أرشيف صحيفة البلاد

الشبه ونقيضه!

مريم الأحمدي

ما بين نظرات الدَهشة المصحوبة بالابتسامات وحرارة التصفيق، نجد صورة يتبعها بيت شعر يلامس الأحاسيس.بالعادة سيكون خلفها بيت او بيتين فقط، ولكن رغم قلة هذه الابيات فإنها بديعة، فريدة، رائعة، وذات معانٍ عميقة.يُبدع الشاعر كثيراً ليس فقط في وصف المشاعر والأفكار التي تراوده بل ايضاً في ما تراه عيناه.

(شعراء الصورة) كما قد نسميهم، أو بمعنى أصح وأكثر شمولية: (الشعراء) عندما يصفون صورة ما، أجد ان ابداعهم في وصفها يختلف تمامًا عن ما يقومون بوصفه في أبيات اخرى، فمن ذلك نلتمس المشاعر المرهفة للشاعر أو الكاتب، نشعر بها في أعماقنا وكأننا نحن من قُمنا بكتابتها.

ونستشعر الخيال الواسع للشعراء ومدى الذكاء الذي يتمتعون به، فأحياناً تستوقفك أبيات لشاعر لـ تسأل نفسك بدهشة: كيف أتته فكرة كهذه؟ كيف استطاع ان يصف الصورة بهذه الطريقة الفريدة؟.. او الغريبة أحياناً!دائمًا يدهشوننا الشعراء بخيالهم الواسع جداً، واسلوبهم المميز في الوصف وفي الربط بين الأمور.

وليُعطى ابداع الشعراء في وصف الصور حقه، تم اقامة العديد من المسابقات والبرامج الشعرية التي تُعنى بهذا الجانب أبرزها برنامج “البيت” الذي يُعرض على تلفزيون “سماء دبي”، ففي هذه المسابقة بإمكان الشاعر الفوز والحصول على الجائزة واللقب بكتابته بيت شعر واحد فقط يصف به صورة ما، هم هنا يشحذون همم الشعراء ليقدموا لنا افضل ما لديهم من تصورٍ شعري بديع.وهنا في صفحتنا ملامح صبح توجد زاوية “وللصورة بوح آخر” والتي تُعنى بإبراز الصور التي عبر عنها الشعراء بإحساسٍ مرهف وجمال.

ومن الشعراء والشاعرات اللاتي يبدعن في هذا الجانب، لدينا مثالٌ رائع فـ الشاعرة “سِمار” تبدع دائماً في كتابة ابيات تصف الصور التي تقوم بانتقائها بعناية، مما يجعلك تشعر وكأن الصورة نفسها هي من تتحدث وتصف نفسها! انها رائعة، ورائعة جداً.وتم نشر أبياتٍ لها على إحدى الصور في كتاب “موسيقى الصورة” والذي قام بجمعه وإعداده الشاعر المبدع والذي لا يقل روعة عنها “فواز الرويلي”، وشكراً له على الجهود التي بذلها ليقدم لنا هذا الجمال الذي جمعه في كتاب واحد.كانت الصورة عبارة عن طلاب صغار يجلسون على مقاعدهم في صف دراسي وبجانب كل منهم على المقعد المجاور لوح كتب عليها أسماء زملائهم الذين استشهدوا وغادروا الدنيا مبكراً ، يسود الصورة حزنٌ شديد، ولكن أتت أبيات “سِمار” لتضفي على الحزن الجمال فقالت:

هنا كان الوجع .. أكبر من التنهيد!
هنا كان السؤال .. (يعاتب الناظر)

من الغايب؟ دقيقة صمت عفواً عيد
أكيد انك قصدت تقول:من حاضر؟.

شكراً لمشاعر الشعراء، لأحاسيسهم، لإبداعهم، على ما يصنعونه لنا من جمال.