سراج عمر عبد ربه
هذا ماعرف عنه في حيينا، العم منتوف رجل كادح في هذه الحياة، لم يجد مأوى يؤويه، أو سكنا يستره.
رجل كريم من سكان الحي، تكرم عليه بعزله خلف داره مع حوش صغير. بعد العشاء يجلس عّم منتوف وزوجته في ركن الحوش، مابين عشاء وشاي وسمره إلى الساعة العاشرة ينطفئ السراج إلى الفجر. بعد صلاة الفجر لا أحد يراه إلى ماقبل العشاء. عرفنا فيما بعد، ونحن عيال الحارة أنالعم منتوف يتاجر بالحمير- أكرمكم الله- وبالكاد يطلع مصروف يومه.
يشتري الحمار الهزيل، ويحبسه عنده ويعلف فيه ويغسله ويقص شعره، وبعد كم يوم يبيعه. مرت سنون والعم منتوف علي هذ الحال، وكان لديه ولد واحد. زوجته أصغر منه بكثير؛ بسبب أن ما أحد رضي يزوجه غير جاره في الصنعة(رحمه الله).مرت الأيام سراعا، وانتقل عم منتوف إلى رحمة ربي.
بعد فترة ليست بالبعيدة، انتقل ابنه من الحي، تاركا أمه في العزلة، ولم نسمع عنه شيئاً. كنا في لندن، إحدى المدن الأوروبية، شاهدنا كغيرنا أحد الأثرياء بسيارة فارهة، ومعه حراس يفتحون له الطريق للمرور لمبتغاه. كنّا جلوساً في أحد مقاهي لندن المعروفة. وحضر ذلك الثري، وسلم وسلمنا، ولم نعره اهتماماً. أخذ كرسيا من الطاولة – التي جنبن وجلس معنا وسلم علينا بالاسم، ثم قال: هل عرفتموني؟
فأجبنا بالنفي مكملين حديثنا الجماعي. فقام بتعريف نفسه، قال: أنا فلان بن فلان الشهير بعم منتوف، هل عرفتموني الآن؟ حينها قمنا سلمنا عليه فردا فردا، ودعانا للعشاء ثاني يوم، وأرسل سائقه وحضر بنفسه ليرافقنا.
حكى لنا حكاية المرحوم العم منتوف، ومقدار الثروة التي تركها له في تنك مليء بالذهب والفضة والمبالغ الورقية ونماها لنا. وحكى عن والدته، التي لم تبرح دارها؛ حتى توفاها الله، رغم اأها عرض عليها الزواج من أـكثر من شخص فرفضتهم جميعا؛ احتراما لذكرى العم منتوف – رحمه الله.