الاولية إمكانية وصول الاسعار إلى ٢٠٠ دولار للبرميل وقال الملياردير تي .بونبيكينز الذي ينشط بقطاع النفط هذا الشهر إن الاسعار لن تنزل مطلقا عن ١٠٠ دولار للبرميل .
لكن تداعيات ارتفاع الاسعار فوق ١٠٠ دولار وآثار أزمة سوق الائتمان العالمية تتسرب إلى الاقتصاد الأوسع .
وقال راث ستروبيانا الخبير لدى مؤسسة التصنيف الائتماني موديز \" تسبب ارتفاع أسعار الطاقة في تآكل القوى الشرائية للأسر ودفع تكاليف الانتاج للصعود مما ضغط على تدفق الايرادات وهوامش الربح .
\" يتوقع ان تمحو المخاوف بشأن سلامة الاقتصاد الأمريكي والاقتصادات الأوروبية الكبرى بعض الزيادات الناجمة عن المضاربة الموجودة حاليا في اسعار أغلب السلع لاسيما النفط .\"
ومن غير المتوقع خروج مستثمرين مثل صناديق التقاعد وشركات التأمين الذين يميلون للشراء طويل الأجل من السوق بشكل جماعي .وزاد نصيب هذه المؤسسات في مؤشرات مكونة من سلال من السلع خاصة النفط إلى ما يقدر بنحو ٢٧٠ مليار دولار .
وبالنسبة لهؤلاء لا تزال السلع الاولية مغرية كوسيلة لاحداث توازن في محافظهم في مواجهة ضعف الدولار الأمريكي ونمو التضخم وضعف الأسهم .
وتحول مؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠ إلى سوق مضاربة على الهبوط يوم الأربعاء الماضي عندما تراجع أكثر من ٢٠ بالمئة عن مستوى اغلاقه القياسي المرتفع في اكتوبر من العام الماضي .
وعلى النقيض من ذلك حقق مؤشر جي .إس.سي.آيللسلع الذي تصدره ستاندرد آند بورز والذي يتأثر كثيرا بالنفط مكاسب بلغت ٤١٫٤ بالمئة في النصف الأول من العام .وفي الوقت ذاته كان مؤشر ستاندرد آند بورز ٥٠٠ للأسهم منخفضا بأكثر من ١٢ بالمئة بحسب بيانات جمعتها رويترز .
وقال ايفان سميث من جلوبل انفستورز اِلأمريكية \" أعتقد أن ضعف أسواق الأسهم قد جذب مستثمرين يفضلون الاستثمار طويل الأجل إلى سوق النفط الآجلة .\" غير أن المضاربين للأجل القصير قد يغادرون السوق ويقول البعض إن الخسائر قد تكون هائلة .
وقال تيم ايفانز المحلل لدى سيتي فيوتشرز برسبكتيف \" سيكون البائعون أكثر نشاطا بمجرد أن يتوقعوا هبوط السوق .
\" من الصعب تحديد ما إذا كان بامكاننا الارتفاع قليلا فوق الحافة قبل أن تهبط السوق بشكل حاد أو ما إذا كانت قد ارتفعت بالفعل إلى أعلى مستوى يمكنها الوصول إليه .\"
والأشياء التي تسهم في انخفاض الأسهم مثل التباطؤ الاقتصادي وضعف نمو أرباح الشركات يمكن أن تسهم في النهاية أيضا في انخفاض النفط حيث يشعر المستهلكون والشركات بالضغوط ويخفضون الطلب .
وقال مايكل لازنيكا الرئيس التنفيذي لمؤسسة إدارة الأصول جاردنر فاينانس \" النفط ليس رهانا على المكسب فقط .إنه متقلب وعرضة لفهم ومعنويات المستثمرين \" كلما ارتفع ..زادت المخاطر على المستثمرين .\"
وحتى الطلب من الاقتصادات الصاعدة التي تقودها الصين والهند والذي حفز الارتفاع القياسي في سعر النفط قد لا يكون في منعة من آثار التباطؤ الاقتصادي المتزايد بالولايات المتحدة .
وقال باتي من مؤسسة ستاندرد لايف انفستمنتس \" الضعف في الولايات المتحدة يتسرب حاليا إلى أوروبا واليابان وأجزاء من العالم الصاعد بعواقب ملموسة على الطلب .\"
وفي أعقاب الأزمة النفطية في السبعينات تحولت اليابان من أحد أكبر الاقتصادات كثيفة استهلاك النفط إلى أحد أكثرها كفاءة في استهلاك الوقود في العالم .
وأضاف باتي \" تتزايد الضغوط على السلطات الصينية لاقتفاء أثر اليابان عندما كانت تشهد تحولا سريعا إلى دولة صناعية .
\" إذا تكررت توجهات مثل هذه في أنحاء العالم النامي ..فقد يتغير ميزان العرض والطلب بشكل جذري في السنوات القادمة .