القاهرة ــ محمد عمر – عمر رأفت – أحمد عادل
أثار الموقف الذي اتخذته القيادة السياسية في المملكة، بشأن قضية المواطن جمال خاشقجي، ردود فعل واسعة، لما لمسه الجميع من تعاون على كافة المستويات في سبيل الوصول للحقيقة، فالأمر لم يكن كما صورته وسائل الإعلام المغرضة، خلال اتهاماتها للمملكة بإخفاء الحقيقة، ولكنه لم يتعد كونه تريثا لكي تأخذ الأمور مسارها الطبيعي.
فتأكيد كافة القيادات وجهات التحقيق السعودية، على تقديم كل من يثبت تورطه في قضية خاشقجي، لاقى ترحيبا واسعا على كافة المستويات، فضلا عن إقالة بعض المسؤولين والأشخاص الذين ثبت تورطهم في التسبب في هذا الحادث، حيث شددت عدة دول على أن هذه الخطوات ليست بمستغربة على السعودية، التي دأبت على إظهار الحقيقة ولا شيء غيرها وعدم استباق الأحداث، حتى لا يتم التأثير على مجريات التحقيق الطبيعية.
وجاءت خطوة فتح المملكة العربية السعودية تحقيقات بخصوص قضية جمال خاشقجي لتوضح مدى شفافية المملكة في تناول قضاياها الخاصة، وتوضيح كافة تفاصيل تلك القضية امام العالم بشكل عام والداخل السعودي بشكل خاص.
وقد عبر عدد من الباحثين والخبراء عن رأيهم في شفافية المملكة والطريقة التي تتعامل معها السعودية بخصوص تلك القضية.
وفي هذا، قال محمد حامد، الباحث في الشأن الدولي، إن قرار المملكة بإجراء تحقيق شفاف وعادل على خلفية قضية جمال خاشقجي انما هو قرار قوي وصائب وقطع الطريق على كل الالسن التي ترغب في تشويه سمعة المملكة بسبب هذه الازمة.
وأضاف حامد في تصريحات لـ”البلاد” أن التحقيقات الحالية ستكشف للعالم بأسره الحقائق قريبًا، وأن هذه الخطوة أفضل من التدويل والدخول في قضايا المحاكم الدولية وغيرها.
وأكد أن قرارات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز إنما هي قرارات قوية سيكون لها صدى قوي خلال الفترة القادمة في هذه التحقيقات.
وأشار إلى أن محاربة الفساد وغيرها من القوانين الصارمة تأسست منذ صعود ولي العهد محمد بن سلمان، وكان هذا دليلًا واضحا على شفافية المملكة عندما تم محاسبة عدد من رجال الاعمال.
وقال هشام البقلي، الباحث في الشأن الدولي، إن التحقيقات ما هي الا دليل على أن المملكة لا تريد أن تخفي أي شئ عن العالم بأسره في تلك القضية.
وأضاف البقلي، في تصريحات لـ”البلاد” أن تلك الخطوات تدل على أن المملكة تريد القصاص من المتهمين وتقديمهم للعدالة، وهذا دليل قاطع على الشفافية.
وأوضح أنه وبالطبع ان التعامل الشفاف للسعودية مع تلك القضية يعد موقفًا قويًا بالرغم من محاولة بعض الجهات الدولية في توريط المملكة في القضية وإظهارها بصورة لا تليق بها خلال الفترة القادمة وهو الأمر الذي فشلت فيه تلك الجهات الدولية.
وقال سعيد اللاوندي، الخبير في الشؤون العربية، إن تلك الخطوة بفتح تحقيقات من الجانب السعودي أتت في وقتها لتزيل كافة الضغوطات عن المملكة بشأن تلك القضية.
وأضاف اللاوندي، في تصريحاته، أن الاوامر الملكية بفتح تحقيقات بخصوص قضية خاشقجي خطوة صحيحة لأنها أظهرت للعالم مدى شفافية المملكة في تناول قضاياها.
وأوضح أن هذا الأمر سيخفف من الضغوطات التي كانت تمارس على السعودية من الخارج، وستبطل المؤامرة التي كانت تخططها بعض الدول مثل تركيا ودول اخرى أرادت استغلال أزمة خاشقجي لتشويه سمعة المملكة امام العالم، وهو الأمر الذي فشلت فيه، خاصة بعد تصريحات النائب العام السعودي الأخيرة.
كما قال أحمد العناني، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن اتخاذ المملكة لخطوة فتح التحقيقات إنما هي خطوة هامة تدل على شفافية المملكة.
وأضاف العناني أن تلك الخطوة بجانب القرارات التي اتخذها الملك سلمان، تعتبر قوية لحسم قضية خاشقجي سريعًا.
وأشار إلى أن الاعلام القطري حاول ممارسة الضغوط على المملكة ولكنه فشل في هذا الأمر بعد أمر فتح التحقيقات.
وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحات خاصة لـ«البلاد»: “أعان الله المملكة، لأن هذه القضية على درجة عالية من الحساسية، ترتب عنها العديد من المشكلات الخاصة بالتصريحات المهاجمة للمملكة”.
وأضاف بيومي: “أنا على اقتناع تام بأن السعودية لديها من الخبرة ما يخرجها بسلامة من هذه الأزمة، خصوصا بعد تشديد المسؤولين على أن المملكة مصرة على إظهار كافة الحقائق حول هذه القضية وتقديم كل من يثبت تورطه للعدالة وهو ما ظهر جليا في التحركات الأخيرة وإقالة عدد من المسؤولين على خلفية إثبات جهات التحقيق علاقتهم بهذه القضية”.
وتابع “هذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي تتم وقائعها في سفارة أو قنصلية إحدى الدول، ولكن الفرق هنا الشفافية التي تتعامل بها المملكة مع الحادث واستعدادها الكامل لإظهار الحقيقة ومحاسبة المتورطين، وأتمنى ألا يبالغ الجميع في ردود الأفعال وترك الأمر للجهات المختصة لاستجلاء كافة التفاصيل والمتورطين وراء هذا الأمر”.
وأشار إلى أنه يضم صوته للتصريحات الرسمية الصادرة من وزارة الخارجية المصرية، التي ثمنت جهود المملكة في هذا الشأن، وشددت على ضرورة أن يعطي الجميع أنفسهم مهلة لاستبيان الحقيقة في هذه القضية، قائلا: “القيادة السعودية تتعامل مع الأمر بكفاءة وموضوعية شديدين منذ بدء الأزمة، كما أنها تعرض أمام الجميع أولا بأول ما آلت إليه التحقيقات وتطوراته والمعلومات التي توصلت إليه”.
ورأى مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق، أن الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل السعودية، كانت أكثر من كافية بخصوص القضية، مضيفا “الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل المملكة، لم تكن كافية فحسب بل وزيادة أيضا عن المطلوب، فهي لم تكن مجبرة على الإطلاق بالإعلان عن كافة الخطوات التي تتخذها في القضية ولكن من منطلق الشفافية واحترامها للرأي العام، آثرت أن تطلع الجميع على ما تم التوصل إليه، ليعرف القاصي قبل الداني أنها بلد عدل ولا يظلم فيها أحدا ولا يهرب أيا كان منصبه من تحت أيدي العدالة”.
بدوره، أشاد الدكتور عبد الله المغازي، معاون رئيس الوزراء المصري الأسبق، في تصريحاته لـ«البلاد»، بالإجراءات التي اتخذت من القيادة السعودية بشأن القضية وتطورات التحقيق مع المتورطين في الحادث، قائلا: “ما اتخذته السعودية في هذا الصدد أمر يستحق الإشادة والاحترام، لأنها بنفسها من قامت بفتح تحقيق موسع حول وفاة أحد مواطنيها في قنصليتها باسطنبول وإبداء الاستعداد لتقديم كل المتورطين في الأمر للعدالة وكون هذا الحادث وقع في إحدى المؤسسات الرسمية التابعة للدولة السعودية لا يعني بالضرورة علم القيادات السياسية الكبرى بهذا الأمر وبناءً على ذلك أصرت القيادات على أن من أخطئ لابد أن يلقى جزائه”.
وأوضح المغازي أن هذا الحادث، ليس فريدا من نوعه ويحدث في العديد من بلدان العالم ومع دول مختلفة، كما حدث بين بريطانيا وروسيا من قبل، مضيفا “من الوارد في أي دولة أن تقوم بعض العناصر الأمنية باتخاذ خطوات غير محسوبة، وهذا ليس معناه بالضرورة أن تكون القيادات السياسية في أعلى مستوياتها على علم بهذا الأمر، وبناء عليه ما قامت به المملكة من إجراءات لمحاسبة المتورطين في الأمر يدل على الشفافية الكاملة للتعامل مع هذا الحادث والإصرار الكبير لدى المملكة للوصول للحقيقة، عن طريق الإجراءات القانونية السليمة التي تتماشى مع طبيعة الأمر”.
وشدد على أن المملكة بهذه الخطوات تثبت للجميع حسن نيتها في التعامل مع هذا الحادث ومحاسبة كل من يثبت ضلوعه في هذه القضية، متابعا “التعامل مع القضية كان لابد له من البداية اتخاذ خطوات حكيمة، لأن الأمر هنا متعلق بقنصلية دولة ولها وفقا لأحكام القانون الدولي جزء لا يتجزأ من أرض الدولة الأم، حيث إن التعامل مع مثل هذه القضايا يجب أن يتسم بالتريث الشديد، حتى يتم إصدار قرار صائب بناءً على معطيات حقيقية وأدلة وليست إشاعات”.
“المملكة ومنذ فترة طويلة تواجه هجمة شرسة من عدة جهات والكثير من الدول ينتظرون لها أي إخفاق صغير حتى يتم تضخيمه بغرض النيل من مكانها وسمعتها على كافة المستويات، وللأسف فإن المسئولين المتورطين في هذا الأمر وضعوا المملكة في حرج شديد للغاية، ولكننا على ثقة تامة بأن قيادات السعودية لن يدخروا جهدا للوصول لكل المتورطين الآخرين في هذا الحادث”، هكذا أضاف السياسي المصري.
وتابع “من بداية الأزمة وأنا أدعم تريث المملكة في استبيان الحقيقة وعدم التسرع في اتخاذ أي إجراءات قبل الوصول لدلائل مؤكدة، لأنه من الطبيعي أن المتورطين من بعض الضباط والمسؤولين بالقنصلية، لن يعترفوا بما حدث بسهولة، ولكنه بالضغط وتضييق الخناق عليهم من جانب جهات التحقيق السعودية، فضلا عن أن القيادة على أعلى مستوياتها ممثلة في جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز، جعلت الأمور تسير في طريقها الصحيح نحو معرفة الحقيقة حول مصير خاشقجي، وأبدت حسن نواياها في معاقبة المتورطين في الحادث”.
واستطرد “لا يمكن التعامل مع الأمر بأكثر من حجمه وتهويله، لأن المملكة لها العديد من المعارضين في مختلف أنحاء العالم ومسؤولين على قدر كبير من الأهمية ومعارضتهم أكثر شدة من الصحفي الراحل، ولم نر أو نسمع أن المملكة قامت باستهداف أيا منهم وذلك من منطلق حرية التعبير الذي تدعمه الدولة السعودية بكل قيادتها بقوة، ولم يمس هؤلاء بأي سوء، ومن غير المنطقي أن يكون هناك رغبة في استهداف من هو أقل تأثيرا، فالأمر لا يعدو كونه تحركا غير مسئول من بعض الأشخاص وهو ما يعطي الحق للمملكة بتقديمهم جميعا للعدالة، لأنه ليس من عادات المملكة أن تخفي الحقائق أو تستهدف معارضيها”.
من جانبه، أثنى الدكتور ياسر الهضيبي، المتحدث الرسمي باسم حزب «الوفد» المصري، على الإجراءات التي اتخذها خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، بخصوص إقالة المتورطين في قضية وفاة المواطن السعودي جمال خاشقجي، قائلا: “الإجراءات التي اتخذت تنتصر للقانون والعدالة والإصرار على عدم هروب أي متهم من المساءلة القانونية وتوقيع العقاب اللازم عليه”.