الرياض ـ البلاد
صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، كتاب بعنوان : كمين الجاذبية، من تأليف القاص السعودي فهد العتيق، والذي جاء في قطع صغيرة، وتضمن ٩٤ صفحة وتم تقسيمه إلى جزءين : الأول تحت عنوان : حالات مسرودة ..قصص قصيرة جدا، وضم ٢٢ نصا قصصيا في قالب قصير حيث تم تكثيف اللغة خلالها ودمج الصور والوصف والفكرة والحدث ليظهر القص في هذه المجموعة في أبدع صورة، وإن كانت بعض القصص في هذه المجموعة قد جاءت طويلة نسبيا
ولا يمكن أن يتم إدراجها ضمن القصص القصيرة جدا .القصص التي جاءت في هذا القسم : نسيان، خوف، تعارف، رؤية، رأس، فعل غامض، موسيقى، ربما يأتون، وظيفة، تعثر، آباء وأشياء، حالة، مباركة، مشهد، التراب يلعب، رحلة، رحيل، متكئ، ما بين نوم ويقظة، الإشارة حمراء، والكائن المؤجل .
من هذه العناوين القصصية نختار هذا النص وهو بعنوان، رحيل : \" تمضي بعيدا تبحث عنه، ويمضي في اتجاه آخر يبحث عنك، كنتما تمشيان في طريقين مختلفين، حتى التقيتما في شارعكم الأول، ذلك الشارع الذي أقلعت منه طائرتكم الصغيرة الأولى، عندما حلقت بعيدا، ولم تعد حتى الآن .
مضيتما بعيدا، تبحثان أحدكما عن الآخر، وعن الأصدقاء وعن أنفسكم، هل تغيرتما كثيرا لكي تبحثا عن الأطفال القدماء في داخليكما، أم أن الذي تغير شيء سواكما \" . أما القسم الثاني من الكتاب فكان تحت عنوان : كتابة أخرى ..نصوص،وقد جمع ٤٨ نصا بلغة شعرية مكثفة وعامودية، كانت موضوعاته على النحو التالي : تفاحة، ما الذي سوف يأتي، مكتوب في الجبين، رائحة، الغامض الواضح، سؤال، طيور، ولادة، تبادل أمكنة، سؤال صغير، لمس، رؤية عابرة، في الجريدة التقليدية، الرياض، بكاء قديم لامرأة جديدة، مسرح، فلسفة، اغتسال الروح، موسيقى، رسم جدران، انتباه، اللحظة البرق، حياة، مديح، الأزرق، زيارة، تجريب، روح
الأشياء، هلوسة، تشكيل، بروق، عمود النار، إلى أين، قديم، مكان، آفاق قريبة، شجن، ثرثرة، روح، قراءة، أشياء طافية، أطفال، حارة، إبداع، صوت مشع، سفر .
ونختار منها نصا بعنوان، تشكيل :
\" انهض من وقت الموت،
انهض من مرعى اليأس،
ارسم لك ضوءا، بحجم حلم،
كل له ليل ..وكل له نهار،
وأنت روح قلقة،
بلا أنهار \" .
وكما تم تمهيده سابقا فإن هذه الكتاب جمع لونين أدبيين ما زالت الشكوك حول شرعيتهما تثار بين وقت وآخر، وهما : القصة القصيرة جدا، وشعر النثر، وإن كان العتيق في هذا الكتاب لم يشغل نفسه بالتصنيف والتسمية بقدر انشغاله بالحالة الإبداعية وتميز النص وتذوق القارئ له، ولعله أراد أن يترك لهذا القارئ التقرير في جدوى إطلاق هذه التسمية أو تلك على نصوصه، والمؤلف كما يبدو قد اتخذ قرارا أن اللون الأدبي ليس غاية أو وسيلة أو حتى بقعة يراهن على الوصول إليها، أو هدفا يريد أن يتميز لتحقيقه، ببساطة متناهية سيشعر القارئ وهو يلتهم كتاب \" كمين الجاذبية \" بحجم الإبداع في الكلمة التي صنعها المؤلف، وبهالة من الصدق والشفافية التي ستلامسه، ثم الدهشة التي ستتلبسه، وفي ظني أن فهد العتيق يتوجه للقارئ ولسان حاله : هذه النصوص اقرأها وتذوقها ثم سمها ما شئت .