الأرشيف مقالات الزملاء

العنوسة والعادات الضارة

لعل أخطر ما نواجهه في مجتمعاتنا أن آلاف الشباب يموتون في ساحات الوغى وغرقاً في البحار والمحيطات وقد خرجوا من ديارهم فمنهم من تقوده أفكاره المتطرفة ومنهم المغرر بهم وغيرهم ممن يسعون لحياة سعيدة لم يعثروا عليها في أوطانهم وإن نجوا من الموت فإن عودتهم تستغرق سنين طويلة.ومن غير الذين خرجوا نجد من تمرد على دولته ومن انغمس في الصراعات القبلية وغيرها فخطفت حياته والدائرة تدور..وحتى وإن لم يحدث كل هذا ففي المقابل تمتلئ البيوت بفتيات تجاوزن سن الزواج أو على وشك ذلك في حين تشير الاحصاءات الرسمية في كثير من الدول إلى ارتفاع نسبة الإناث المواليد عن الذكور.
وتأتي العادات الاجتماعية لتضيف إلى عنوسة الفتيات أرتالا منهن.فمع الأوضاع الاقتصادية والأزمات المالية تبقى هذه العادات المجحفة حاجزاً أمام الشباب الراغب في الزواج وتكون النتيجة كما قال رسولنا الكريم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.), وبعد هذا لن يفيد من يقف خطيباً ليهاجم الشباب ويتحدث عن فسادهم متجاهلاً الأسباب التي أدت إليه أو أن يقوم بعض الخيرين بتكوين جمعيات للمساعدة على الزواج أو ان يجتمع أهل بعض القرى والبوادي والأحياء في المدن ليحددوا تكاليف الزواج أو تنظيم ما عرفناه في السودان بمهرجانات الزواج الجماعي التي انتشرت لبعض الوقت ثم اضمحلت الآن فهذه وتلك وإن كانت مطلوبة وبشدة إلا أنها لا تخاطب جذور المشكلة وتبقى محدودة التأثير وبطيئة الحل.
كما أن مجتمعنا السوداني مثلاً لايحبذ تعدد الزوجات في الغالب الأعم وفي حين يفرض قيوداً أقل على سلوك الفتيان فإنه صارم جداً ومتشدد تجاه الفتيات وبالتالي نجد أن بعض سلوكياته وتصرفاته لا تحددها في بعض الأحيان معايير دينية..وهنا مربط الفرس.
إذن لابد من الاصطدام وبقوة بجدار العادات الاجتماعية التي تسمح بالتفاخر والمغالاة في المهور وإقامة الولائم المبالغ فيها والحفلات التي تكلف الكثير من المال والوقت والجهد والتي قد تتعارض مع القيم والأخلاق الفاضلة بصخبها وضجيجها والتي تجبر من لا يملك لمجاراة من يملك خشية من الناس وخوفا من القيل والقال إضافة إلى استغلال البعض لبناتهم واعتمادهم على دخلهن خاصة بعد انتشار التعليم في أوساطهن وكذلك نبذ التفرقة بين الأولاد والبنات في المعاملة والسلوك.. وهي مسؤولية جسيمة وإلا فالخطر محدق وعلينا تحمل نتائجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *