أرشيف صحيفة البلاد

الطفلة البريئة

قصة الطفلة البريئة التي وُلِدَت بأرض المساجد النبوية، تجري وتلعب علي بيضاء الساحات الحرمية، تركض خلف الراكعين الساجدين من الانام ، فتسبق اجنحة المسبحين من الحمام، ثم تنام على عذب اصوات المآذن، فيسدل شعرها على وجنتيها، فيخفي اطياف المحاسن، القي عليها محبة، وحناناً من لدنه فكبرت حتى اشتد عودها! فَأُلبِسَتْ ياقوتها، و زُوِّجَت موعودها وانجبت مولودها على مشارف قبة الروضة النبوية ، ذات الرسوم العثمانية.
وبعد مرور السنين والاحيان، في خدمة حجيج الرحمن، جاء الاجل، ورفع القلم و انقطع الامل، فخرجت الروح الى باريها، فَتّمَ مَنعُ الصلاةِ على جثمانها! فبكت اطراف المدينة دماً على مانعيها، وطيور الحرم على فِعلِ مُكفّنِها، ولا اذكر من خبرها شيئاً سوى أن اسمها زهرة المدائن الفارسية، او الخوارزمية، او النخلية، بنت بقعة المدينة المنورة.
فإن كان منع الصلاة عليها سُنّة، فمن سَّنها؟ وإن كانت بدعة، فمن ابتدعها؟ وان كانت فتنة نائمة في أُمهات الكتب، فمن أيقظها.
فَمَنع المصلين من الصلاة على امثالها تذكي سعير النيران الطائفية العقيمة والقبلية المقيتة، وتُحدِثُ رتقاً في نسيج ثيابنا الوطنية، فلم يمنع المسلمون على مرِ الزمان صلاةً على مسلم! فما بالك بمنعها على ابناء الوطن ، الذين لَّبّوا دعاء الخليل وجاءوا من كل فج عميق، حبا في جوار من سكن الديار، وعشقاً للبيت العتيق ، وسكناً لأودية العقيق.
ونختم بالصلاة والسلام على المصطفى واهله الابرار، وصحبه الاخيار، وندعو الله ليحفظ ديارنا مما ابتلى به كثيراً من دول الجوار. والسلام علينا، ولا ينال عهد الله الظالمين ( الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُم وَكَانُواْ شِيَعا كُلُّ حِزبِ بِمَا لَدَيهِم فَرِحُونَ)، حفظ الله مملكتنا، وجمع كلمتنا، وادام لنا عزنا، ومليكنا، وعلماءنا، وابنائنا، وجعلهم على المحجة البيضاء ، ومن الفرقة الناجية في زمن الفتن العاتية.

حاتم طالب عيسى