الأخيرة

الربيع العربي.. كأنك يا بوزيد ما غزيت .. ياليتنا من حجنا سالمينا.. كان الذنوب اللي علينا خفيفات

جدة – بخيت طالع
قبل ان اكتب هذه السطور سمعت معلومة مغلوطة في قناة الجزيرة، ضمن تقرير لها حول ذكرى الثورة التونسية (17 ديسمبر 2010هـ) ومنوهة بالشاب محمد البوعزيزي، الذي اضرم الناس في جسده تعبيراً عن سوء الاحوال الاجتماعية في ولاية سيدي بوزيد الجنوبية، وسوء الحال في تونس عموماً حينذاك.
والواقع ان صديقاً تونسياً من سيدي بوزيد كان قال لي: حكاية الشاب محمد البوعزيزي، والذي اكد انه كان عاقاً لامه، وكان بلطجياً ويريد ان يبيع في الشارع على مزاجه بدون ترخيص من البلدية، وحتى انه لم يكن يملك في عربة الخضار الخاصة به (الموازين) المعروفة، بل كان يضع احجاراً بدلاً منها، ذلك فضلا عن تحرشه بموظفة المراقبة من قبل البلدية التي ارادت منعه نظاماً، وعندما تم منعه كما يحدث في اي مدينة تونسية وعربية وعالمية من العمل من دون رخصة، فعل ما فعل بنفسه.
لكن اللافت ان الاعلام عموماً والمرئي منه صار له سطوة وايديولوجيا، يعمل بموجبها، وبموجب اجندات يريد من خلالها ايصال رسالته هو، لا رسالة الحقيقة كما هي، وهذا في الواقع من عجائب هذا الزمان، عندما يتم تلوين الاحداث بألوان من ينقلها.
وعلى اية حال فاننا ضد الظلم الاجتماعي، وقهر الشعوب، واختطاف ارزاقهم، وتسلط الظالمين عليهم، لكننا في ذات الوقت لا نريد ان يصوغ الاعلام لنا اكاذيب وتلفيقات يصورها على انها هي الحقيقة، وذلك ضد شرف المهنة، ومخالف لابسط مفاهيم العمل الاعلامي، الا اذا تنازل أولئك عن مبائهم ومفاهيم مهنتهم فان ذلك شيء آخر.
وفي كل الاحوال ثورة تونس، وما عرف فيما بعد بـ”الربيع العربي” لم تكن سوى فرقعات وفلاشات في احسن صورها، اما في اسوأها فقد كانت دماءً وخرابا وخوفا وضياع امن وتدهور اقتصاد، وزيادة فقر.. الخ.. ولك ان تتأمل احوال البلاد التي ثارت بعين المتفحص لترى وتقف على احوالها المتدهورة، حتى ان اكثر من شخصية مهمة سمعتها تقول ان تلك البلدان تحتاج الى حوالى 15 عاماً لتعود الى ما كانت عليه عند انطلاق الثورات.. اي الى المربع الاول فقط.
ولا ادرى حقيقة هل ينطبق على ما يسمى بالربيع العربي المثل الشعبي الدراج (كأنك يا بوزيد ما غزيت) او بيت الشعر الآخر (ياليتنا من حجنا سالمينا.. كان الذنوب اللي علينا خفيفات)؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *