رمضانيات

(الرفيسة) في العاصمة والبركوكش في الجنوب.. رمضان في تونس عبادات ولقاءات أسرية

إعداد: عبد الله صقر

رمضان في تونس كغيره في البلدان العربية الأخرى فلكل بلد عاداته و تقاليده و قيمه و هذا ما يتمثل أيضا في رمضان شهر الغفران . يستقبل التونسيون شهر رمضان الكريم قبل قدومه بأيام عديدة، لما له من مذاق خاص، وعادات فريدة، وأجواء روحانية جليلة، ففي النهار كما في الليل يغدو رمضان في أرض الزيتونة كله حركة وحياة في أجواء من المشاعر الدينية العميقة، والاحتفالات الخاصة بهذا الشهر الكريم.

وتنشط الأسواق والمحلات التجارية قبل وخلال أيام رمضان، وتدب حركة غير عادية في الشوارع تصل إلي أوجها في أواخر الشهر الفضيل مع حلول عيد الفطر، كما تتزين واجهات المقاهي وقاعات الشاي، وتتلألأ صوامع الجوامع في كل المدن بالمصابيح. ويحتل شهر رمضان مكانة روحية عميقة لدي التونسيين.

حيث تمتلئ الجوامع في كل محافظات البلاد بروادها الذين يفترشون الشوارع والأحياء التي تقع بالقرب من الجوامع، وتصدح المآذن بتلاوات خاشعة للقرآن يؤمنها أئمة من خريجي جامعة الزيتونة للعلوم الإسلامية.

ويتسابق التونسيون عقب إفطارهم إلى حضور صلاة التراويح، ومواكبة مجالس الذكر وحلقات الوعظ الديني والمحاضرات والمسامرات الدينية، وتلاوة ما تيسر من القرآن إلى جانب عدد كبير من الأختام والإملاءات القرآنية، وحصص لختم الحديث النبوي الشريف.

وتنظم السلطات التونسية ما يزيد علي الـ400 مسابقة لحفظ القرآن الكريم في كافة مساجد البلاد، لعل أشهرها المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم، والتي تشهد مشاركة أكثر من 15 دولة عربية وإسلامية، حيث يتولى الرئيس التونسي في ختامها تسليم جائزة رئيس الجمهورية الدولية للدراسات الإسلامية وتبلغ قيمتها 25 ألف دولار.

وتشهد أعرق الجوامع في البلاد، على غرار جامع الزيتونة بالعاصمة، وجامع عقبة بن نافع بالقيروان، احتفالات دينية خاصة طوال شهر رمضان، لاسيما في الأيام العشر الأخيرة من الشهر، وليلة 27 التي تختم فيها تلاوة القرآن.

ويمثل شهر رمضان مناسبة للتكافل الاجتماعي، ولتدعيم أواصل الأخوة للمجتمع التونسي، حيث تنتشر “موائد الرحمن” في مختلف أنحاء البلاد، كما يتبارى الجميع في تقديم المساعدات إلى الأسر الفقيرة، وفي تنظيم قوافل تضامنية تقدم هدايا ومبالغ من المال للمحتاجين.

ويعد شهر رمضان في تونس شهر الاحتفالات الأسرية، ففيه يتبرك الناس بربط العلاقات الزوجية، عبر تنظيم حفلات خطوبة الشباب الراغبين بالزواج خلال النصف الأول من رمضان، فيما تخصص ليلة السابع والعشرين من رمضان، لتقديم ما يعرف بـ “الموسم” وهي عبارة عن هدايا يقدمها الخطيب إلى خطيبته كعربون محبة وتوثيقا للصلة ووشائج القرابة فيما بين الأصهار.

كما دأبت الأسر التونسية منذ القدم، على ختان الأطفال في رمضان، عبر تنظيم سهرات دينية تحييها فرق الأناشيد الدينية التي يسميها التونسيون بـ “السلامية”، وهى فرق مختصة في الإنشاد الديني، وتمجيد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وسط أجواء عائلية احتفالية. وتشدو ليالي رمضان بالموسيقى والإنشاد الديني.

ويحرص التونسيون خلال هذا الشهر المبارك على الحفاظ علي عاداتهم وتقاليدهم فيسعون إلي تحضير أكلات وأطباق شعبية شهيرة، ويحرصون علي توارثها جيلا عن جيل، ففي تونس العاصمة يهيأ عادة طبق “الرفيسة” المكون من الأرز المطبوخ بالتمر والزبيب، أما في الشمال الغربي فتحضر العصيدة بالدقيق والعسل والسمن للسحور، ولا يترك أهل الجنوب فرصة هذا الشهر الكريم دون تحضير طبق “البركوكش” وهو دقيق يدمج مع الخضر. ومن أبرز الأكلات التونسية التي لا تكاد تغيب عن مائدة الإفطار طوال شهر الصيام طبق “البريك”الذي يتصدر المائدة في كل البيوت، وهو عبارة عن فطائر كبيرة الحجم تحشي بالدجاج أو اللحم مع إضافة البصل والبقدونس والبطاطا وتقلى بالزيت ومن ثمة يأتي دور الحساء وخاصة “حساء الفريك” باللحم أو الدجاج.

ومن الأطباق الأخرى الشعبية التي توجد على مائدة الإفطار التونسية “الطواجن”بأنواعها المختلفة، وهي من الأطباق الشعبية المميزة، وتختلف صناعته من منطقة لأخرى، وهو عبارة عن كيك مالح يصنع من الجبن الرومي أو الموزاريلا مع البيض والبهارات وبعض الخضراوات ونوع من اللحوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *