مكة المكرمة – المدينة المنورة – البلاد
قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، أن بلاد الحرمين الشريفين التي خصها الله بِفضائل جليلة، وخصائص كريمة جزيلة، ماضية بكل ثقة في نُصْرَة قضايا المسلمين وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، حريصة على مقدسات المسلمين في مختلف البقاع أشد الحرص،
وَمَنْ أَجْدَرُ من بلاد الحرمين الشريفين، وهي التي تتمتع – بفضل الله – بالعمق الديني، والثِّقَل العالمي، والعمق الاستراتيجي، والمكانة الدولية المرموقة، وهي المؤهلة دينيًا وتاريخيًا وحضاريًا من حمل الراية في الأزمات الخانقة، وذلك بإبراز النموذج الإسلامي الحضاري الموفق، بإشراقاته وجمالياته في كل مجال من المجالات.
جاء ذلك في خطبة الجمعة أمس بالمسجد الحرام ، محذرا فضيلته الأمة من أبواق ومشعلي الفتن بقوله:” إن مما يثير الأسى أن نرى أقوامًا من أبناء الأمة قذفوا بأنفسهم في مَرَاجِلِ الفِتَنِ العمياء، والمعامع الهوْجَاء، في بُعْدٍ واضح عن الاعتدال والوسطية، وهذا تفريط وجفاء، وتَنَكُّر واضح لسبيل الحُنَفَاء الأتقياء، وإنَّ تَنَكُّر هذه الفئام لمبادئ دينهم ولهفهم وراء شعاراتٍ مصطنعة، ونداءات خادعة، لهو الأرضية المُمَهِّدَة للعدو المتربِّص؛ وأمثال هؤلاء جَرَّؤوا الخصوم الألِدَّاء على العبث بمقدسات الأمة، وممارسة الإرهاب المتتابع ضد إخواننا في الأرض المباركة فلسطين، تحت سمع العالم وبصره.
وأضاف فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام: إننا في ختام عام منصرم وآخر مستشرف لنجدد الثقة التي استقرَّت في السّوَيداء وحُقَّت، وانداحت في الرَّوح وتَرَقَّت، بل ونستأنس بها في هذا العالم المضطرب ، ثِقَةً وثِيقة، وبَيْعَةً صادقة مخلصة لولاة أمرنا وقادتنا، وأئمتنا وعلمائنا، ولنكون لهم سندًا وظهيرا في مواجهة الفتن والتحديات، ودرء الشبهات ودحر الشهوات، في عالم يموج بالمتغيرات، وفي الوقت الذي تُشَن فيه الحملات على أجيالنا لِتَفُتَّ في هِمَمِهِم، يجدر بنا أن نُجَدِّدَ الثقة في نفوسِ أبنائنا وشبابنا، وطلابنا وفتياتنا هذه الأيام، وهم يتوجهون إلى صروح العلوم والمعارف؛ للنهل من مَعِينِ العِلْمِ والمعرفة في بداية عامٍ دراسي حافل بالمعطيات والمنجزات
وقال الشيخ الدكتور السديس :” ما أحوج الأمة في ختام عامها إلى تجديدِ الثِّقةِ بربها سبحانه أولا، ثم بأنفسها وطاقات أبنائها، في مُنَازلة الأفكارِ المتطرفةِ، ومكافحةِ فُلول الغُلُوِ والإرهاب، ودُعاةِ التَّحَرر، والإقصاء والكراهية، والظلم والتسلط والقهر، والهيمنة والتعالي، والانهزامية والانحلال، والمتنكرين لدينهم وهُوِيَتِهِم، والخائنين لأوطانهم،
والخارجين على ولاة أمرهم ، وتعزيزِ قِيَمِ التسامح والحوار، والاعتدالِ والولاءِ والانتماء؛ مُتَسَلِّحِين بالاعتصام بالكتاب والسنة، والسَّيْر على منهج سَلَفِ الأمة، مستثمرين مُقَدَّراتِ العصر ومعطياته ومكتسباته، في جَمْعِ الكَلِمَةِ ووحدة الصف، ونبذ الفُرْقَة والخلاف، ونشر رسالة الإسلام الوَسَطِيّ المعتدل، وتقوية الوحدة الدينية، واللُّحمة الوطنية، جمعًا بين الأصالة والمعاصرة لتحقيق سعادة الدنيا والآخرة”.
ودعا في ختام خطبته إلى بدء غرَّة الشهور من العام بالقربات والصِّيام والطاعات ، وأوصى بتقوى الله تعالى والحذر من الغفلات والاغتِرَار، والاعتبار بِتَقَضِّي الدُّهور والأعمار.
وقال :” في هذا الأوان الذي جَدَحَتْ فيه يَدُ الإمْلَاق كأسَ الفِرَاقْ، وأوشك العام على التمام والإغلاقْ، لا بد لأهل الحِجَى من وقفاتْ؛ للعبرة ومراجعة الذاتْ، وتجديد الثقة والثبات، والتفكر في ما هو آتْ ، فَمَن لم يتَّعِظ بِزوال الأيّام ولم يَعْتبِر بتصرُّم الأعْوَام، فما تفكَّرَ في مَصِيره ولا أناب، ولا اتّصف بمَكارِم أولي الألباب ، فاعتبروا يا أولي الألباب.
** خطبة المسجد النبوي:
وفي المدينة المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالبارئ الثبيتي المسلمين بتقوى الله تعالى، وأوضح فضيلته أن نعم الله على عباده كثيرة لا يحصيها العبد ، وأضاف فضيلته أن الإسلام هو أعظم النعم فالمولود يولد على الفطرة وينشأ في بيئة يعبد الله فيها، وبين فضيلته أنّ من أعظم توابع نعمة الإسلام نعمة تنوع العبادات وتعددها فهي نعمة تحتضن حكماً ربانيةً، مفيداً أن الطريق إلى الله هو واحد جامع لكل ما يرضي الله تعالى، وهو متنوع بحسب الأماكن والأزمان والأشخاص والأحوال لاختلاف استعدادات العباد وتخفيفاً عنهم بما يتلاءم مع قدرتهم في المنشط والمكره.
* تقدير جهود المملكة:
وكانت جموع من المصلين من ضيوف الرحمن والمواطنين والمقيمين والزوار قد أدوا أمس صلاة آخر جمعة في شهر ذي الحجة لهذا العام 1439هـ في رحاب المسجد النبوي بالمدينة المنورة.
ويتأهب عشرات الآلاف من حجاج بيت الله الحرام زوار المسجد النبوي الشريف لمغادرة المدينة المنورة عائدين إلى بلدانهم بعد أن منّ الله عليهم بأداء فريضة الحج بكل يسر وسهولة وطمأنينة وسط عناية ورعاية فائقة وخدمات وطاقات متنوعة وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – وضعت جميعها في متناول ضيوف الرحمن ، فيما رفع حجاج بيت الله الحرام عقب أدائهم الصلاة أيديهم إلى المولى عز وجل متضرعين للخالق سبحانه أن يتقبل الله منهم حجهم وصلاتهم وزيارتهم .
وعبر ضيوف الرحمن عن شكرهم لحكومة المملكة لما يقدم من عناية تفوق الوصف وكذلك اهتمام بالغ وكبير بحجاج بيت الله الحرام زوار المسجد النبوي الشريف وعلى الخدمات الجليلة التي وجدوها في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة التي كان لها الأثر الكبير في أداء مناسكهم بكل يسر وأمن وأمان وطمأنينة .