طهران ــ البلاد
أكثر من أربعة أيام على التوالي والايرانيون يملأون شوارع البلاد، احتجاجاً على سياسات الملالي وانشغالهم بإثارة القلاقل بالخارج، بدلا من معالجة الأزمة المستفحلة داخليا، رافعين شعارات وهتافات تطالب بإسقاط نظام ولاية الفقيه الذي تسبب في انهيار الاقتصاد وانتشار الفقر والجوع.
هذا فيما هاجم محتجون غاضبون بإضرام النار في المدرسة الدينية التي يطلق عليها “الحوزة العلمية” في إيران، وذلك خلال مظاهرات امس السبت في منطقة اشتهارد بمدينة كرج جنوب غربي العاصمة الإيرانية طهران، حيث استمرت الاحتجاجات المناهضة للنظام لليوم الرابع على التوالي في مختلف أنحاء إيران.
ونقلت وكالة “فارس” عن علي هندياني، مدير المدرسة أن المحتجين انتقلوا في مسيرتهم إلى هذه المنطقة في حيث قام حوالي 500 شخص بتكسير زجاج المدرسة وسط شعارات مناهضة للنظام ورجال الدين الحاكمين.
يذكر أن هذه ثاني حادثة تتكرر خلال الاحتجاجات الشعبية في إيران، حيث قام متظاهرون خلال احتجاجات يناير الماضي بحرق حوزة في مدينة تركستان بمحافظة قزوين، حيث يعتبرها المتظاهرون ترمز للرجال الدين القابضين على السلطة والمتحكمين بمصائر الناس، بحسب ناشطين.
وأظهرت مقاطع فيديو عن مظاهرات منطقة اشتهارد في مدينة كرج وهم يهتفون “لا تخيفنا الدبابة ولا المدفع .. الملالي يجب أن يرحلوا”.
وانطلقت المظاهرة من الدوار الأول من كوهردشت وسط شعارات “الموت للدكتاتور” و”الموت (للمرشد الإيراني علي) خامنئي”.
وهاجمت قوات الأمن ووحدات مكافحة الشغب وميليشيات ترتدي الزي المدني، المتظاهرين بعنف، وأطلقوا الرصاص الحي الذي أدى إلى إصابة أحد الشبان بجروح، بحسب المقاطع المنشورة.
أما في العاصمة طهران، فخرجت مظاهرة حاشدة غروب في تقاطع ولي عصر، ومتنزه دانشجو، أدت إلى مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وتعالت شعارات “الموت للدكتاتور” و”أيها الإيراني ارفع صوتك للمطالبة بالحق”، حيث قامت الشرطة وقوات الأمن بتفريق المتظاهرين الذين هتفوا ضدهم بشعار “أنتم عديمو الشرف”.
وفي متنزه دانشجو حدثت صدامات بين الشباب المحتجين وعناصر النظام الذين كانوا يرتدون الزي المدني، وحصلت عمليات كر وفر، فيما انهال عناصر الأمن على المحتجين بالضرب المبرح.
كما أظهرت مقاطع أخرى خروج مظاهرة في مدينة شاهين شهر، بمحافظة أصفهان، التي حوصرت من قبل قوات الأمن التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وفي مدن مشهد وكرج وقهدريجان بمحافظة أصفهان وأنديمشك وشيراز مركز محافظة فارس، أطلقت شعارات “الموت للدكتاتور” و”لا غزة ولا لبنان روحي فداء إيران”، تنديداً بإنفاق أموال وثروات البلاد على التدخلات العسكرية للنظام في دول المنطقة ودعم الميليشيات الإرهابية.
ونشر ناشطون عبر مواقع التواصل دعوات لاستمرار الاحتجاجات السبت، في مختلف الميادين والساحات والشوارع الرئيسي في طهران والمحافظات.
ويشكو المحتجون من فساد النظام، وسوء الإدارة الذي أدى إلى نقص حاد في المياه وزيادات هائلة في أسعار المواد الغذائية الأساسية، فضلا عن الشكوى من إنفاق أموال البلاد على المغامرات الخارجية في دول مثل سوريا واليمن، وتجاهل مشاكل البلاد، وهو ما يبدو أنه دفع المواطنين إلى الحافة، بدرجة تجعلهم يخاطرون بالزج إلى السجون أو أسوأ. في غضون ذلك أصدر كل من الكونغرس الأميركي وإدارة الرئيس دونالد ترمب تحذيرات جديدة للأوروبيين إذا لم يضعوا حداً لجميع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع النظام الإيراني.
ونقل موقع “فري بيكون” عن عدد من كبار المسؤولين الأميركيين، أن واشنطن تقوم بتكثيف الجهود الدبلوماسية للضغط على أوروبا بشأن إيران لإعادة فرض عقوبات قاسية عليها، تشمل قطاع النفط والأنظمة المصرفية.
وكان الأوروبيون قد عارضوا العقوبات الأميركية الجديدة في الأشهر الأخيرة، وعقدوا سلسلة من الاجتماعات مع كبار المسؤولين الإيرانيين لمناقشة التكتيكات للتهرب من العقوبات الأميركية المرتقبة عقب قرار الرئيس دونالد ترمب التخلي عن الاتفاق النووي.
وتعمل إدارة ترمب وحلفاؤها في الكونغرس على “مواصلة خنق الاقتصاد الإيراني” بينما يواصل المتظاهرون المستاؤون من نظام طهران احتجاجاتهم ضد الفساد وتدهور الوضع المعيشي وسط دعوات لإسقاط النظام لإنفاقه أموال الشعب على التدخل الأجنبي في النقاط الساخنة مثل سوريا، ودعمه المستمر للجماعات الإرهابية الدولية.
وقال مسؤولون أميركيون بارزون إن إدارة ترمب لن تتردد في فرض عقوبات على الأوروبيين الذين ينتهكون العقوبات الجديدة على إيران، محذرين من أن المؤسسات المصرفية الدولية وحتى البنوك الأميركية الكبرى يمكن أن تتعرض للعقوبات بسبب عدم الامتثال.
وقال ريتشارد غرينيل، السفير الأميركي في ألمانيا لـ”فري بيكون”، إن النظام الإيراني ما زال يستخدم الإرهاب كسلاح في أوروبا، ويجب أن نكون يقظين في معرفة خططهم ووقفهم قبل أن ينجحوا.
وأكد غرينيل وغيره من كبار الدبلوماسيين الأميركيين أن “واشنطن تحث شركاءها على المساعدة في وقف تدفق الأموال إلى النظام الإيراني، لأنه يستخدمها لتمويل أنشطة خبيثة”.
وكان 10 أعضاء من مجلس الشيوخ والذين عارضوا اتفاق 2015 مع إيران، حذروا في رسالة وجهوها إلى سفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا بأن الكونغرس الأميركي سيكون “مستاء جداً” لأي جهود للتهرب من العقوبات أو تقويضها.
ومن المقرر إعادة المجموعة الأولى من العقوبات الأميركية التي رفعتها إدارة باراك أوباما بموجب شروط الاتفاقية النووية في 6 أغسطس المقبل، بينما ستتم إعادة فرض المجموعة الثانية في 4 نوفمبر.
وأشار أعضاء مجلس الشيوخ ومن بينهم منتقدو الاتفاق النووي الإيراني، مثل تيد كروز ممثل تكساس، وماركو روبيو من ولاية فلوريدا، وتوم كوتون من أركنساس، إلى أن العقوبات تتعلق بقوانين الولايات المتحدة، وتم تخفيفها فقط لأن الإدارة السابقة وافقت على الاتفاق الذي انسحب منه ترمب في شهر مايو الماضي.