ملامح صبح

القصائد المستنسخة لا تعيش طويلاً !

رؤية:محمد صلاح الحربي

في الكثير من المجالات يمكنك أن تختار أنموذجك أو قدوتك .. أن تختار ما يمكن أن تحاول ان تكونه ، أو تقتفي أثره لتصل إلى ما وصل إليه أو توافقه .في مجال الاقتصاد والطب والرياضة مثلا ، وغير ذلك من المجالات الأخرى .. إلا في المجال الفن الكتابي .

وفي مجال الشعر بشكل خاص .في هذا المجال يجب أن تكون أنت وحدك ، نفسك أو تجاهد من اجل أن تكون كذلك ..ومن المؤكد انك لابد ان تكون معجباً بشاعرية وعطاء شاعر ما ـ او مجموعة شعراء ـ معجباً بأسلوبه وبقدرته على جعلك معجباً به ! ولذلك لا مفر من أن تحتفي بقصائده وتحتفظ بها .

لكن يجب عليك كشاعر الا يقودك ذلك الإعجاب إلى أن تجعل من ذلك الشاعر قدوة أو أنموذجا لك في شعرك ،لأنك لو فعلت ذلك ستجد نفسك صورة باهتة له ، او مجرد نسخة مكررة مشوهة لن يكون لها اثر ..وللابتعاد عن تجارب الآخرين من الشعراء الذين تحمل لهم إعجابا خاصاً يلزمك نسيانهم بشكل مطلق عند الكتابة لأن اي اثر لوجودهم في مخيلتك سيجعلك ـ وإن لاشعورياً ـتكتب كما يكتبون ،

وتسير على جادتهم .كيف تنساهم ؟ ربما عندما يكون إحساسك/قلمك .إن الكثير من القصائد الجديدة التي نقرأها لبعض الشعراء الجدد نجد أنها تحمل الكثير من ملامح شعراء آخرين نعرفهم ونعرف شعرهم .

ومن المؤكد أنهم شعرائهم المفضلين ، أو يحملون لهم إعجابا كبيراً تملكهم حتى أصبحوا يقعون في أسره ..والبعض منهم تحمل قصائدهم ملامح شعراء كثر وليس شاعراً واحداً إنها ملامح أساليبهم وإستخداماتهم وطرائقهم ..ومن يأتون بأساليب الكثيرين كمن تفرق دمه بين القبائل ! ولأنه من الصعب تماثل أسلوب شاعر آخر متميز كما هو او الكتابة كما يكتب تحديداً ، فإن قصائد المقلدين تأتي كاستنساخ غير دقيق ، ولذلك تظل غير مقنعة وغير مؤثرة مهما بدت جودتها الظاهرية ، اذ انك ترى بها ملامح شاعر آخر يكتب بشكل أعمق وأجمل ، وهو الأصل .

والقارئ ليس بحاجة لهذه النسخة المكررة الهزيلة مادام الأصل موجوداً لذلك لابد أن يهمل الصورة ولذلك فإن القصائد المستنسخة لا تعيش طويلاً إن القارئ ينساها بسرعة لأنها لا تحمل إليه اي مفاجأة او دهشة لأن الأصل قد استنفذ ذلك لديه ! إن الشاعر الموهوب وحده لا يحتاج لقدوة او يتخذ نموذج إقتداء،الشاعر كائن متمرد على كل الطرق المعبدة ،وهو مغامر متهور ..

و بالمزيد من مغامراته وتهوره المزيد من اكتشافاته الخيالية والمعرفية بل والحسية .ـ لا تضع في بالك التهورات المجانية التي لا تأتي بنتيجة ـ كما انه لا يحتاج لمدرسة شعر ولا لشهادة تثبت تخرجه منها ..الشاعر الموهوب وحده دائماً نبت خاص ، يتنامى و يتسامق ، وتتشكل أغصانه و أوراقه بطريقته الخاصة وهو يسقى نفسه بنفسه ، عبر احتراقاته ، جنونه ، تهوراته ويجب ان يحيا واقفاً ، وقفته الخاصة به لا وقفة بغيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *