أرشيف صحيفة البلاد

الشفا .. ضباب و عسل وورد وآثار

مركز المعلومات- البلاد

تقع الشفا جنوبي الطائف، على مسافة خمسة وعشرين كيلو متراً، وترتفع عن سطح البحر (2500) متر. وأعلى منطقة بالشفا تسمى الفرع، ومساحتها عشرة كيلو مترات مربعة، وهي أحد المنتجعات الرئيسة في الطائف.

وتشتهر الشفا بإنتاج العسل – الذي يدعى “عسل الشفا”، وهو من الأنواع المميزة، والتين الشوكي، وتتوفر فيها جميع مرافق الخدمات الحكومية، وقد أنشىء طريق سريع مزدوج لتسهيل الوصول إليها، وتنتشر في الشفا المتنزهات والحدائق العامة والتشكيلات الجمالية،

ويوجد على جنبات طريق الشفا متنزه وادي عرضة، ومتنزه الحدبان، ومتنزه جبل دكا. ويمتد حدوده من وادي عرضة وبلاد قريش شمالاً إلى جبال تهامة – شديدة الانحدار – جنوبا ومن بلاد عوف وثمالة – المجاورة لخط الجنوب – شرقاً إلى بلاد كنانة وبلاد هذيل غرباً.

ومركزه الرئيس وادي الفرع – وتبلغ مساحة الفرع ما يقارب عشرة آلاف كيلومتر مربع، وتبعد عن مدينة الطائف حوالي ثلاثين كيلومتراً إلى الجنوب الغربي، وموقعه هذا على جبال سراة الحجاز والتي تحيط بجبل غزوان التي تقع عليه مدينة الطائف، ووقوعه على شفير تهامة أكسبه جمالاً بديعاً وجواً لطيفاً، ويرتفع الشفا ما يقارب 2200إلى 2500متر عن سطح البحرـ، وأطول قمة فيه هي قمة جبل قرنيت، ويربط الشفا بخط معبد مع الطائف، ويتم الآن إنشاء خط المحمدية الذي يربطها مع مكة وجدة.

ويتميز الشفا بكثرة جباله الشاهقة التي تنحدر تدريجياً نحو الشرق والشمال في حين تنحدر بشدة وبشكل عمودي أحياناً باتجاه الغرب والجنوب الغربي أي باتجاه سهول تهامة، ومن أشهرها جبل دكا ويبعد 28كيلوا متراً عن مدينة الطائف، وجبل دكا وهو ثاني أعلى قمة في المملكة.

وتكثر الأودية بين هذه الجبال وهي شديدة الخصوبة تكثر فيها الأشجار وتنتشر المزارع الخضراء وتنتج أفضل أنواع الفواكه والخضروات. مناخ الشفا معتدل يميل للبرودة صيفاً وشديد البرودة شتاءً. وعادة مايكون الضباب موجودًا؛ بسبب ارتفاع المنطقة. يشتهر الشفا بعدة نباتات وذلك لجودة إنتاجها وطعمها المميز وأغلب النباتات الموجودة بالشفا صيفية نظراً لطبيعة الشفا ذات المكان المرتفع والجو المتميز بالصيف مثل:

الورد، وتعتبر الهدا المركز الرئيس لزراعة الورد وتقطيره، حيث يمكن لعشاق الروائح العطرة التعرف على طريقة تقطير مياه الورد والعطور بزيارة المصانع المنتشرة بالمنطقة؛ حيث يصل عددها لأكثر من مائة مصنع.

بالإضافة إلى الرمان، والعنب، والتين الشوكي (يسمى البرشومي)، والخيار، والطماطم ، والزيتون (الذي يتواجد طبيعياً دون تدخل بشري)، واللوز البري، والتوت.

قالوا عن الشفا:
يقول المدير التنفيذي لجهاز السياحة الدكتور محمد قاري السيد:. إنه نظراً لكثرة تلك الأودية وخصوبة تربتها، فإن من أهم الحرف في المنطقة، الزراعة، وهي تعتمد على الأمطار والمياه السطحية المتمثلة في حفر الآبار، ومن أهم المنتوجات الزراعية الرمان والعنب والتين (الحماط) والتين الشوكي

ويسمى أيضاً بالبرشومي وتشتهر المنطقة بالورد الطائفي الذي يستخرج منه دهن الورد بعملية التقطير وهو من أجود وأغلى العطور في العالم، إضافة إلى المنتوجات الزراعية فإن المنطقة تشتهر بتربية الأغنام والنحل فتنتج أجود أنواع العسل والذي هو شفاء كثيرٌ من الأمراض، ومن أنواعه العسل الصيفي وعسل السدر وعسل الطلح كما تشتهر المنطقة بالسمن الشفوي وهو معروف ويعمل بنكهات مختلفة مثل السمن بالريحان والسمن بنكهة الضيمران وهي شجرة طيبة الطعم وزكية الرائحة تنبت في الأودية والجبال.

وتتميز منطقة الشفا بالأجواء الصيفية الجميلة المعتدلة، وتشتهر المنطقة بالسحب والضباب الكثيف الذي يضفي جمالاً وسحراً على طبيعة المنطقة وتهطل الأمطار على المنطقة أواخر فصل الربيع وخلال فصل الصيف مما يزيد الجو جمالاً وإعتدالاً، فيزدحم الزوار للمنطقة من مناطق المملكة الأخرى ومن دول الخليج العربي والدول العربية. أما في فصل الشتاء فالأجواء باردة وقد تصل في بعض الأوقات إلى درجة التجمد.

من جهه أخرى، يقول المؤرخ والباحث السياحي عيسى القصير:. تنتشر في منطقة الشفا العديد من الآثار والمواقع القديمة، والتي تدل على عراقة هذه المنطقة وحضارتها التاريخية، ومنها القلاع والحصون الأثرية والمنتشرة في كل قرية، وهي تتوسط قرى قديمة حصينه جداً مبنية من الحجر ويصل عرض جدرانها (المدماك) إلى مترين وتسقف بأخشاب العرعر المنتشرة في المنطقة “هذه الأشجار تعمر مئات السنين” وعادة تبنى الحصون في أعلى موقع يشرف على القرية وهي عبارة عن بناء مرتفع جداً يشبه أبراج المراقبة في المطارات والمواني في وقتنا هذا وكان الغرض منها لمراقبة المنقطة المحيطة بكل قرية وذلك لحمايتها من اللصوص والسرقات، ويلجأ إليها أوقات الحروب والغارات لمراقبة الأعداء،

وفي كل حصن مكان مخصص لحفظ السلاح وعدة القتال، ويوجد فتحات صغيرة في أماكن مختلفة للمراقبة وإطلاق النار من خلالها عند الحاجة، وأكثرها تكون مزينة بحجر المرو ” حجر أبيض يكثر في المنطقة وهو شديد الصلابة” في علوها ومثل ذلك حصن وادي السيل المحرق وحصن وادي دحضة وحصون وادي تنقد وفي كل قرية حصن أو أكثر ويوجد في منطقة الشفا بعض السدود ومن أشهرها سد وادي عرضه (سد قريقير)،

وسد اللصب ويقع شمال شرق سد عرضة كما يوجد سدود صغيرة منتشرة بين الوديان مثل سد ماسل وتكثر المشارب وهي قريبة من السدود إلاّ أنها تختلف في أن عملها مقصور على توجيه سيول الأمطار إلى المزارع والأودية عند الحاجة،

ثم توجيهه إلى المسايل (جمع مسيال) عند الاكتفاء عن الحاجة، وتكثر بها ما يسمى بالقنوات المائية، وهي ممر مائي من تحت المزارع تشبه العبارات في أيامنا هذه إلاّ أنها خاصة بالمياه الزائدة عن الحاجة تعمل على تصريفها إلى الخارج وهي عجيبة جداً وللناظر إليها أن يرى مدى عراقة هذه المنطقة وتبنى القنوات من الأحجار الصلبة والملساء التي تتميز بها جبال المنطقة وتمر من تحت المزارع إلى موقع المسيال

وتبنى بطريقة فنية بديعة تسمح للماء بالتسرب إلى داخلها ثم تصريفه للخارج وأشهرها يوجد في وادي القر بني عمر وبها الآبار السطحية في منطقة الشفا، والتي قد يصل عمقها إلى 35م إلاّ أنه يوجد بها بصمة الفن المعمارية القديمة فهي مبنية من الأحجار وبطريقة عجيبة لا يتخيل الناظر إليها كيف أنها بنيت في ذلك الوقت وبتلك الطريقة وما هي الأدوات التي استخدمت، ويوجد بالشفا جبال بها حفريات قديمة تنبئ باستخراج مواد أو معادن معينة ويقال: إنها مادة تسمى بالنورة قديما، وهذا المعلم يتوسط وادي الحدبان ووادي الشعبة.