متابعات

العلاقات السعودية المصرية تكتسب أهمية كبرى لمصلحة الأمة العربية

القاهرة – محمد عمر
تتسم العلاقات بين المملكة، ومصر، بأسس وروابط قوية؛ نظراً للمكانة والقدرات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية. وتؤكد الخبرة التاريخية أن لقاء المملكة العربية السعودية ومصر على استراتيجية واحدة، ممثلة في التنسيق الشامل، يمكن أن يحقق الكثير للأهداف والمصالح العربية العليا. وهو ما عبر عنه الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه، في توضيح الأهمية الإستراتيجية للعلاقات المصرية السعودية بمقولته الشهيرة: “لا غنى للعرب عن مصر – ولا غنى لمصر عن العرب”.
العلاقات بين المملكة ومصر، علاقات استراتجية تتسم دائما بالتميز، فعلى الصعيد العربي تؤكد صفحات التاريخ أن الرياض والقاهرة، هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي، وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي، والوصول إلى الأهداف الخيّرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية.

وعلي الصعيد الإسلامي والدولي ، فإن التشابه في التوجهات بين سياستي البلدين، يؤدى إلى التقارب إزاء العديد من المشاكل والقضايا الدولية والقضايا العربية والإسلامية؛ مثل الصراع العربي الإسرائيلي، والقضية الفلسطينية ، ومن هنا كان طبيعياً أن تتسم العلاقات السعودية المصرية بالقوة والاستمرارية، ويمكن الإشارة إلى عدد من المواقف الدالة على عمق هذه العلاقات.
فقد وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، وقد قدمت المملكة لمصر في 27 أغسطس 1956 (100 مليون دولار)، بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي، وفى 30 أكتوبر أعلنتِ المملكة، التعبئة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على الشقيقة مصر.
وعقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية مصر وسوريا والأردن عام 1967م، توجه الملك فيصل بن عبد العزيز، رحمه الله، بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب الدول الشقيقة، المعتدى عليها، وتخصيص مبالغ كبيرة لتمكينها من الصمود. واستمرت المساندة السعودية لمصر حتى حرب أكتوبر 1973؛ حيث ساهمت المملكة في الكثير من النفقات، التي تحملتها مصر قبل الحرب، وقادت المملكة معركة البترول؛ لخدمة حرب أكتوبر.
وفي أعقاب أحداث 25 يناير2011م، و30 يونيو 2013م، قدمت السعودية دعمها السياسي والدبلوماسي والمالي لمواجهة المواقف المناوئة للقيادة المصرية، وحظرت أنشطة الجماعات الإرهابية، وساندت الاقتصاد المصري بعشرات المليارات.
من جهته، قال الدكتور إسلام شاهين الخبير الاقتصادى المصرى لـ(البلاد) :”اتسمت العلاقات المصرية السعودية؛ بكونها أنموذجا استثنائيا يحتذى للعلاقات الأخوية، وبقوة الشراكة الاستراتيجية في العديد من المجالات، خاصة في الجانب الاقتصادي، فقد وصل حجم الاستثمارات السعودية في مصر حوالي 27 ملياردولار، أي حوالي 101 مليار ريال. فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية في 2017 نحو 2.1 مليار دولار، بحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة.
كما تصدرت المملكة قائمة الاستثمارات العربية في مصر بـ2900 مشروع، موزعة على كل القطاعات الإنتاجية والخدمية.وتوقيع اتفاقية لإنشاء صندوق مصرى سعودى للاستثمار، وذلك في إطار التعاون، وتبادل الرؤى المشتركة بين البلدين.
وتتمثل المشروعات المشتركة بين المملكة ومصر في خط تعمير شبه جزيرة سيناء، ومحور تنمية قناة السويس، وامتدت لتشمل مشروع الربط الكهربائي، الذي يهدف إلى الإسهام في تلبية احتياجات الطاقة الكهربائية في مصر والسعودية، وتحسين أداء واستقرار الشبكة في البلدين، بجهد يصل إلى 500 كيلو فولت من محطة تحويل بدر في مصر إلى محطة تحويل شرق المدينة المنورة، مروراً بمحطة تحويل تبوك في السعودية بطول حوالي 1300 كيلو متر، وبقدرة نقل تبلغ حوالي 3000 ميجاوات.
فالشراكة السعودية المصرية، سوف تنعكس على الجانبين، بما لهما من قوة إقليمية؛ سواء على المستوى السياسي أو الجغرافي أو حتى الاقتصادي ، فإذا كانت السعودية تملك القوة التمويلية والرؤية الطموحة، فإن الجانب المصري يضمن الاستقرار السياسي والعمالة المدربة والماهرة في شتى المجالات، وستبرز الفرص الاقتصادية للحكومة وللقطاع الخاص العربي، التي ستضمنها التوافقات السعودية- العربية لضمان أمن واستقرار المنطقة.
وعليه، أقول: إنه بتفهمنا وبتكاملنا وتوحدنا الاقتصادي، نحمي مكتسباتنا المشتركة، ونقوي اقتصاداتنا، ونبني مستقبلا أفضل لشعوبنا العربية .
ولعل(رؤية 2030) للأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، ترتكز على العديد من المحاور بالنسبة للعلاقات العربية مع المملكة، من بينها :
– إصلاحات شاملة في المملكة، وتقديم نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة
– أهمية استغلال واقتناص الفرص المستقبلية لمواصلة الإنجازات، واستمرارا للتعاون والتواصل مع الدول الشقيقة في شتى المجالات؛ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ودفاعياً .
– تعزيز علاقات المملكة إقليميا ودوليا . وإقامة مشروعات شراكة استراتيجية، تقوم على سلسلة من المشاريع الاقتصادية والعسكرية؛ من أجل تعزيز التعاون بشكل أكبر بين أكبر اقتصادين في العالم العربي.
– مواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وتداعياتها على أمن شعوبها واستقرارها .
– بناء وتوطيد أواصر العلاقة بين البلاد العربية، وفي مقدمتهم مصر والإمارات .
– تطور التعاون الاستراتيجي بين البلاد العربية والذي يرتكز على مجمل القضايا والملفات الإقليمية والدولية ودعائم ومقومات متعددة من التفاهم والتعاون والعمل المشترك والمصالح المتبادلة. كمشروع استراتيجية العزم مع الإمارات ، ومشروع نيوم، ومشروعات الربط الكهربائي مع مصر .
أكبر قاعدة اقتصادية في العالم
من جانبها، تقول دينا حسين، إعلامية بالتلفزيون المصري: تتزامن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولى العهد ، حفظه الله ، إلى مصر تحديدا بعد أيام من انعقاد المؤتمر العالمي للشباب بمدينة شرم الشيخ ، الأمر الذي يشكل أولى أولويات الإدارة المصرية بعد التصدي للإرهاب والإصلاح الاقتصادي، ورؤية ٢٠٣٠، فالتوقيت مهم جدا، ومدروس .
وترى أن صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان ولى العهد، حفظه الله، منذ اللحظه الأولى له في المشهد السياسي ، أطلق بارقة أمل، وحث على المضي قدما نحو تغيير شامل وفكر جديد عصري، يتواكب مع ما يحدث في العالم، والآن يحظى ” ولى العهد ” حفظه الله، بتأييد الشباب، وهم الأجيال الجديدة الواعية والمنفتحة، والمفكرون من المصريين بالدرجة الأولى يرون أن ” ولى العهد ” حفظه الله، يحلم بالتغيير؛ ليس لصالح المملكة فقط ، ولكن لصالح المنطقة العربية ككل .
وتؤكد ” دينا حسين ” أن رؤية صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد، حفظه الله، تتوافق واتجاهات وأهداف الرؤية المصرية، فكل من تابع عن قرب المؤتمر العالمي الثاني للشباب في مصر، يكاد يجزم أن سياسات ” ولى العهد “، حفظه الله، هي المكمل والأـساس لتوصيات المؤتمر، وجزء من الرؤية المصرية لـ ٢٠٣٠ ، ويتطلع المصريون من الشباب إلى معايشة التجربة السعودية، للتحول الوطنى ٢٠٣٠ ، وهي خطة اقتصادية اجتماعية ثقافية سياسية شاملة، وتؤسس دخول المملكة إلى عصر ما بعد النفط، أو أرض الفرص والأحلام ، ومشروع آخر طموح لخلق عاصمة تجارية واقتصادية عالمية، تمثل روح العصر المرتبط بالذكاء الاصطناعي، ومزارا سياحيا، ستكون دافوس الصحراء، وتقام فيه المنتديات الاقتصادية العالمية ، ستجعل المنطقة ، أكبر قاعدة اقتصادية في العالم؛ لذا فإن الشباب في مصر يرى أنه إذا اجتمعت كل من الرؤيتين المصرية والسعودية في هذا الوقت التاريخي ، فحتما سيحدث التغيير المنتظر .
ويرى هشام البقلى، مدير وحدة الدراسات السياسية بمركز سلمان زايد، أن صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد، حفظه الله، يضع نصب عينيه، التنمية الاقتصادية بالمملكة، ومنها إلى الشرق الأوسط بالكامل؛ لتفعيل شراكة فاعلة لرؤيته للدول العربية، وأن تكون فى مصاف الدول الأوروبية المتقدمة ، واعتمدت سياسات “ولى العهد، ” حفظه الله، على الاستفادة من الماضي والعمل للحاضر والتخطيط للمستقبل .
ويؤكد ” البقلى ” أن صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، يعمل من خلال مجموعة من المحاور؛ أولها مواجهة التهديد الاقتصادي الأبرز للمملكة، وللمنطقة , وهو توقف إيرادات النفط، ورسم رؤية لمجموعة من المشروعات الضخمة، التي لا تعتمد على النفط؛ كمصدر للدخل القومي السعودي، ومنطقة الشرق الأوسط .
واعتبر ” البقلى ” أن أولويات ” ولى العهد ” حفظه الله، تشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية، وجاءت “إقليمية” وليست “عالمية” ، وهذا ينعكس على قوة مالية ضخمة تكفي لتمويل أي مشروع يعزز من التكامل والشراكة العربية الفاعلة ، فضلا عن ارتباط وتكامل هذه الرؤى السياسية بين مصر والسعودية والإمارات، والبحرين، وقد يكون هذا هو المشروع الأقوى في تاريخ الشرق الأوسط؛ لأنهم يدركون أن الرباعي سيمتد ليشمل دولا عربية أخرى بلا جدال، ليصبح مع مرور الوقت تكتلا اقتصاديا عربيا موحدا، برؤية طموحة تواكب تطورات العصر، ولديها القدرة على المنافسة العالمية . فجولات الأمير محمد بن سلمان في عدد من الدول العربية؛ كمصر والإمارات، والبحرين تؤكد الدور الريادي للمملكة، ولسمو ولي العهد ، فى هذا التوقيت الهام، بالإضافة إلى التنسيق المشترك بين الدول العربية؛ لتنفيذ الرؤية الشاملة حول التنمية المستدامة فى كافة الدول العربية . لكي تُستخدم خبرات العرب في تمويل وإدارة مشروعات، واستثمارات عربية على الأراضي العربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *