متابعات

العلاقات السعودية الفرنسية .. تعاون اقتصادي وأمني وعسكري يعكس قوة العلاقات

جدة – البلاد
تكتسب العلاقات السعودية – الفرنسية أهمية خاصة في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة، التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين المملكة والدول الصديقة، التي تتبوأ فيها فرنسا موقعًا متميزًا وتجمع السياستان السعودية والفرنسية رغبة مشتركة للإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم وبالخصوص في المنطقة.
وتؤكد العلاقات التاريخية بين البلدين أهمية استمرار التواصل والتشاور بين البلدين فيما يتعلق بقضايا التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي وشؤون المنطقة ومدى الصداقة والاحترام المتبادل بين البلدين والقيادتين والتي أفرزت تعاونًا وثيقًا وتجاوزت التقليدية إلى علاقات استراتيجية ستعود بالفائدة على البلدين.

ومما يجسِّد عمق العلاقات بين البلدين الصديقين ما أكده الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في كلمة له أمام مجلس الشورى خلال زيارته للمملكة العام 2006 م بوصف العلاقات بين المملكة وفرنسا بأنها استثنائية ووثيقة ومتينة.
وتثبت الأحداث والتطورات في المنطقة عمق العلاقات بين البلدين من خلال التشاور المستمر بين قيادتيهما لإيجاد أفضل السبل لحل الأوضاع في المنطقة.
وتشهد العلاقات السعودية – الفرنسية التي أرسى قواعدها الملك فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله- والرئيس الفرنسي الراحل شارل ديجول تطورا مستمرا بفضل من الله ثم بفضل حرص قادتهما على دعمها وتعزيزها لتشمل مجالات أرحب بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين وشعبيهما الصديقين.
ويرتكز التعاون الأمني والعسكري بين المملكة العربية السعودية وفرنسا على الاتصالات الوثيقة بين البلدين في مجالات التدريب والتسليح لتعزيز الأمن الداخلي للمملكة.
وتبرز الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين في البلدين تقارب وجهات النظر السياسية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما.
وجاءت الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إلى فرنسا لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك على أن المملكة تراهن بكامل ثقلها السياسي والاقتصادي على المستقبل وأخذت في عين الاعتبار عدم الإخلال بالخطط التنموية الحالية وبالمشروعات العملاقة التي تقام على أرضها.
كل تلك الاتفاقيات جاءت نتاجا واضحا وسريعا لعمل كبير يقوم به مجلس التنمية السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية اللذين عكسا منذ تأسيسهما رؤية ومنهج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لحاضر ومستقبل البلاد مترجمين الخطط والدراسات إلى واقع ملموس يعيشه ويحسه المواطن.
ففي باريس وبحضور فخامة الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية أبرمت 10 اتفاقيات عكست العلاقات المتميزة بين البلدين، كل تلك الإتفاقيات جاءت بعد اجتماع اللجنة التنسيقية الدائمة السعودية – الفرنسية التي يترأسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان أي أنها وليدة تخطيط ودراسات بالإضافة إلى عمل دؤوب وكبير من الجانبين مستندة على كم كبير من الخبرات في مختلف المجالات.
هذا الكم من الخبرات انعكس على تنوع في الكم والكيف في هذه الاتفاقيات حيث لم تغفل الزيارة الأساسيات الضرورية لحياة مستقبلية أكثر رفاهية وصداقة للبيئة فحضرت ثلاث مذكرات تتعلق بالجانب النووي وجانب بناء الطاقة فقد وقعت اتفاقية خطاب نوايا بشأن قيام شركة اريفا بدراسة جدوى إطلاق مفاعلين نوويين في المملكة، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات إدارة النفايات المشعة بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والمعهد الفرنسي للحماية من الاشعاعات والسلامة النووية، كما وقع الطرفان مذكرة تفاهم للتعاون بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والوكالة الفرنسية لإدارة النفايات النووية في مجال تطوير تنظيم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في مجال النفايات النووية.
الجانب الاقتصادي والاستثماري كان له نصيب كبير من الزيارة الرسمية حيث وقعت أربع اتفاقيات تهتم بزيادة الصادرات وأحجام الاستثمار وتدفق الأموال بين البلدين حيث ركزت الإتفاقية الأولى على التعاون الفني في المجال الصناعي وتضمنت التعاون في تنمية الصادرات الصناعية وزيادة حجم التجارة البينية وتبادل المعلومات التجارية والصناعية والخبرات فيما يتعلق بالسياسات الصناعية والإبداع للإسهام في مساندة وزيادة القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة، كما وقع الطرفان عقدا استثماريا بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة ائتمان الصادرات الفرنسية (كوفاس) يقوم الصندوق بموجبه بتمويل بعض العمليات التي تنطبق عليها شروط الائتمان التي تطبقها الشركة هذا بالإضافة إلى مذكرة تفاهم استثمارية بين المملكة والحكومة الفرنسية تتضمن قيام صندوق الاستثمارات العامة والمؤسسات الاستثمارية السعودية بالاستثمار في شركات الملكية الخاصة في فرنسا، ولم يغفل اجتماع اللجنة التنسيقية الدائمة السعودية – الفرنسية والذي نتج عنه هذه الاتفاقيات تدعيم قدرات الطيران المحلي فوقع مذكرة تفاهم بين الخطوط الجوية العربية السعودية وشركة ايرباص بخصوص سرعة تسليم (50) طائرة ايرباص منها (20) طائرة ايرباص (330) الإقليمية التي ستكون الخطوط السعودية المشغل الأول في العالم الذي يستخدم هذا الطراز وذلك لخدمة الطيران الداخلي والإقليمي، و(30) طائرة ايرباص (320) الأكثر مبيعاً في العالم.
هذا المجهود الكبير من التفكير والدراسة والتخطيط والتوقيع سينقل علاقة المملكة مع فرنسا من حليف قوي إلى شريك استراتيجي متضامن في مختلف الملفات الإقليمية والاقتصادية الاستثمارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *