دولية

انتفاضة إيران ..غضبة حطمت تابوهات الملالي بالسخرية

طهران ــ وكالات

ثمة مؤشرات صاحبت الانتفاضة الإيرانية الاخيرة، سيما على مواقع التواصل الاجتماعي صاحبت المعالجة الأكثر واقعية للاحتجاجات، اذ اتسم تناولها للانتفاضة بتعليقات ورسوم كاريكاتورية تميزت بالجرأة الشديدة على غير المألوف، وكسرت تابوهات طالما فرضها الملالي على الإيرانيين بقبضة أمنية غاشمة.

وعلى الرغم من بروز الطابع الاحتجاجي الغاضب لتلك الانتفاضة في مواجهة نظام الملالي، إلا أن جانبا آخر منها لم يتطرق إليه كثيرون، وهو الطابع الساخر الذي عبر به قطاع كبير من الشعب الإيراني عن غضبهم المكتوم تجاه سطوة نظام الملالي في كافة مقاليد الأمور، لا سيما مع فضائحهم المعلنة دون رقيب، والتي كان من بينها فضيحة محفّظ القرآن سعيد طوسي، -والمعروف بـ “قارئ بيت المرشد الإيراني”-، المتهم باغتصاب أطفال إيرانيين. الاقتباس من الأدب والتراث الإيراني الساخر كان حاضراً عبر حسابات الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول العديد منهم رسما كاريكاتوريا، يظهر به أحد الحكام الإيرانيين القدامى ممسكا بسجادة داخلها مرشد إيران الحالي علي خامنئي، ينفض إياها، لافتين إلى أنها بمثابة “نفض للمنزل” –وهو الطقس المرتبط باحتفالات بداية السنة الفارسية كل عام في شهر مارس -، في دلالة واضحة على مدى حنقهم تجاه نظام الملالي

في الوقت ذاته، نشرت حسابات إيرانية عبر موقع التدوينات القصيرة تويتر رسما كاريكاتوريا يتضمن فحواه مشهداً معبراً عن حالة الارتباك التي نجمت لدى النظام الإيراني على خلفية الاحتجاجات الشعبية مؤخراً، معتبرين أن التظاهرات وإن قوبلت بعنف وقمع من قوات الحرس الثوري الإيراني؛ إلا أنها مؤشر على بداية “ربيع إيراني” ستنمو أزهاره في الشتاء، وأن الزخم الثوري سيظل ناراً تحت الرماد.

ومع محاولة البعض شيطنة المحتجين ضد النظام الإيراني، ورميهم بالعمالة لجهات أجنبية تارة، ووصفهم بـ “النفايات” تارة أخرى مثل خطيب جمعة طهران المؤقت “كاظم صديقي”، رد رسام الكاريكاتير الإيراني البارز “مانا نيستاني”، -المعارض والمنفي إلى باريس منذ 2011-، في انتقاد لاذع عبر رسم جديد سرعان ما انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية.

ولقي كاريكاتير الفنان الإيراني اسد بيناخواهي، عبر موقع “راديو فردا” المعارض بشأن أوضاع المعتقلين في السجون الإيرانية على خلفية الاحتجاجات الأخيرة تفاعلاً لافتا، خاصة وأنه يشير بوضوح إلى فداحة القمع والتنكيل الموجودة داخلها، ما حدا بأهالي عدد من المعتقلين إلى التجمهر أمام بوابة سجن “أفين” الإيراني سيئ السمعة، مطلع يناير الجاري

وتعبيرا عن رفض الإيرانيين لحجب السلطات الإيرانية خدمات الإنترنت مثل تطبيقات تليجرام، وانستقرام بهدف منع تواصل المحتجين وتبادل الأخبار بشأن آخر التطورات، نشر رسام الكاريكاتير الإيراني المعارض في المنفى بباريس “شاهرخ حيدرى”، رسما يظهر به أحد المحتجين صارخا بينما وضعت على فمه عصابة لمنعه عن إبداء رأيه.

وتداول رواد موقع التدوينات القصيرة تويتر “كاريكاتير” يكشف عن العقلية القمعية لرئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني محمود شاهرودي، – المقرب من الحرس الثوري الإيراني ووحدة فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني-، والذي سافر إلى ألمانيا سراً لتلقي العلاج بسبب ورم بالمخ، وإلى جواره الطبيب الإيراني البارز مجيد إسماعيلي المشرف على علاجه هناك.

تقييد نظام الملالي تطبيقات التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل تويتر، وفيسبوك، ويوتيوب كان الشغل الشاغل لعدد كبير من الإيرانيين الحانقين على تلك السياسات التعسفية، معبرين عن أملهم في سد تطبيقات مثل انستقرام، وتيليجرام تلك الخانة، من حيث التعبير عن آرائهم بوضوح وبدون تردد.

وفى السياق تتناقض التصريحات والأرقام حول الميزانية الحقيقية للجيش الإيراني والحرس الثوري في ظل تفاقم السخط الشعبي من تنامي معدلات البطالة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتشديد القيود الاجتماعية.

وبينما أشار إعلان موازنة الدولة للرئيس الإيراني حسن روحاني لهذا العام إلى أن إجمالي ميزانية الدفاع تبلغ 22.1 مليار دولار، من بينها 7 مليارات للحرس الثوري، فإن تصريحا سابقا للمتحدث باسم روحاني قال إن مخصصات الجيش تبلغ نحو 10 مليارات دولار، لكن الحقيقة أنها تتعدى حتى ذلك.

وقال محمد حسين سبهر، القائد في الحرس الثوري الإيراني، إن ميزانية الحرس تبلغ 7 مليارات دولار، لكن إيران تنفق على الحرس الثوري أكثر بكثير من الـ7 مليارات، حسب المحلل العسكري المتخصص في الشأن الإيراني حسين أريان.

وقال أريان إنه وفق “الموازنة العسكرية”، وهي وثيقة سنوية للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن إيران أنفقت نحو 16 مليار دولار على الجيش والحرس الثوري في 2016، وهو ما أكدته مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية المستقلة.

والحقيقة أن ما أعلنته حكومة روحاني وكذلك تصريحات قادة الحرس الثوري الإيراني ليست الميزانية العسكرية الفعلية، حيث تتعامل طهران مع شؤون الجيش والمخابرات على أنها حساسة للغاية، ولذلك لا تكشف معلومات كاملة عنها.

ومن جانب آخر، يتحكم الحرس الثوري الإيراني في إمبراطورية اقتصادية مهولة داخل البلاد، حتى أن بعض المراقبين يصفونه بـ”دولة داخل الدولة”، ومن المعتقد أن أرباحه الاقتصادية من هذه المشاريع التجارية تستخدم لتعزيز ميزانية الجيش غير المعلنة بشفافية.

ولن تنعكس أرباح الحرس الثوري الإيراني من إمبراطوريته الاقتصادية في ميزانية روحاني للدولة، على نفس نهج الدخل الذي تحققه المؤسسات الدينية التابعة لنظام الملالي، والتي تنفق عليها الحكومة الإيرانية لكن أرباحها لا يتم ضمها لميزانية الدولة.

وأشار أريان كذلك إلى الإنفاقات العسكرية لإيران التي لا تندرج تحت العمليات الروتينية وتطوير القوات، موضحا أن طهران تنفق مليارات الدولارات سنويا في سوريا، حيث تحافظ على وجودها العسكري بمئات من “المستشارين العسكريين” وعشرات الآلاف من المليشيات المسلحة التي تدعم قوات الرئيس السوري بشار الأسد.

وبجانب إنفاقها على قواتها ومليشياتها في الأراضي السورية فمن المحتمل أيضا أن إيران تخصص جزءا كبيرا من الميزانية العسكرية لتزويد قوات الأسد بالمعدات والأسلحة التي يحتاجون إليها.
وعلى غرار سوريا، تنفق إيران أيضا مليارات الدولارات لدعم مليشياتها المسلحة في العراق واليمن وحزب الله في لبنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *