الغوطة ــ وكالات
تماما كما كان متوقعا، لم يفلح قرار مجلس الأمن الدولي بإعلان هدنة إنسانية لمدة شهر بسوريا، في ردع الأطراف المتقاتلة، ومنح المدنيين فرصة الحصول على المساعدات. اذ واصل النظام السوري وميليشياته الايرانيين استهداف المدنيين بالغوطة الشرقية، في تحدٍّ للهدنة الأممية، التي أقرت قبل 72 ساعة، لوقف إطلاق النار لمدة شهر. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، امس الإثنين، بمقتل 10 مدنيين، بينهم 9 من عائلة واحدة، في غارات لقوات النظام السوري على الغوطة الشرقية. وذكر مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة فرانس برس: “أن 9 مدنيين بينهم 3 أطفال قتلوا جراء غارات لقوات النظام بعد منتصف الليل على مدينة دوما فيما قتل مدني عاشر، في قصف صاروخي على مدينة حرستا”.
ويؤكد هذا الهجوم استهانة النظام السوري بالهدنة، التي أقرها مجلس الأمن، السبت والتي كانت تستهدف بالأساس تخفيف وطأة المأساة الإنسانية في الغوطة الشرقية، بعد أسبوع من قصف راح ضحيته نحو 500 شخص على الأقل و2330 جريحا، وسط تحذيرات منظمات دولية من تدهور سريع للأوضاع الإنسانية.
ومرر مجلس الأمن الهدنة، التي كان يفترض أن تشمل كامل التراب السوري لمدة شهر، بموافقة روسيا.
ثم ان المعطيات على الأرض أكدت ما قاله السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبيزيا، للصحفيين عقب انتهاء جلسة التصويت على القرار، أنه “ينبغي على الجميع أن يكون واقعيين، وأن تنفيذ الهدنة لا يمكن أن يتم من خلال قرار لمجلس الأمن، مع كل الاحترام لهذه المؤسسة، لكن من خلال اتفاق الأطراف المعنية على الأرض .
تصريح يؤكد أن استمرار القتال من عدمه غير مرتبط بقرار من مجلس الأمن، وإنما بالمعادلة الميدانية وبموازين القوى على الأرض.
فبعد مخاض عسير، صوت مجلس الأمن بالإجماع على القرار حول سوريا، في خطوة تأخرت لـ3 أيام، حيث كان من المقرر أن يتم الخميس، قبل أن يتأجل للجمعة، وبعد سجالات ومداولات تأجل التصويت للسبت، قبل أن يتعثر أيضا إقراره لعدة ساعات.
وتعثر منح دبلوماسيين بالأمم المتحدة، حتى اللحظات الأخيرة قبل صدور القرار، شعورا بأن ممثلي الدول الأعضاء سيخفقون في جلسة السبت أيضا، نظرا لتأخرها لأكثر من ساعتين عن موعدها المحدد، في التوصل إلى اتفاق.
ومن أبرز الفقرات التي شكلت نقطة توقف بالمجلس، تلك المتعلقة بما إن كان القرار سيشمل وقف الأعمال العدائية في سوريا وإقرار الهدنة، أم أنه سيكتفي بمطالبة الأطراف المعنية بوقف الأعمال العسكرية.
وخوفا من أن يجهض الفيتو الروسي المتوقع القرار الدولي حول الهدنة الإنسانية بسوريا، كان لابد وأن يتم تعديل الفقرة الأولى من القرار، حتى تكون على مقاس موسكو، وتضمن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها غالبية الدول الأعضاء بالمجلس مرور القرار.
وبالفعل، تم تعديل الفقرة نزولا عند طلب روسيا، ليستثني القرار الجماعات الإرهابية بسوريا مثل “داعش” وغيره من التنظيمات الإرهابية المسلحة، ما يعني في النهاية أن الاقتتال لن يتوقف بشكل كامل، طالما أن أي طرف بسوريا يمكنه أن يتذرع بمحاربة التنظيمات المسلحة والإرهابية لمواصلة الأعمال العسكرية، وهذا بالضبط ما يحصل على الأرض.
والمفارقة أن مندوب النظام السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، قال متوعدا أمام مجلس الأمن خلال الجلسة وعقب التصويت، إن بلاده «لن تتوانى في استخدام قوتها العسكرية أمام أي مجموعات عسكرية تخرق هذا القرار ولو حتى بقذيفة واحدة»، قبل أن تخرق قوات النظام القرار من الغد.
بينما رحبت تركيا التي تقود عملية عسكرية بعفرين السورية، بمطالبة مجلس الأمن الدولي وقف إطلاق النار بالبلد الأخير.
وقالت الخارجية التركية، إن أنقرة ستواصل مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد الوحدة السورية.
من جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة التركية، بكير بوزداغ، إن “قرار وقف إطلاق النار في سوريا لن يؤثر على عملية غصن الزيتون الجارية ضد التنظيمات الإرهابية في منطقة عفرين السورية”.
موقف يخلق استثناء جديدا في القرار الدولي، من شأنه أن يتجلى على الأرض من خلال استمرار استهداف وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية، وتقول إنها امتداد لحزب العمال الكردستاني في تركيا.
حسابات أحادية تفتح جبهة جديدة في الحرب السورية، وتسلط الضوء على تجاذبات القوى الدولية في تلك المنطقة، والأسوأ هو أن القول بوجود معركة تركية كردية على أرض سوريا.
بدوره قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ان القت قد حان لوقف هذا الجحيم الموجود على الأرض” في الغوطة الشرقية.
ودعا للالتزام بقرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف الأعمال العسكرية في سوريا دون تأخير.
جاء ذلك في افتتاح الجلسة السنوية الرئيسة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، والتي تستمر أربعة أسابيع.
وجدد غوتيريش ترحيبه بالقرار الذي اعتمده مجلس الأمن بالإجماع، السبت، مضيفًا أن قرارات المجلس “لن تكون ذات مغزى ما لم يتم تنفيذها بشكل فعّال”.ودعا غوتيريش أيضًا إلى “تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية دون عوائق وإجلاء المرضى والجرحى”.