•• يتوقف الإنسان أمام بعض الظواهر بكثير من الاعجاب، بل والاندهاش عندما يشاهد ويعيش فكراً ينمو، وأسلوباً مدهشا ينشأ من خلال «إنسان» يراه فلا يشعر نحوه بكثير من مميزات ليفاجأ بأنه ذلك القوي المتين فلا يملك إلا مزيد من الاندهاش والاعجاب.
لقد توقفت طويلاً عند تلك العبارة التي أطلقها ذات يوم في بداية الستينات الميلادية ذلك الكاتب صاحب العبارة الأنيقة، والحارقة، الحالقة في حدتها كموس الحلاق وهو يصف ذلك الشاب القادم لتوه من الاسكندرية محملاً بكل عبق أولئك المفكرين الذين كانوا يملأون سماء الأدب والفكر والثقافة في دنيا العرب، كان ذلك الشاب عبدالله مناع حاملاً لذلك التطلع المستشرف للقادم من الأيام، وكان صاحب أسلوب مختلف عن تلك الأساليب المطروحة أيامها في أنهر الصحف. فأطلق ذلك الكاتب الأنيق – السيد ياسين طه – كلمته ذات المعنى واصفاً اياه بقوله له «الواد هادا بيقرأ من ورانا» كأنه اختصر كل اعجابه بحرف – المناع – في هذه الجملة.. مرجعاً جودة الاسلوب، ومتانة ما يطرحه الكاتب من أفكار يعود في الاصل الى كثافة ما يقرأ، وجودة ما يطالع.. تذكرت كل ذلك وأنا أتابع بعض «الكتبة» الذين يملأون الصحف والمواقع فلا تجد اسلوبا مغرياً ولا فكراً مقنعاً.. ولا طرحاً جيداً.. فتعرف أنه لم يقرأ في سيرته العلمية سوى مواد ما هو مطلوب قراءته لأداء الامتحان فيه.. وغير ذلك.. لا شيء.
إن القراءة هي مفتاح القدرة على التعبير، والبساط الذي من عليه تبرز مواهب ذلك «المبدع». فبقدر ما تقرأ بقدر ما يكون عطاؤك مميزاً، وفارهاً، وقادراً على الوصول الى عقل وقلب المتلقي.
علي محمد الحسون