الرياض-واس
اهتم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – بجمع المؤلفات العلمية خلال حياته على الرغم من انشغاله بمرحلة بناء الدولة في ذلك الوقت، فكان شغوفًا بالاطلاع على الكتب العربية المعنية بمختلف العلوم خاصة العلوم الشرعيّة وطباعة معظمها على نفقته وتوزيعها مجانًا للاستفادة منها، ليتم حاليًا رصد 1468 مجلدًا نادرًا في مكتبته الخاصة.
وتناولت كُتب ودوريات مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة في مقرها بدارة الملك عبدالعزيز بالرياض، معارف نادرة ومتميّزة في مجالات العلوم الشرعية، والتراجم، والجغرافيا، والتاريخ الإسلامي والعام، واللغة العربية وآدابها، مرتبة وفق فهرسة رقمية تسهّل على الباحثين والدارسين عناء البحث في المجالات العلمية والفكرية والإسلامية.
وعدّت المكتبة مصدرًا مهمًا من مصادر التاريخ الحديث في المملكة العربية السعودية، خاصة ما يتعلق بعلاقة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – بالعلم والمعرفة، كما تحمل كتبها في طياتها وأغلفتها عبارات وشواهد تاريخية سطرها العديد من المؤرخين والمؤلفين المعروفين في العالمين العربي والإسلامي في ذلك الزمان.
وفي ذلك السياق، قال المشرف على كرسي الملك عبدالعزيز لدراسات تاريخ المملكة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عمر بن صالح العمُري: إن الملك عبدالعزيز – رحمه الله – حرص أثناء حياته على نشر الكتب وطباعتها وتوزيعها على الناس عامة ولطلبة العلم خاصة في داخل المملكة وخارجها، كما ساعد بعض المؤلفين على الاستمرار في نشاطه العلمي من خلال شراء نسخ عديدة من الكتب المطبوعة وتوزيعها على نفقته الخاصة.
وأفاد أن الكتب التي أمر بطباعتها الملك عبدالعزيز إبان فترة حياته تخصّصت في مصنفات العقيدة، والتفسير، والفقه لأعلام السلف مثل: الشيخ أحمد بن حنبل، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والشيخ ابن قدامه المقدسي، ومن ذلك كتابا “المغني” و “الشرح الكبير” اللذين ُطبعا على نفقة الملك عبدالعزيز عام 1340هـ، كما شملت الكتب التي طبعت تخصّصات اللغة العربية وآدابها، والتاريخ الإسلامي، والجغرافيا.
وأوضح الدكتور العُمري أن أهم المطابع التي طبعت فيها المؤلفات المنشورة على نفقة الملك عبدالعزيز – اسكنه الله فسيح جناته – هي: المطبعة المصطفوية في بومباي بالهند، ومطبعة القرآن والسنة في أمرتسد بالهند، ومطبعتي المنار والنهضة في مصر، ومطبعتي الاعتدال والترقي في دمشق، والمطبعة السلفية في مكة المكرمة والقاهرة، ومطبعة أم القرى بمكة المكرمة.
وشهدت مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة عملية تجديد لمحتوياتها التي تعاني من تردي تجليدها أو تآكل ورقها نتيجة لقدمها، ضمن مشروع علمي تبرع بنفقته خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – حيث تم ترميم الكتب ومعالجتها فنيًا، علاوة على تجليدها بجلد فاخر يتلاءم مع أهمية هذه المكتبة وقيمتها التاريخية.
وقامت الدارة بإعادة فهرسة جميع مجلدات هذه المكتبة، وإعداد مستخلصات لمحتوى كل مجلد سواء كان كتابًا أو دورية، وتسجيل بيانات الوقفيّات والملكيّات والإهداءات المدونة عليها، وإعادة تصنيفها على نحو يعكس موضوعاتها، كما تم إدخال بيانات المكتبة في الحاسب الآلي وفهرسة مجلداتها خدمة للباحثين والمهتمين.
ووزعت أقسامها ما بين المجلدات التي تتعلق برعاية الملك عبدالعزيز للعلوم والمعرفة، وجهوده الملموسة في طباعة الكُتب على نفقته الخاصة، وما بين عدد من الكتب المهداة إليه – رحمه الله – وعليها التوقيعات الشخصية التي سجلها الكتّاب العرب والمسلمين باسم الملك عبدالعزيز تقديرًا وامتنانًا منهم إليه لاهتمامه بالعلوم ودعم العلماء.
وعملت دارة الملك عبدالعزيز على دراسة الكتب المتعلقة بتاريخ الملك عبدالعزيز – رحمه الله – والمملكة عمومًا خاصة التي وردت إليها من جهات حكومية وغير حكومية، وقدمت تقاريرها وملحوظاتها وتصويباتها اللازمة عن تلك الكتب، وهو ما ساعد على تصحيح الكثير من أفكار هذه المؤلفات، ليبلغ إجمالي ما درسته الدارة وفحصته من كتب وبحوث محالة إليها عن تاريخ المملكة أكثر من 320 كتابًا وبحثًا.