الأرشيف النادي

النفاق والكتمان في الحب

يعتقد بعض العرب أننا اقل الناس حباً لزوجاتنا وأشدهم قسوة على أمهات أولادنا ومعهم العذر فهم يحكمون علينا بتأثير المسلسلات الخليجية وما يظهر فيها من القسوة على الإناث بينما الحال عكس ذلك فبعض منا ليس معه إلا أم العيال ولا يفكر في غيرها بحال ويمضي زمانه يردد قول الشاعر:
أبى القلب إلا أم عمرو وحبها
عجوزا ومن يجيب عجوزا يفند
كبرد اليماني قد تقادم عهده
ورقعته ما شئت في العين واليد
وهو مع أم الأولاد في غاية الحب والوداد، مع أنها قد تكون ذات طباع حادة فيتحملها على علاتها، ويصبر على ويلاتها، ولا يفكر في طلاقها ولا استبدالها مع أنه متمع بالصحة والملايين، وهي قد تجاوزت الخمسين والعرب في مثلها قائلين: شباب المرأة بين ثلاثة عشر إلى عشرين فإذا بلغت الثلاثين فقد كهلت فإذا بلغت الأربعين فقد شهلت فإذا بلغت الخمسين فطلق طلق.
ولكنهم لا يسمعون لامثال العرب، ويعملون بنصيحة محمد بن واسع الذي نقل عنه أبوحيان التوحيدي في الامتاع والمؤانسة قوله: ينبغي للرجل أن يكون مع المرأة كما يكون أهل المجنون مع المجنون يحتملون منه كل أذى ومكروه.
وقال آخر: ينبغي الصبر على شدة طباع الزوجة: فهي التي تطبخ طعامنا، وتغسل ثيابنا، وتربي أولادنا.
وذكر ابن عساكر في تاريخه ان سيدنا عمر رضي الله عنه وصف ثلاثة أنواع من النساء الأولى امرأة عفيفة مسلمة هينة لينة ودود ولود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدهر على أهلها – وقلما تجدها – والثانية وعاء للولد لا تزيد على ذلك شيئا، والثالثة غل قمل يجعلها الله في عنق من يشاء وينزعه إذا شا، كما وصف رضي الله عنه ثلاث أصناف من الرجال لا يتسع المجال لذكرهم.
وبعض الأزواج السعوديين يصير كالمعتوه لو اصاب زوجته مكروه، ويعمل لاجلها ما يستطيع، ولو لثيابه يبيع، وقد سمعنا بتبرع الجماعات والافراد لزوجاتهم بالكلاوي والاكباد، ولو طلبن القلوب لاعطوها فورا للمحبوب.
وقد ألف الشاعر السعودي محمد إسماعيل جوهرجي قصيدة ذات حنين وشجون، بمناسبة بلوغ زوجته الستون، ولم يسبقه شاعر جاهلي ولا شاعر مليون، في هذا النوع من التشبيب والمجون.ولكن المشكلة أن بعض الأزواج السعوديين لا يحسنون النفاق في الود، ولا يظهرون المحبة في مزح أو جد، ولا يرسلون الورود، ولا يعطون الاماني والعهود، فتحكم زوجاتهم على عواطفهم بالبرود رغم أن قلوبهم تخفى من الحب والهوى أكثر مما قاله قيس في ليلى ولسان حالهم يقول:

[poem=font=\"Simplified Arabic,4,black,normal,normal\" bkcolor=\"\" bkimage=\"\" border=\"none,4,gray\" type=2 line=200% align=center use=ex length=0 char=\"\" num=\"0,black\" filter=\"\"]
لم يكن المجنون في حالة=إلا وقد كنت كما كانا
لكنه باح بسر الهوى=وأنني قد ذبت كتمانا
[/poem]

بقلم الدكتور علي محسن السقاف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *