لا أحد يجهل أو ينكر أن شريحة كبيرة من المتقاعدين يعتبر دخلهم قوياً عند مقارنتهم بغيرهم، بل ويتناسب مع متطلبات الحياة، إما لكون تقاعدهم كبيراً، أو أن حجم أفراد عائلاتهم صغيراً، أو أن لهم دخولاً إضافية تساهم في تلبية احتياجات بيوتهم، ولكن عند استعراض شريحة كبيرة من المجتمع يجد أن نصيبها من دخل التقاعد لا يفي ولا يلبي متطلبات الحياة؛ بحكم أن التقاعد متواضع وضعيف لاسيما مع ارتفاع فاتورة تكاليف المعيشة، وهذا ما جعل الكثيرين من المتقاعدين يبحثون عن مساواتهم بالموظفين الذين سويت رواتبهم، فالمتقاعدون دون شك يعتبرون شرحية فاعلة في بناء المجتمع، ولهم حقوق كغيرهم؛ حيث ساهموا في بناء الدولة وخدمة المجتمع، ودفعوا دماءهم وطاقاتهم في تشييد نهضة بلادهم، أليس من الأولى أن نرعاهم ونمنحهم لمسة وفاء تقديراً لجهودهم وعطائهم؟ أليس لهم حقوق على مجتمعهم ودولتهم تكريماً لهم على خدماتهم السابقة؟
أليست فاتورة تكاليف الحياة تعجز كاهلهم قبل غيرهم لأسباب يفهمها الكثير، فقد ضعفت رواتبهم ؛ بسبب تقاعدهم، ثم ضعفت قدرتهم عن متابعة العمل لوصولهم الى سن لا يخولهم البحث عن عمل ؛ ناهيك أنهم اصبحوا خارج جهاز الموظفين عند احتساب زيادة رواتب التسوية. نعم ليس من الضرور أن يطالب المتقاعدون كيف تمت الزيادة لعموم الموظفين بينما استثنى وأبعد عنها المتقاعدون عند تسوية الرواتب، فخسروا الإضافة التي تسندهم.
فالمتقاعد لا يختلف عن الموظف فهو رب أسرة، وعليه إلتزامات كبيرة، وقد تكون اسرته كبرت اعمارها مع نهاية مراحل عمله، أو أن أولاده وصلوا إلى أعمار كبيرة، استلزم معه ارتفاع تكاليف معيشتهم، إلى جانب النقص الحاصل على ما يستلمه من تقاعد بما يتناسب مع حجم مدة خدمته على خلاف راتبه الأصلي، ويضاف إلى ذلك توقف علاوته السنوية؛ وهذا ينعكس على متطلبات أسرته.
والمجتمع يقدر ويدرك بأن قادتنا – حفظهم الله – تعنيهم هموم مجتمعهم ويتابعونها، ويسعون لتقديم كل المساعدات لهم، والمتقاعدون في هذه الحال يعتبرون في المقدمة؛ حيث أفنوا أعمارهم وحياتهم في خدمة مجتمعهم ودولتهم، والواقع يتطلب تلمس حاجاتهم التي تحفظ كرامتهم وتحترم مكانتهم، فلا أقل من أن تشملهم الزيادة التي جرت لعموم الموظفين عند تسوية الرواتب؛ بحيث تتم مساواتهم بزملائهم الموظفين من خلال تحسين أوضاعهم، فيصرف أقل تقاعد ثلاثة آلاف ريال أسوة بالموظفين، ويتم تعديل التقاعد لعموم المتقاعدين على هذه الاساس، لأن هذا ينسجم مع ارتفاع فاتورة تكاليف الحياة، والمتقاعد أولى بذلك بحكم كثرة أولاده وارتفاع متطلباتهم، ونقص ما يستلمه عن راتبه الأصلي وعدم قدرتهم على مواصلة العمل لسد عجز ميزانيته؛ ناهيك أن المغزى من هذه النظرة الإنسانية الحانية، يعتبر أرفع واسمى وسام يمنح للمتقاعد على أخلاصه ووفائه لمجتمعه وأمته.
أتمنى كغيري من المدركين لهموم هذه الفئة المهمة أن ينعموا بتصحيح وضعهم، وأن ينقل المختصون هذه المعاناة إلى صاحب القرار، ليشملهم بعطفه ورعايته ، فيصدر قرارا كريما يقوم على مساواتهم بالموظفين، من حيث اعطاء اقل تقاعد مبلغ ثلاثة آلاف ريال، ثم ترفع مداخل المتقاعدين تباعاً لذلك؛ لاسيما وأن مثل هذه الاعمال المباركة تنمي الانتماء الوطني، وتكون خيراً كبيراً في منهج العدالة والمساواة التي نسعى لها جميعاً.
الخبير الاجتماعي صالح بن عبد الله العثيم.
رقم الهاتف 0556153400 أو 0555153000