عندما يفتقد الإنسان أغلى ما عنده من أب، أم أو ابن تذرف عيناه الدموع لفقدهم وفراقهم، ولكن كيف عندما يفتقد الإنسان رجلاً حمل على عاتقه أغلى شيء في الوجود ألا وهي الأمانة، حملها زهاء ثمانية عشر عاماً وفي خدمة الوطن ومؤسساته ومكتسباته.. تأثرت بوفاة أحد منسوبي شركة المجال لنقل الأموال بمدينة الدمام بالمنطقة الشرقية، الفقيد يحيى علي سعيد هزازي وهو في أواخر العقد الرابع، حمل ملايين الريالات وأطنان من الذهب الخالص متنقلاً بين فروع عدد من بنوك المملكة، وكما عرفت من مديره المباشر أنه لم يتغيب عن عمله يوماً واحداً سواء بعذر أو بدون عذر، كان مخلصاً في عمله، كان مخلصاً متفانياً محبوباً.. لديه من الأبناء عشر.. بنيناً وبنات، وراتبه الأساسي لا يتجاوز تسعمائة ريال.. وما جزاء الإحسان إلا الإحسان. نسمع عن تكريم لاعبي كرة القدم، عن تكريم الشعراء، نسمع عن تكريم المتميزين، فهل للمخلصين من تكريم؟
يشهد كل من تعامل مع هذا الشاب من مدراء بنوك ومدراء عمليات وصرافين وزملاء عمل على دماثة خلقه وإخلاصه وأمانته، فهل من تكريم يليق به؟.. هل من اهتمام بمن تكرهم خلفه؟. إن الحزن ليعتصر القلوب عندما ترى تلك النظرات الزائغة في عيون أطفاله ومسحة الحزن ترتسم في عيونهم كأنما تسأل من لنا غير الله من بعد فراقه.
الوفاء يا شركة المجال.. الوفاء للإخلاص والأمانة والتفاني.. الوفاء للفقيد في أبنائه.. الوفاء أيتها القلوب الرحيمة لواحد من أبناء الوطن المخلصين.. حمل أموالكم ونفائسكم بكل أمانة يوصلها من بنك إلى آخر.. كالعير تموت من الظمأ والماء فوق ظهورها محمول.. نتمنى من رئيس شركة المجال بالمملكة المبادرة كما عهدناه، وسمعنا عن اهتمام ورعاية الشركة لمنسوبيها المتميزين.
ألا رحمك الله يا أبا رعد وأسكنك فسيح جناته. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
خالد فاروق السقا ـ الدمام
* باحث