أرشيف صحيفة البلاد

الغلاف الجوي الدرع الواقي المثالي

هارون يحيى

للحفاظ على بقاء الكائنات الحية على سطح هذا الكوكب، لا بد من وجود عدد لا نهائي من التفاصيل، منها على سبيل المثال، موقع الأرض على مسافة محددة من الشمس، ومدى معين من درجة الحرارة، وجود عنصر الكربون، وغاز الأوزون، ودورات المياه الطبيعية، والمعادن التي تُنتجها الكائنات الحية الدقيقة، والتمثيل الضوئي، وزاوية انحراف الأرض الدقيقة عن محورها، والجاذبية الأرضية، وغيرها من القوى التي تحافظ على التراكيب الذرية في حالة استقرار، وغيرها وغيرها من تلك التفاصيل.

فقد خُلق هذا العالم وفق توازن يحافظ على كافة هذه الأوضاع. وإذا ما اختفى الغلاف الجوي الذي يحيط بهذا الكوكب المُعجز، ويحافظ على كافة هذه التوازنات، سوف تنتهي الحياة.

ثمة مدى معين من درجة الحرارة والضوء يساعد على استمرار حياة البشر على سطح الأرض. فالحرارة المشتعلة، والبرد المتجمد، والأشعة المميتة المنتشرة في الفضاء الخارجي، تنفذ إلينا منها فقط عبر الغلاف الجوي الذي يعمل كمصفاة، مستويات كافية للحفاظ على حياتنا. إذ يَنتج عن انفجار واحد من الانفجارات الشمسية،

مقدارًا من الطاقة يعادل 100 مليار قنبلة مشابهة للقنبلة التي دمرت مدينة هيروشيما. وبفضل الغلاف الجوي، تصل تلك القوة المهلكة إلى الأرض بالمقدار المثالي. فإذا تمكنت الأشعة تحت الحمراء، والأشعة فوق البنفسجية، وأشعة جاما، والأشعة الدقيقة من النفاذ بمعدل أعلى قليلًا، سوف تموت كافة الكائنات الحية.

يحمي هذا الدرع كوكب الأرض منذ مليارات السنين من آثار تلك الأشعة المميتة. فإذا توقف الغلاف الجوي عن أداء وظيفته، فهل من الممكن إنشاء درع واقٍ آخر ليحل محله؟ هل هناك طريقة أخرى لحماية البشرية من تلك الأشعة المميتة، والحرارة الحارقة؟ الإجابة على هذين السؤالين هي “لا”، سواء القدرة البشرية أو التكنولوجيا لا تستطيع صنع مثل هذا النظام المثالي. وبناء على ذلك، وفق أي منطق يمكن لأي شخص أن يتوقع أن يتكون غلاف جوي جديد بالصدفة؟

لا يستطيع أي شخص يتمتع بكامل قواه العقلية، أو لديه ضمير يقظ، أن يُقر بإمكانية نشوء نظام لا تشوبه شائبة بمحض الصدفة. فلن يكون هناك وقت على سبيل المهلة أيضًا، لأن الحياة سوف تنتهي عند اللحظة الأولى. بعبارة أخرى، الغلاف الجوي لكوكبنا، ما هو إلا جزء من عظيم إبداع الله سبحانه وتعالى، والذي تتجلى عظمته سبحانه في كل وقت وفي كل حدث.

“وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ” (سورة الأنبياء 31-32).