جدة ــ البلاد
كشفت تداعيات المقاطعة العربية الحجم الحقيقي لقطر، حيث فضحت مؤسسات اقتصادية عالمية علامات انهيار متتالية تعاني منها حكومة الدوحة، فوكالة التصنيف الدولية “موديز” وثقت هشاشة الدوحة في أحدث تقاريرها، والتي أظهرت من خلالها وجود اضطرابات في الاقتصاد الكلي القطري.
الحكومة القطرية حاولت استثمار التقرير وبثته لاستجداء العرب وإثارة تعاطفهم، وأبدت تخوف علني من فرض قيود إضافية عليها مما قد يدخلها في دوامات غير مسبوقة، فأي مزيد من التصعيد سيؤدي إلى تآكل فوري للمقاييس الإئتمانية.
ثم ان انهيار القطاعات الحيوية في الدوحة وتأثرها، جاء باعترافات رسمية من الحكومة القطرية التي أذاعت التقرير، واعترفت بأن مؤشرات السياحة تأثرت سلبا ونسب الوافدين هبطت 40 بالمائة، كما أن قطاع النقل تضرر بشدة وعرقل خطط التنويع الاقتصادي، ليتضح من خلال تقرير موديز أيضا فشل إجراءات التخفيف من المقاطعة، فالمؤسسات القطرية لم تحافظ على استقرارها المالي، ونقاط ضعفها مرشحة للزيادة مع أي توتر إقليمي.
وبحسب إحصائية استندت إلى بيانات بورصة قطر، فن البورصة قد خسرت نحو 35 مليار ريال منذ بداية المقاطعة في 5 يونيو 2017، بعدما تراجعت القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في البورصة إلى 493.6 مليار ريال في نهاية يونيو 2018، مقارنة بـ528.5 مليار ريال في أوائل يونيو 2017.
ومن يمعن التدقيق في تسلسل الأحداث، يرى أن البورصة القطرية قد تكبدت خسارة بنحو 91,4 مليار ريال خلال العام 2017 حيث فقدت 16.23% من قيمتها السوقية على أساس سنوي ، إذا ما قارناها مع قيمة أسهم الشركات المدرجة في نهاية العام 2016، حين بلغت آنذاك 563,46 مليار ريال قطري.
وبحسب أحدث البيانات، انخفضت القيمة الإجمالية للأسهم المتداولة في بورصة قطر خلال شهر يونيو 2018، بنسبة 25.57% لتصل إلى نحو 7,96 مليار ريال مقابل 10,7 مليار ريال في مايو الماضي.
كما انخفضت عدد الأسهم المتداولة بنسبة 36.04% ليصل إلى 170 مليون سهم مقابل 265,9 مليون سهم، في حين تراجع عدد العقود المنفذة بنسبة 27.27% ليصل إلى 78,360 عقداً ، مقابل 107,738 عقداً.
هذا بخلاف ان الحكومة القطرية تواجه معضلة كبيرة تتمثل في رفض بنوك عالمية تمويل أول إصدار سندات دولية عقب أزمة قطع العلاقات معها.
لم يسلم الجهاز المصرفي القطري من الخضة التي اجتاحت البلاد، وهذا ما ظهر جلياً في تراجع ودائع البنوك المحلية لدى مصرف قطر المركزي، حيث فقدت نحو 7.6 مليار ريال خلال 9 أشهر من إعلان المقاطعة لقطر، من 17.77 مليار ريال في يونيو 2017 إلى 10.1 مليار ريال في مارس 2018 (بحسب أحدث بيانات لمصرف قطر المركزي).
وما تراجع الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي القطري، إلا دليلا على “الهزات المتتالية” التي تصيب اقتصاد الدوحة.
إذ انخفض إجمالي الاحتياطي الدولي من (ذهب، وأرصدة لدى البنوك الأجنبية، سندات وأذونات خزينة أجنبية، ودائع حقوق السحب الخاصة والحصة لدى صندوق النقد الدولي، وإجمالي الاحتياطيات الرسمية، وموجودات سائلة بالعملة الأجنبية “ودائع”)، بنحو 28.8 مليار ريال من 166.5 مليار ريال قبل المقاطعة إلى 137.7 مليار ريال في نهاية الربع الأول من العام الجاري.