المدينة المنورة – جازي الشريف
يطلق هذا الاسم على بيت النبي صلر الله عليه وسلم، الذي كان يقيم فيه مع ام المؤمنين السيدة عائشة بنت ابي بكر الصديق رضي الله عنهما . وقد اكرم الله تعالى السيدة عائشة بأن جعل في حجرتها قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه \" الصديق، والفاروق \" رضي الله عنهما .
وتقع هذه الحجرة الشريفة شرقي المسجد النبوي الشريف، وكان يفتح بابها على الروضة الشريفة، لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي رأسه لعائشة رضي الله عنها تسرحه وترجله، وهو معتكف بالمسجد .
ولما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الاعلى كان في حجرة عائشة، لانه استأذن من امهات المؤمنين ان يمرض في حجرة عائشة رضي الله عنها . ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم تبادل الصحابة الرأي في المكان الذي يدفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال الصديق رضي الله عنه : انه سمع حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان كل النبي يدفن حيث قبض \" فدفن في هذه الحجرة، وكان قبره في جنوبي الحجرة الشريفة . وظلت عائشة رضي الله عنها تقيم في الجزء الشمالي منها، ليس بينها وبين القبر ساتر، فلما توفي الصديق رضي الله عنه اذنت له ان يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فدفن خلف النبي صلى الله عليه وسلم بذراع، ورأسه مقابل كتفيه الشريفين، ولم تضع عائشة رضي الله عنها بينها وبين القبرين ساترا، وقالت : انما هو زوجي وابي .
وبعد ان توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه . اذنت له بأن يدفن مع صاحبيه، فدفن خلف الصديق بذراع، ورأسه يقابل كتفيه، فعند ذلك جعلت عائشة رضي الله عنها ساترا بينها وبين القبور الشريفة، لان عمر ليس بمحرم لها فاحترمت ذلك حتى بعد وفاته – رضي الله عنهم جميعا . وقد وردت اثار واحاديث تفيد بأن الملائكة يحفون بالقبر الشريف ليلا ونهارا، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم،
كما في الدارمي، والبيهقي وقد مرت الحجرة الشريفة بالعديد من الاصلاحات والترميمات نذكرها باختصار شديد فيما يلي :
– ١ في زيادة عمر بن الخطاب رضي الله عنه للمسجد النبوي الشريف عام ١٧هـ ابدل بالجريد الذي كان في ا لبيت جدارا .
– ٢ في زيادة الوليد بن عبدالملك عام – ٨٨ ٩١هـ اعاد عمر بن عبدالعزيز بناء الحجرة الشريفة باحجار سوداء بنفس المساحة الي بني بها بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بنى حول الحجرة الشريفة جدارا ذا خمسة اضلاع بصورة شكل معها في المؤخرة مثلثا حتى لا تشبه الكعبة المشرفة في بنائها .
– ٣ في عام ٥٥٧هـ حفر الملك العادل نورالدين الشهيد، خندقا حول الحجرة الشريفة، صب فيه الرصاص للحيلولة بين الجسد الشريف ومن يريد الوصول اليه .
– ٤ وفي عام ٦٦٨هـ اقام الظاهر بيبرس مقصورة خشبية ذات حواجز ولها ثلاث ابواب .
– ٥ وفي عام ٦٩٤هـ زاد الملك العادل زين الدين كتبغا على حاجز المقصورة حتى اوصله الى سقف المسجد .
– ٦ وفي عام ٦٧٨هـ اقام السلطان محمد بن قلاوون الصالحي قبة فوق الحجرة الشريفة وكانت مربعة في اسفلها مثمنة في اعلاها وصفحت بالواح من الرصاص .
– ٧ وفي عام ٨٨١هـ جدد هذه القبة الناصر حسن بن محمد بن قلاوون .
– ٨ وفي عام ٨٨٦هـ تأثرت القبة من جراء الحريق الثاني الذي وقع في المسجد .
– ٩ وفي عام ٨٨٧هـ في عهد السلطان قايتباي، جدد بناء القبة ووضعت لها دعائم قوية في ارض المسجد، وبنيت بالآجر، كما جعلت للمقصورة الشريفة نوافذ من النحاس من جهة القبلة، في اعلاها شبك من النحاس ايضا . اما في الجهات الشمالية والشرقية والغربية فقد جعلت للمقصورة نوافذ من الحديد في اعلاها اشرطة من النحاس . وفيها ٧٦ طاقة .
– ١٠ وفي عام ٨٩٢هـ اعيد بناء القبة مرة اخرى بالجبس الابيض بعد ان تشقق اعلاها، وكان ذلك في عهد السلطان قايتباي ايضا .
أبواب الحجرة الشريفة للحجرة الشريفة – ويطلق عليها المقصورة الشريفة ايضا – ستة ابواب كما يلي :
– ١ الباب الجنوبي ويسمى باب التوبة، وعليه صفيحة فضية كتب عليها تاريخ
صنعه في عام ١٠٢٦هـ .
– ٢ الباب الشمالي : ويسمى باب التهجد .
– ٣ الباب الشرقي : ويسمى باب فاطمة .
– ٤ الباب الغربي : ويسمى باب النبي ويعرف بباب الوفود .
– ٥ باب على يمين المثلث داخل المقصورة .
– ٦ باب على يسار المثلث داخل المقصورة .
واول من كسا الدائر المخمس \" الخيرزان \" ام هارون الرشيد، ثم ابن ابي الهيجاء وزير مصر، ثم ارسل \" المستضيء \" كسوة من الديباج البنفسجي بعد سنتين، ثم كساه الديباج الاسود الخليفة الناصر، ثم صارت ترسل الكسوة من مصر كل ٦ سنوات، من الديباج الاسود المزركش بالحرير الابيض والمطرز بالذهب والفضة، ثم كساها آل عثمان من بعد ذلك . واول من جعل الستائر على الابواب عبيد الله
الحارثي سنة ١٢٨هـ .
ويبلغ طول ضلع السور النحاسي الخارجي للمقصورة ١٦ متراً لضلعيه
الشمالي والجنوبي، ١٥ متراً لضلعيه الشرقي والغربي، وتراوح اطوال الاضلاع من الداخل ما بين ٦ – ٥ – ٤ امتار ويبلغ ارتفاع الحجرة ٨ امتار تقريبا، وارتفاع الدائر المخمس من ارض المسجد ٧ امتار تقريبا .
– ١١ وفي عام ١٢٢٣هـ في عهد السلطان محمود بن عبدالحميد اعيد بناء القبة لاخر مرة، حيث تشققت القبة في عهده، فأمر بهدم اعلاها واعادة بنائه من جديد، حيث لا تزال قائمة الى اليوم .
– ١٢ وفي عام ١٢٥٣هـ امر السلطان عبدالحميد العثماني بصبغ القبة باللون الاخضر فاصبحت القبة تعرف بعد ذلك بالقبة الخضراء، وكانت تسمى فيما سبق القبة الزرقاء، او القبة البيضاء – او القبة الفيحاء .
وتولي المملكة العربية السعودية منذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود جل اهتماماتها بالحجرة الشريفة وبالقبة الخضراء فحافظت على البناء العثماني للمسجد الشريف، وعملت على تدعيمه وترميمه كلما دعت الحاجة الى ذلك، وتتفقد الحجرة الشريفة وتعمل على صيانتها بكل ادب واحترام وتعهد ذلك الى من تثق في دينه وامانته، كما تحرص على رعاية وطلاء القبة الخضراء
كلما انكشف اللون نتيجة للعوامل الجوية، حتى كنا نرى ذلك التجديد يحدث سنويا حتى يومنا الحاضر . فجزاهم الله احسن الجزاء .