علي خالد الغامدي
• النكتة الصحفية (السريعة ، واللاذعة) غالباً ما تخفي وراءها كما هائلا من (المرارة) التي يطرب لها الصحفيون الاصحاء، ولا تعجب الصحفيين غير الاصحاء…
وتنتشر أمثال هذه النكت في مجالس الصحفيين من الفئة الأولى، بينما تكاد تغيب عن مجالس الصحفيين من الفئة الثانية لاسباب مهنية.
روى الدكتور عبدالله مناع بأسلوبه الساحر الرشيق، حكاية رئيس دولة عربية لم تعجبه سياسة مجلة عريقة تصدر في بلده فألقى برئيس تحريرها، وأنصاره في الشارع، واستدعى شخصاً من الوسط الصحفي “عُرف بمهادنته، ورزانته الفائقة” وولاه رئاسة تحرير المجلة العريقة (المناكفة، والمشاغبة) مع التأكيد عليه – رئيس التحرير الجديد – أن يوقف هذه المناكفة ، والمشاغبة، ويقطع دابرها.
ونفذ رئيس التحرير – المسالم – ما طُلب منه، وزاد عليه، وبعد عدة اسابيعه زار رئيس التحرير رئيس الدولة ليتأكد بنفسه ان ما طلب منه قد نفذه بحذافيره، واستقبله رئيس الدولة في مكتبه ببرود خشي معه رئيس التحرير المسالم ان يكون قد خالف التعليمات فبادر بسؤاله: إيه رأيك في المجلة فرد عليه رئيس الدولة بسرعة: لم أعد أقرأها..؟
هذه نكتة سياسية مليئة بالنقد المرير على أحوال الأمة العربية وقضيتها المركزية (القضية الفلسطينية) التي ما زالت معلقة رغم مرور ستة عقود عليها وعلى الرغبة في تحقيق تقدم نحوها ولكن لا فائدة، السنوات تمر، والقضية تزداد تعقيداً، وتراجعاً، وضياعاً، وضبابية، وغموضاً، ولا يبدو في الأفق ما يشير الى حل لها (يعيد الحقوق لأصحابها)..
تقول النكتة ان رئيساً عربياً رسم (وشماً) على ذراعه يصور خريطة فلسطين المحتلة فلما سألوه عن السبب قال (حتى لا أنسى) .. ثم عادوا، وسألوه : وماذا تفعل لو تحررت فلسطين، والوشم لا يمحى فرد عليهم بهدوء شديد : أقطع ذراعي..
وروى المرحوم الاستاذ امين عبدالمجيد (كاتب صحفي، وشاعر غنائي) نكتة صحفية غاية في الاثارة، والخبث .. قال ان جريدتي (البلاد والمدينة) نشرتا في يوم واحد ملاحظة متناقضة .. قالت البلاد في ملاحظتها ان شوارع مدينة جدة (نظيفة) بينما قالت المدينة ان شوارع مدينة جدة (وسخة) فاحتار الصحفيون والكتَّاب من يصدقون فعقد جزء منهم من ذوي الخبرة اجتماعاً طارئاً، وناقشوا، وتجادلوا، وتبادلوا الرأي حول من يصدقون جريدة البلاد (التي قالت إن شوارع جدة نظيفة) أو جريدة المدينة (التي قالت ان شوارع جدة وسخة).
وفجأة خرج صوت قوي من بين الحضور ، وقال (يا جماعة صدقوا الوسخة).
وانفجر الجميع بالضحك ..؟
كانت (النكتة) متقنة من وجهة نظري فهي تكشف عن الصراع الصحفي بين الجريدتين فالمدينة كانت تنهض في تلك الفترة (قبل حوالي نصف قرن) وكانت البلاد مازالت تتمسك بالهدوء والوقار فجاءت النكتة هكذا لتناصر من تحت الطاولة مسيرة جريدة المدينة الناهضة على حساب جريدة البلاد الهادئة.
وهناك (نكت) خفيفة، ومسلية، وسريعة فقد حضر وفد صحفي لدولة خليجية كانت تقدم (ساعات ثمينة) للوفود الاعلامية التي تزورها، وطال انتظار الصحفيين للساعات وأصابهم شيء من القلق فالتفت أخفهم دماً، وقال بصوت مسموع (إن الساعة آتية لا ريب فيها) وبعد لحظات حضر مندوب التشريفات يحمل معه الساعات. وكان الصحفي الكبير محمود السعدني هو من روى هذه النكتة.
وروى صحفي خليجي أن رئيس تحرير لبنانية تلقى عتاباً شديداً من وزير اعلام كانت بلاده تدعم رئيس تحرير هذه المجلة لكن لم تظهر (ثمار) هذا الدعم على صفحات المجلة فقال رئيس التحرير ان هذا الدعم لشراء سكوتنا، ونحن ننتظر دعماً آخر لشراء مديحنا لكم..؟