أرشيف صحيفة البلاد

العدالة تصطدم بالسلام بسبب السعي لاعتقال البشير

الخرطوم رويترز
يقول محللون إن طلب ادعاء المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على الرئيس السوداني بشأن جرائم حرب مزعومة في دارفور يحمل مخاطر تقويض أي احتمالات لتحقيق السلام.
وسعى لويس مورينو اوكامبو كبير ممثلي الادعاء بالمحكمة الجنائية الدولية الى استصدار أمر اعتقال لعمر حسن البشير يوم الاثنين ولكن حتى أنصارا للمحكمة يقولون إن الخطوة ستضع مبادئ السلام والعدالة في صراع في اكبر دولة في افريقيا.
وقالت مريم المهدي السياسية المعارضة وابنة آخر زعيم سوداني منتخب ديمقراطيا \"هذه حالة كلاسيكية للمواجهة بين العدالة والاستقرار… كلاهما حق.\"
وأضافت قائلة لرويترز \"نحاول الى حد كبير التوصل الى طريقة للمصالحة لتجنب هذا الاشتباك المباشر بين حقين.. العدل والسلام.\"
ورفض مؤيدون للتحركات من أجل اعتقال البشير الجدل بأن هذا سيخرج عملية السلام في دارفور عن مسارها قائلين إن السلام
لا يتمتع بزخم يذكر كي يتم تقويضه. كما أشاروا الى أن اتهام رئيس ليبيريا تشارلز تيلور لم يعترض سبيل التوصل الى تسوية هناك.
لكن الصراع الداخلي في السودان يتجاوز دارفور الواقعة في غرب السودان الى شرق البلاد وجنوبها وعبر الحدود الى دول افريقية مجاورة. ومن الأمور الأساسية لتطبيق أي اتفاق للسلام من النوايا الطيبة التي يقول منتقدون إن قيام المحكمة الجنائية الدولية
بتوجيه اتهامات سيدمرها. وقال اندرو ناتسيوس مبعوث الولايات المتحدة السابق للسودان \"النظام سيتجنب الآن أي حل وسط او أي شيء من شأنه إضعاف موقفهم الضعيف بالفعل لأنهم اذا أطيح بهم من مناصبهم سيواجهون محاكمات امام المحكمة الجنائية الدولية.\"
واستعر الصراع الأهلي بين شمال السودان وجنوبه بشكل متقطع منذ عام ١٩٥٥ وانتهى باتفاق للسلام عام ٢٠٠٥ نص على . انتقال ديمقراطي وإجراء أول انتخابات حرة خلال ٢٣ عاماً بحلول عام ٢٠٠٩
وعلى صعيد منفصل عن الصراع في دارفور المستمر منذ خمسة أعوام ونصف العام والذي يقدر خبراء أنه أودى بحياة ٢٠٠ الف شخص أسفرت مشكلة الشمال والجنوب عن مقتل مليونين وتكلفت مليارات الدولارات من المساعدات الانسانية. وسبق اتفاق السلام عام ٢٠٠٥ عقد من محادثات السلام والمشاركة الدولية.
وفي حين تم إرجاء تطبيق بنود الاتفاق عدة مرات شهدت الأشهر الأخيرة إحراز تقدم جديد حيث أعيد انتشار القوات الشمالية من الجنوب وتم وضع خارطة طريق لمنطقة ابيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها فضلاً عن تمرير قانون للانتخابات إضافة الى استكمال إحصاء للسكان.
وقال ناتسيوس \"هذا الاتهام ربما يقضي على الأمل الأخير المتبقي من أجل تسوية سلمية للبلاد.\" كما يساور القلق الحركة الشعبية لتحرير السودان وهم خصوم البشير الجنوبيين السابقين والذين هم شركاء الآن في الحكومة.
وقال ريك مشار نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان \"من المؤكد أن هذا سيكون له أثر على تطبيق الاتفاق لأن البشير…
زعيم الحزب الذي وقع الاتفاق مع الحركة الشعبية.\"
ومضى يقول \"الاتهام سيحد من بعض أنشطتهم خاصة السفر للخارج وهو الأمر الذي نريد رؤيته تعزيزا (للاتفاقية).\"
وأيدت الحركة الشعبية المحكمة الجنائية الدولية حين أصدرت أوامر اعتقال العام الماضي للوزير احمد هارون وزعيم ميليشيا في
دارفور. وجرت الحرب بين الشمال والجنوب الكثير من الجيران بما في ذلك اوغندا حيث يقول محللون إن أوامر الاعتقال الصادرة بحق أعضاء بحركة جيش الرب للمقاومة المتمردة أدت الى إجراء محادثات السلام التي استضافها جنوب السودان لكنها تعثرت بسبب خشية
جوزيف كوني زعيم جيش الرب من الاعتقال.
وطلب برلمان المنطقة التي تتمتع بشبه حكم ذاتي من مجلس الأمن الدولي الاسبوع الماضي تعليق أوامر الاعتقال الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية لصالح السلام في كلتا الدولتين.
ويجادل المنتقدون لأي تحرك من جانب المحكمة ضد البشير بأنه في الوقت الذي يظل فيه رئيسا فإنه لا المحكمة الجنائية ولا الأمم المتحدة تستطيع حماية المدنيين من رد فعل عكسي عنيف.
وقالت جولي فينت مؤلفة كتاب عن دارفور \"رأينا كيف كان رد فعل الحكومة على التمرد في (دارفور) من خلال انتهاكات صارخة ومنظمة لحقوق الانسان.\" وأضافت \"ليس هناك سبب للاعتقاد بأن رد فعلها لن يكون بقدر مساو من الشر على هذا التحدي الجديد لاستمراريتها.\"
ورفعت الأمم المتحدة من درجة إجراءاتها الأمنية حيث سحبت الموظفين غير الأساسيين من دارفور وقامت بتدريبات على الإجلاء
مما أثار قلق السودانيين الذين يأملون في حماية الأمم المتحدة من خلال بعثات حفظ السلام في البلاد.
وقال عبد الباسط سعيد وهو أكاديمي \"الشعب السوداني واوكامبو ليسوا على نفس الخط… الى اي مدى سيحترمه الشعب السوداني بسبب اتهام لن ينهي الحرب في دارفور او يضمن وحدة السودان بشكل مباشر؟\"