الثقافيـة

الحد الفاصل بين الحكاية والقصة في مجموعة محمد البشير

الدمام-حمودالزهراني
استهل بيت السرد في جمعية الثقافة والفنون في الدمام، الثلاثاء الماضي، نشاطه الثقافي للموسم الجديد بأمسية قصصية نقدية، للقاص محمد البشير والناقد كاظم الخليفة، في قاعة عبدالله الشيخ للفنون، يصاحبهما العازف سلطان العشي.
وقرأ القاص الدكتور محمد البشير مجموعة قصصية بعد تعريف مقدم الأمسية القاص عبدالله الوصالي للضيوف ، منها “سواد كقمر، خواء مكتظ، عراة نخرج من النحر”
فيما قرأ الناقد كاظم الخليفة ورقته النقدية بعنوان”الحد الفاصل بين الحكاية والقصة-التقنيات السردية في مجموعة محمد البشير “نفله”، حيث أشاد بمهارة القاص وامتلاكه للأدوات السردية، ثم التباين الشديد والقصور في الحكاية البسيطة والعفوية عن الوصول بالمتلقي إلى هذا المزيج الآسر بين الثقافة والأدب والتنويع على الفكرة وإثراءها بصور عديدة.
مضيفاً الخليفة أن التقنيات السردية التي وظفها وأبرزت فرادته ورؤيته الثقافية والأدبية في مواضيع يمكن أن ننتقي منها التالي:
١- المبنى الحكائي
يعتمد القاص النسق التتابعي للحكاية بحيث تنبني الحبكة في الزمان وعلى نحو تتوالى فيه الأحداث بشكل سلسل مع استطرادات تخدم فكرة النص ولا تشتت انتباه المتلقي. لهذاسلم جسد الحكاية من الانعطافات الحادة وتقدمت الأحداث بانسيابية وهدوء ليلقي الضوء على حالة انسانية لا يتعامل معها العقل الجمعي إلا بالتمييز والإقصاء نتيجة لما استوعبه من أدبيات وثقافة تمارس التنميط وتفرز المجتمع حسب اللون والجندر والقبيلة.
إذن، ففكرة النص انبنت على التناظر بين الألوان مع إبراز جماليات اللون الأسود: (ما أجمل السوادَ في البياض) أو كقولها: (ما أجمل السواد حين يحيطُ به البياض)، وقد وظفها القاص بحذاقة شديدة فتجده يبرز في كل مشهد سواء بشكل مباشر أم عندما يجعله كجزء من البنية الدرامية.
٢- المنولوج الداخلي
ما يمكن أن تتفرد به القصة دون الحكاية، هو هذا البوح الذي لا يكاد يطفح على اللسان حتى يرتجع صداه إلى القلب ولا يقوى على اظهاره لأنه شديد الخصوصية ويمس الذات الجريحة. فالقاص قد مهر في استنطاق الروح بما يشي بانفعالات “نفله” وما عساها أن تنفثه من مواجع حسرة على لونها الذي لا يميل إليه حتى أبناء جلدتها ويفضلونه!وتستشهد بالشخصية التاريخية عنترة لتفضيله لعبلة البيضاء . بل وتشفق على توهم الرجل المطارد لها، كأنها تقدم له العذر إن تراجع عن غزله: (مسكين غرَّته عباءتي دون أن يرى لونَ ما بين عيني من النقاب).
٣- الأصوات السارد
اتخذ القاص من صوت السارد غير العليم كراوٍ للحكاية (تلوبُ الأفكارُ في رأسها. تسألِ عن مآلها في هذا الطريقِ المرسومِ، وعن موقِعها في خريطةٍ رسمتها بيديها، فاكتملت دون أن تهبها مقدار نقطة تحتويها) ويتقدم بالنص بتؤدة وتمهل ولا يستطرد في رويه، مفسحاً المجال للشخصية الرئيسية بأن تقوم بذلك مؤطراً حديثها بين علامتي تنصيص.ووسط بوحها هي، تخرج أصوات ثانوية لصديقاتها: (كل ما تكهنه رفاقي أنني فضلة ورفيقتي اللغوية تقول: “أنها نبات من البقول أشبه ما يكون بالقثاء”).
كما أوضح مشرف بيت السرد الدكتور مبارك الخالدي أن هدف البيت هو أن يُصْبِحَ مظلةً يَسْتَظِلُ بها المُهْتَمُون بالسرد إبداعاً وقراءةً ونقداً وتنظيرا، مؤكدين أنّ “بيتَ السرد” وإن إختصت فَعالياتُه بفنونِ السرد، يتضمن الفعاليات ومنها على سبيل المثال الأماسي القصصية، الأماسي القصصية النقدية، أماسي كتاب وناقد، أماسي تجربة وناقد، ويتضمن أيضا ورشة القراءة الجماعية إلاّ إنه بيتُ كل المثقفات والمثقفين في الوطن على إختلافِ اهتماماتِهم ومُيولِهِم وإشْتِغَالاتِهِم، وقد أعد لذلك برنامج شهري يضم فعاليتين شهرياً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *