جدة ــ البلاد
ارتفعت حدة التفاؤل بنهاية قريبة للحرب في اليمن، وإنهاء سنوات من الفوضى بعد ساعات فقط من اندلاع اشتباكات بين قوات المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح ومليشيات الحوثي مالبثت ان اتسعت لتتحول انتفاضة ضد الميليشيات الحوثية المدعومة ايرانياً .
مكاسب :
وحققت الانتفاضة ضد مليشيا الحوثي سلسلة سريعة من المكاسب في صنعاء وعدد من المحافظات القريبة، وفي إشارة إلى “صفحة جديدة” تنتظر اليمن قال صالح إن “زمن المليشيات انتهى، ولا تعايش بعد اليوم بين الدولة والدويلة”، وإنه على المستوى الخارجي فإن “الفضاء الطبيعي لليمن هو الفضاء الخليجي”.
وارجع صالح في حوار مع صحيفة “الراي” الكويتية امس “الأحد” سبب إنهائه لتحالفه الذي دام 3 أعوام مع مليشيا الحوثي الموالية لإيران إلى أن المشروع الحوثي اتضح أنه يستهدف وحدة اليمن بالكامل.
واضاف قائلاً “تحملنا الكثير من الحوثي لكننا فضلنا سلوك طريق التفاهم، أما وقد كان الخيار أمامنا بين حماية الدولة والمؤسسات وأرواح أهلنا في كل اليمن وبين استمرار النهج المليشيوي، فلا بد أن نفعل ما فعلناه لأن التاريخ لا يرحم”.
واتهم الحوثيين بأنهم سبب رئيسي من أسباب ما يعانيه اليمن “فهم ينتقمون من الثورة والجمهورية والوحدة”
وتعهد صالح بإنه إذا استجابت دول التحالف لدعوته التي اطلقها امس الاول بفتح صفحة جديدة فإنه سيشرع مباشرة في التفاوض عبر سلطة شرعية ممثلة بمجلس النواب، والقضاء على المليشيات من أي طرف كانت حوثية أم غيرها، ثم العمل على مرحلة انتقالية.
وفي هذا الاتجاه شدد على أن “فضاءنا الطبيعي هو الفضاء الخليجي… مهما حصلت تباينات مع دول الخليج فلابد من الاتفاق والتعاون”
اشتباكات:
فيما تجددت المواجهات بين قواته ومليشيات الحوثي الإيرانية شرقي العاصمة صنعاء، سيطرت خلالها قوات حزب المؤتمر الشعبي على مدينة البيضاء وسط اليمن.
وعززت قوات المؤتمر الشعبي وجودها سيما في محيط المنشآت الحيوية والوزارات والمباني الحكومية. وأحكمت القوات سيطرتها على المدخل الشمالي للعاصمة عند منطقة الأزرقين، وكذلك على المواقع الاستراتيجية جنوب العاصمة، كما عززت وجودها في وزارة الداخلية والدفاع ومعسكر النجدة والمطار الدولي.
وأفادت مصادر طبية وعسكرية، بمقتل أكثر من 100 شخص في اشتباكات صنعاء، معظمهم من ميليشيات الحوثي الإيرانية، فيما تدور اشتباكات بين المليشيا ورجال القبائل في مديرية الخمر بمحافظة عمران. ونقل موقع “المؤتمر نت” الناطق باسم حزب صالح، عن مصدر مسؤول إن قوات الحرس الجمهوري ورجال القبائل، سيطروا على جميع المنشآت والمباني الحكومية، في محافظة المحويت (غرب صنعاء)، وأقسام الشرطة والحواجز الأمنية التابعة لميشيا الحوثيين
وأضاف المصدر – فضل عدم كشف هويته لاعتبارات أمنية- “الوضع تحت السيطرة بشكل كامل، والمواطنون في كل مكان يشكلون أطواقًا أمنية على مناطقهم في جميع الطرقات الرئيسة؛ لمنع دخول أو خروج أي عربات (أطقم) أو سيارات حوثية.
وفي مدينة البيضاء (وسط)، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، قال مصدر محلي إن القوات صالح انتشرت في المدينة وسيطرت عليها بشكل كامل دون معارك.
غارات :
وشنت طائرات التحالف العربي لدعم الشرعية 5 غارات على مواقع تمركز ميليشيات الحوثي في عدد من المرتفعات جنوب صنعاء منها تلال الريان المطلة على حي حدة.
وكان الحوثيون يتمركزون فيها وفي منطقة حزيز بالقرب من معسكر قيادة قوات الحرس الجمهوري حيث تشير المصادر إلى وجود مجموعات من ميليشيات الحوثي في المنطقة إضافة إلى منطقة الحصن في بيت بوس جنوب العاصمة.
وكان التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، قد أعلن في وقت سابق أنه يتابع كافة الأوضاع الجارية على الساحة اليمنية
وأكد الناطق الرسمي باسم الجيش اليمني العميد الركن عبده مجلي، أن الجيش مستمر في معركته لدحر مليشيا الحوثي.
وأفاد “مجلي” في تصريح نشره موقع “26 سبتمبر” التابع للقوات المسلحة اليمنية إلى أن تطور العلاقة طبيعي أن يصل إلى مرحلة الاقتتال بسبب أن مليشيا الحوثي لا تقبل بالآخر.
وتمكن الجيش اليمني من استكمال تحرير سلسلة جبال الحمراء وتبة السلطاء الجمعة الماضية، ومحاصرة تبة القناصين الاستراتيجية. اليمن قبل قرابة ثلاث سنوات.
اعتراف :
واعترفت مليشيا الحوثي الموالية لإيران بانشقاق عدد من أفرادها العسكريين وانضمامهم إلى قوات حزب المؤتمر الشعبي
قال المتحدث باسم قوات الحوثي العميد الركن شرف غالب لقمان فى تصريحات نشرها موقع قناة “المسيرة” ان إعلان البعض انضمامه لخصوم الحوثيين لن يضعف من قوة ما وصفهم بالجيش واللجان الشعبية.
وفي المقابل، أعلنت صحيفة “المؤتمر نت” الناطقة باسم حزب المؤتمر أن الانتفاضة الشعبية في مدينة المحويت استعادت الدولة وأنهت التواجد الحوثي.
ونقلت عن مصدر مسؤول بالحزب في المحافظة أن الجماهير المنتفضة تمكنت من استعادة جميع المنشآت والمباني الحكومية والنقاط الأمنية وجميع المديريات.
كما دعت قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام اليمنيين إلى الخروج في صنعاء “للتنديد بإجرام مليشيات الحوثيين”.
من جانبها، وفي محاولة للإبقاء على بعض نفوذها استهدفت عناصر مليشيا الحوثي منزل صالح في قرية الدجاج شمال شرق العاصمة صنعاء بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، فيما لم يتضح حجم الخسائر بعد.
حجب مواقع التواصل :
وأقدمت ميليشيا الحوثي على حجب مواقع التواصل الاجتماعي عبر خدمة الإنترنت المحمول؛ وفق ما نقلته “الإخبارية”؛ وذلك تزامناً مع الهزائم المتلاحقة التي تعرضوا لها على يد قوات المؤتمر والقبائل اليمنية.
انحياز مفضوح :
وتقول مصادر يمنية إن الانتفاضة ضد جماعة الحوثي ستعجل بإنهاء تواجدهم المسلح في مناطق اليمن؛ خصوصًا أن عناصرهم قلة منهكة ومتشتتة بين الجبهات، ولا ظهير شعبيًا لهم في صنعاء والمناطق القريبة.
ولقيت الانتفاضة ضد الحوثي ترحيبًا من الحكومة اليمنية والتحالف العربي، بينما تحاول دولة مثل قطر وأدها عبر وساطة للتهدئة، والترويج الإعلامي لجماعة الحوثي.
ويقول مراقبون إن الوساطة القطرية جاءت بدفع من إيران التي وجدت حلفاءها الحوثيين في وضع صعب فجأة، مستفيدة من علاقات قطر المتشعبة مع مختلف القوى والميليشيات اليمنية المحسوبة على كل الأطراف
ورغم كون الوساطة القطرية غير معلنة، إلا أن تقارير إعلامية قالت إنها جاءت عن طريق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد شخصياً، الذي اتصل بالرئيس اليمني السابق محاولاً إقناعه بالتهدئة.
ورغم نفي قطر وجود هذه الوساطة، إلا أن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش أكد أن “الوساطة القطرية لإنقاذ ميليشيات الحوثي الطائفية موثقة، ولن تنجح لأنها ضد إرادة الشعب اليمني الذي يتطلع إلى محيطه العربي الطبيعي”.
وعكست وسائل الإعلام القطرية موقف الدوحة في تغطيتها لأحداث صنعاء، إذ بدت جميعها بما فيها قناة الجزيرة منحازة للحوثيين، ومشككة بانتصارات القوات الموالية للرئيس السابق على حساب الميليشيات الحوثية.
ففي البداية تجاهل الإعلام القطري، خصوصًا قناة الجزيرة الناطقة بلسان سياسات الدوحة، لساعات الحديث عن ما يجري في صنعاء قبل أن تضطر لاحقًا لتغطيتها مع التركيز على خطابات جماعة الحوثي ومواقفها.
ترحيب شعبي :
أعلنت قيادة حزب المؤتمر الشعبي العام المؤيدة للشرعية في اليمن دعمها للانتفاضة الشعبية في مواجهة الميليشيات الحوثية.
ورحب بيان صادر عن قيادة المؤتمر الشعبي المؤيد للشرعية بدعوة قيادة الحزب الموجودة في صنعاء إلى فتح صفحة جديدة، مشدداً على مواصلة الكفاح حتى تحقيق النصر. والعودة لاستكمال العملية السياسية التي تم الانقلاب عليها، وفق المرجعيات الثلاث.
ودعا بيان المؤتمر الجميع للتقارب والتوحد لدحر المشروع الإيراني في اليمن.
وأكد نائب رئيس هيئة علماء اليمن، وعضو برنامج التواصل مع علماء اليمن، الشيخ أحمد بن حسن المعلم، أن المكونات الدعوية اليمنية تابعت الأحداث التي تشهدها العاصمة صنعاء منذ يومين، وأشادت بتمسك الشعب اليمني العربي الأصيل بهويته ومحيطه العربي عبر انتفاضته الكبيرة في العاصمة صنعاء.
وأوضح أن حقيقة المتمردين الحوثيين قد بدت للشعب اليمني، وأنهم يستهدفون دينه وهويته وتعليمه ومنهج حياته، فانتفض الشعب غيرة على ذلك كلّه، داعياً الشعب اليمني إلى تخليص بلاده من هذه العصابة المجرمة التي أخذت على عاتقها تنفيذ برامج أعداء اليمن والتمكين لمشاريعهم.
ومن جانبه، رئيس رابطة أهل الحديث باليمن، قال الشيخ أبوالحسن المأربي السليماني في بيان، أن الشعب اليمني دفع ضريبة اعتداءات إيران وأذرعها في المنطقة وانتهاكاتهم جميع المحرمات في الدم والمال والعرض، وقبل ذلك في العقيدة والديانة.
وأضاف أن ما يجري اليوم في صنعاء من هذه الانتفاضة الشعبية المباركة التي تعلن براءتها من إيران وأذرعها يجب أن يلتف حولها كل اليمنيين، مشيرا إلى أن أهل اليمن أهل إيمان وحكمة وفقه وتسامح، وسيجلس عقلاؤهم ويضعون آلية تجمع صفوفهم وتوحد كلمتهم، وتحافظ على سيادتهم في ظل تعاونهم مع أشقائهم وجيرانهم ونزع فتيل الفتنة من المنطقة.
وفي السياق نفسه، وجه عضو هيئة علماء اليمن، وعضو برنامج التواصل مع علماء اليمن الشيخ عبدالله صعتر النداء لأبناء اليمن أن يواجهوا مليشيات الحوثي التي سفكت الدماء، وهدمت المساجد ودور القرآن والحديث والمنازل، وعذبت المختطفين حتى الموت، وزرعت الألغام، ونهبت الأموال العامة والخاصة، وكفرّت الصحابة، وكلّ من يسير على نهجهم، وفعلوا كل الكبائر.
من جهته، قدم وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد في الحكومة اليمنية، عضو برنامج التواصل مع علماء اليمن الشيخ محمد عيضة شبيبة، وصيته للمنتفضين في صنعاء، قائلاً: واصلوا الليل بالنهار، وجع ساعة ولا وجع دائم، لا تدعوا لهم حيا أو حارة، كما دعا اليمنيين جميعاً بكل فئاتهم، الأحزاب والمشايخ والعلماء والشباب والساسة، أن يلتقطوا الفرصة وأن يسندوا انتفاضة صنعاء ضد الحوثي.
مجلس عسكري مرتقب:
وبدأت ملامح الواقع الجديد تظهر بالفعل بشكل متسارع، إذ من المرتقب أن يتم الإعلان عن مجلس عسكري يرأسه العميد طارق محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الرئيس صالح، ليصبح القائد الفعلي للقوات التي تقاتل الحوثيين، وتضم خليطاً من قوات الجيش اليمني السابقة التي بقيت موالية للرئيس السابق، وقوات حزبية من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق، وقوات قبلية معادية للحوثيين. ويأمل اليمنيون أن تحقق انتفاضة صنعاء أهدافها، إذ يتطلعون لانتهاء سنوات من الفوضى والحرب التي خلّفت آلاف القتلى والجرحى في مختلف أنحاء البلاد.