الأرشيف الديجتال

الدكتور هاشم عبده هاشم : سنة أولى تقاعد ..لم أشعر بها لأن الإنسان لا يتقاعد

حوار ـ شاكر عبدالعزيز
تصوير ـ ابراهيم بركات ..
سنة أولى تقاعد ..ماذا تعني بالنسبة للانسان ..وهل صحيح ان الحياة الجديدة للانسان تبدأ مع بداية التقاعد .
والسؤال المهم هنا ..هل الصحفي يمكن أن يتقاعد مثله مثل اي موظف حكومي؟
ضيف هذا اللقاء صحفي كبير حفر اسمه بين جيل الصحفيين الكبار في بلادنا ..بل هو صاحب مدرسة صحفية ..طرقت عليه مكتبه مع بداية اطلالة شهر رمضان وكان هذا الحوار مع الكاتب الصحفي الشهير الدكتور هاشم عبده هاشم وسألته ..
ما رأيك بوضوح هل الصحفي يمكن ان يتقاعد وما رأيك في مقولة سنة أولى تقاعد ..صف لي المشاعر التي تمر بها الآن في اولى سنوات التقاعد؟
اعتدل الدكتور هاشم عبده هاشم في جلسته وارتدى الغترة والعقال حسب طلب زميلي المصور وتركت له دفة الحديث ..
الحقيقة يا أخي شاكر انني اتفق معك بان الانسان بشكل عام لا يتقاعد مادام ان هناك قدرة على التفكير وقدرة على الحركة وقدرة على العيش فلا اعتقد ان هناك ما يبرر التقاعد وبالنسبة لي انا الاحظ ان نشاطاتي اصبحت اكثر بكثير من السابق وانا في الصحيفة لم يكن بامكاني ان اتواصل مع الكثير من الاخوة في المنتديات والمناسبات سواء اجتماعية او ثقافية او مجالس رجال الاعمال الآن اصبح بامكان الانسان ان ينتقل من مجلس الى آخر وهناك العديد من المجالس هناك اثنينية عبدالمقصود خوجه، وهناك محمد عمر العامودي في الخميسية وايضا هناك الجمعة لدى محمد سعيد طيب وهناك الجمعة لدى الشيخ عبدالرحمن فقيه ـ وانا ـ بدأت اشعر بالندم لان رئاسة التحرير او العمل المهني كان ينبغي ان يمكن الانسان من القيام بمثل هذا التواصل لان المعلومات التي تتداول في مثل هذه اللقاءات والمنتديات تحيطك علماً بنبض المجتمع وماذا هناك من مشاكل اقتصادية واجتماعية وانسانية او آراء وافكار في قضايا سياسية وهموم مختلفة وهي في الواقع نبض حقيقي، وشعرت ان هناك قصور من جانبي في تحقيق هذا التواصل وبالتالي معرفة ما يدور في البلد وتجسيد ذلك من خلال الصحيفة .
واستطيع القول ان هذه المنتديات واللقاءات يحتاجها اي صحفي لتحقيق التواصل مع المجتمع وما يدور في اذهان الناس وما يتردد في ارجاء المجتمع، وعندما يحرم الانسان نفسه من هذه اللقاءات او عندما تحرمه آليات العمل اليومي من التواصل فعند هذه النقطة لا يمكنه ان يحس بما يشعر به القارئ او المواطن او الانسان ..انا اعترف بان هناك قصوراً كان في هذا التواصل وبالتالي لم ينعكس ذلك على الصحيفة واتمنى ان يتفادى الاخوة العاملون في الصحف وفي مقدمتهم الزملاء رؤساء التحرير هذا الجانب لأنه بالفعل التواصل مع المجتمع بكل فئاته يفيد الصحيفة ويفيد القارئ ويفيد البلد ويضع رئيس التحرير في الصورة في كل ما يدور ويمكنه من التخطيط بصورة اشمل وافضل .
> وسألت الدكتور هاشم عبده هاشم هل عدت الى اسرتك من جديد ..انا واحد ممن يعرفون كم كان برنامج حياتك مشغولا بصفة مستمرة؟
>> وهنا اطلق الدكتور هاشم ضحكته المشهور بها بصوت واضح واجابني بقوله : هذا جانب آخر فانا يمكن خلال عملي الصحفي لم اذهب الى البحر الا بواقع \" مرة في السنة \" الآن على الاقل مرة كل شهر ارافق اسرتي الى \" درة العروس \" او الى اي مكان او اتواجد معهم في احد المطاعم او ارى الناس واشعر بنبض الحياة، واصبحت اكثر لاسرتي ليس لان لدي وقتاً وانما لاحساسي بان العمل في المرحلة السابقة اضعف هذه العلاقة وبالتالي كان هذا اول هدف لي ان اقترب أكثر من أسرتي، وبدأ الانسان يشعر بهمومهم وأولوياتهم واحتياجاتهم أكثر وأكثر وان لم يكن بالشكل الكافي لأن النشاطات الجديدة بدأت تأخذ جزءا من وقت الانسان .
> وسألت ..وماذا عن القراءة والمطالعة الصحفية في هذه الفترة ..فأجابني على الفور :
>> هي بالتأكيد اكثر، لأنه في ظل العمل الصحفي واللهاث اليومي لم يكن في وسع الانسان ان يقرأ الا الصحف الأخرى لكي يرى ما فيها وبالتالي يتفادى أوجه النقص أو يطور صحيفته، الان اصبح الانسان لديه فرص وخيارات كثيرة لقراءة الكتب والروايات وبعض الدواوين الشعرية ويتابع الحركة الثقافية حتى الصحف لم يكن بإمكان الانسان ان يقرأ المواد الدسمة فيها لعدم توفر الوقت .
> وسألت عن النظرة الاجتماعية هل اختلفت من رئيس تحرير صحيفة ناجحة الى كاتب صحفي معروف هل اختلفت نظرة الناس لك الآن؟
>> أنا في الحقيقة استغرب من كثير من الناس الذين يتقاعدون ويشعرون بالعزلة، شعوري الآن بالآخرين وشعور الآخرين بي بدأ لي أكبر بكثير بالاضافة الى تقدير واحترام الناس، وهنا تبدأ تشعر بقيمتك وبجهدك الذي بنيته على مدار سنوات طويلة عندما تجد هناك من يهتم بك ويعتني بك، الآن علاقاتي الرسمية اصبحت اكثر قوة، علاقاتي مع الاخوة والاصدقاء أقوى مع العائلة والأسرة أقوى، مع فئات المجتمع التي كنت احرم من التواصل معها أصبحت أقوى من السابق، ولا أدري إذا كان هذا يعود الى وفاء المجتمع أو الى الرصيد الذي كونته في الماضي وبالتالي بدأت استثمره الآن بصورة أفضل من السابق .
> وبادرته بسؤالي ..فيما تفكر الآن وماذا يشغل الدكتور هاشم عبده هاشم ..وما هي مشاريعك للمستقبل للمرحلة المقبلة بإذن الله؟
>> الحقيقة انني دخلت عدة مراحل كان عندي النشاط الصحفي، والنشاط الاكاديمي بحكم عضويتي في جامعة الملك عبدالعزيز، ومجلس الشورى بحكم العضوية وبالطبع انا اعيش الآن مرحلة الاستمتاع بنتائج هذه الأرصدة ..رصيدي الجامعي، ورصيد الشورى، والرصيد الاعلامي، واعكس كل هذا من خلال عامودي اليومي في جريدة \" الرياض \" تحت عنوان اشراقة، واضيف اليه تواصلي مع بعض النشاطات الأخرى .
> وقطعت هذا الاسترسال لاسأل هل هناك تفكير لتدوين مذكرات خاصة عن هذه الفترة؟
>> هذا التفكير ان شاء الله موجود لكنني افكر في شيء واحد وهو هل اطبع ما يخص كل مرحلة مستقلاً او اطبع المراحل الثلاث وهي تجربتي الاكاديمية وتجربتي الصحفية، وتجربتي في الشورى ولكن المادة موجودة والقرار هو الذي يحتاج الى حسم .
> وسألت ماذا عن قصة صحيفة \" جيزان \" ؟
>> تعرف ان المملكة الآن تمر بمرحلة تنمية شاملة وهناك اكثر من فكرة لاكثر من مؤسسة صحفية في عدد من مناطق المملكة ـ الاخوة في جيزان ـ وهم من صفوة مثقفينا فيهم الفنان والأديب والشاعر والصحفي وكل هؤلاء الناس موجودون في مختلف انحاء المملكة ويساهمون بشكل ايجابي في كثير من المؤسسات الثقافية والإعلامية وشعروا بحاجتهم الى تجسيد هذا النشاط والعطاء عبر وسيلة إعلامية، وفي الواقع تبلورت فكرة لاقامة مؤسسة صحفية على مستوى الوطن لا تعنى فقط بقضايا او هموم أو الأوضاع في جيزان وانما تركز على المنطقة الجنوبية سواء في جيزان أو عسير او نجران او الباحة، وقد انتهينا من دراسة الجدوى الاقتصادية والدراسات الإعلامية وبعض الاجراءات الخاصة بتكوين قائمة الشركاء ونحن الان في المرحلة النهائية تمهيدا لرفع كل هذه الاجراءات لوزارة الثقافة والاعلام وأؤكد ان الصحيفة على مستوى الوطن ..تهتم بكل شؤون الوطن وتنتشر في مختلف الوطن وتستوعب كل هموم المواطن في كل مكان وسمو الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز يتابع هذا الموضوع باهتمام شخصي ومستمر ويقوم باتصالات كبيرة في هذا الصدد وان شاء الله تبقى الخطوة التالية وهي الحصول على الترخيص وجميع مراحل العمل الاساسية قد انتهينا منها .
وحاولت الحصول على مخزون اكثر من ضيفي الدكتور هاشم عبده هاشم وسألته ماذا تعتز به في مسيرة عملك الصحفي خاصة ان لك بصمات في العمل الصحفي ..
بعد تنهيدة كبيرة من القلب وجدت ضيفي في الحوار يقول :
أنا لا اجيد الحديث عن الذات او الاشارة الى المنجزات لكن استطيع ان اقول بأني اسهمت بشكل اساسي في ايجاد أمرين الأول هو توفير هوية للعمل الصحفي الوطني المحلي الذي يربط المواطن او القارئ بالمسؤول ويتبنى قضايا الانسان، هذا الجانب اوجد نوعاً من الهوية لصحافة سعودية قائمة على أسس علمية منهجية استفاد منها الانسان من درجة الدكتور ومن علاقته الجامعية وعكسها على العمل الصحفي .
أما الجانب الاخر فإنه اصبح هناك عناصر وكوادر صحفية لو لم تتوفر لها الرؤية والدعم والتشهير والتبني لما اصبح لدينا كل هذا الرصيد الان من العاملين في المجال الصحفي شباب يملك القدرة ويملك الحس المهني ويملك الكفاءة والخبرة وليس هناك من شك .
ان دمج الخبرات الوافدة واستثمارها القى على هذا التوجيه بعدا جديدا ونقل خبرة عربية ممتازة الى المواطن واصبح هناك بالفعل شباب يعتز الانسان بهم وينسبون الى مدرسة كذا او كذا ولكن في النهاية هم ابناء وطن وثمار لجهد مهني مكثف .
> وسألت ..هل وجدت الوفاء وهل وجدت من يردون الجميل وفاءً بوفاء أم ان بعضهم تنكر لهذا الوفاء؟
>> قال بعفوية شديدة يا شاكر : أنا لا انتظر شيئا من احد كان عندي ايمان ورسالة اريد أن أصنع جيلا من الكفاءات المؤهلة أن يشعر هؤلاء بأنهم مدينون لهذا الانسان او انهم صنيعة من صنائعه او ساهم في بلورة وتطوير قدراتهم او لا يشعرون هذه مسألة تعود لهم ولتاريخهم ولأخلاقهم ولكني أؤكد لك ان هناك اعدادا كبيرة من الذين يشعرون بأنهم \" تلامذة في مدرسة صنعت منهم شيئا \" كبيرا والوفاء والخير موجود، واستطرد الدكتور هاشم عبده هاشم قائلا :
الآن كل ما يشغل الانسان بالاضافة الى هذه النشاطات هو \" العمل الخيري \" فأنا عضو في جمعية الاطفال المعوقين وفي مجلس ادارة الجمعية في الرياض ورئيس اللجنة الاعلامية ولي اهتمام وتنسيق مع مركزي جدة ومكة المكرمة والحمد لله نجحنا في اختيار رئيس لمركز جدة وان شاء الله خلال الاسبوعين القادمين سيعين رئيس لمركز جدة ومركز للتخطيط للتواصل مع المجتمع ومع رجال الأعمال ومع وسائل الإعلام ايضا لدعم نشاطات الجمعية على متسوى المملكة والاهتمام والتركيز على منطقة جدة ..
عند هذه النقطة لملمت اوراقي بهدوء مع حبي الواضح لضيف هذا اللقاء الذي تعلمت منه الكثير .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *