جدة – مهند قحطان
يعرف الطب البديل بأنه أي ممارسة للتطبيب لا تقع ضمن نطاق الطب التقليدي وفي بعض الحالات، يقوم على أساس تاريخي أو تقاليد ثقافية، بدلا من أساس علمي، فهو ممارسات علاجية لا علاقة لها بالأدوية والعقاقير الطبية الكيميائية والطب التقليدي، والهدف منها علاج الأمراض من الطبيعة بنباتات وأعشاب طبيعية أو ممارسات نفسية مثل التأمل والاسترخاء أو بممارسات تقليدية قديمة مثل الوخز بالإبر الصينية والحجامة والتنويم المغناطيسي.
وفي جدة يبحث مواطنون ومقيمون عن الطب البديل خاصة الإبر الصينية والحجامة كون أغلبها لا يتوفر في المستشفيات بشكل عام مما يدفعهم للبحث عنها في أي مكان مثل المراكز الطبية ومراكز الحجامة المرخصة من قبل وزارة الصحة ولكن وفي المقابل قد تجد غير المرخص لها تدل عليها الملصقات على الأعمدة ومداخل المحلات التجارية.
الدكتور حسين البيابي أخصائي علاج طبيعي أكد لـ(البلاد) أن الحجامة عبارة عن استخدام كاسات بضغط سلبي بطرق مختلفة والهدف منها استخراج دم من داخل الجسم بهدف علاجي.
وأضاف:”الحجامة كانت تستخدم في المستشفيات بشكل مبالغ فيه في القرنين السابع عشر والثامن عشر حيث أن مستشفى باريس العام كان يستخرج كميات كبيرة من الدم شهريا وكانت تسمى بجنون الدم خلال تلك الفترة وبعد انتشار الطب الحديث أصبح هناك تضارب بشكل كبير حيث كانت الأغلبية ضد علاج الحجامة كون الاتجاه كان نحو الطب الحديث ومنذ تلك اللحظة لازم طب الحجامة انحدار بشكل كبير جدا في المجتمع الطبي ومن كان يستخدمها هم الاشخاص المتمسكون بالتقاليد، لذا اصبحت ممارس الحجامة ممارسة غير منتظمة في الأحياء الشعبية ليس فقط في المملكة بل في دول أوروبا، واستمرت على هذه الحالة حتى فترة قريبة حيث ظهرت في 2003م بعض المدارس والأبحاث الطبية التي اثبتت فعالية الحجامة في كثير من الأمراض فأصبح العديد من الأشخاص يبحثون عنها”.
واشار البيابي إلى أن المملكة في 2008 سجلت حالات من مرض الإيدز وتبين أن سبب العدوى كانت من أشخاص غير مختصين قاموا بعمل حجامة لبعض زبائنهم في العاصمة الرياض ومنذ تلك اللحظة منعت الحجامة بشكل كبير، إلا أن وزارة الصحة كونت مجموعة للبحث في موضوع الحجامة وفوائدها وعملت على أبحاث منشورة وجميعها بينت أن الحجامة مفيدة ولذلك أنشأت الوزارة مركزاً بمسمى المركز الوطني للطب البديل في عام 2009م.
واستطرد البيابي قائلاً :” الحجامة في الفترة الحالية قننت وأصبح لها لوائح لممارسة المختص وافتتاح مراكز مرخصة من وزارة الصحة والسلامة مهمة جداً لمنع فرصة انتقال أي عدوى أو مرض حيث يجب أن يكون المكان مهيأ وتتوفر فيه وسائل السلامة والأدوات المعقمة والتخلص من الدم مثل أي تخلص من النفايات الطبية عبر شركات نفايات مختصة.
ممارسة الحجامة ومتطلبات السلامة:
وقال أبو علي، وهو حجام وعلى دراية كافية بعمله وحريص على إنجازه بشكل جيد، :”في البداية أقوم بعملي من خلال حجز موعد مع الزبائن ليأتوا إلى شقتي المتواضعة وأنا ملم بتفاصيل الحجامة ودقتها كأي مركز آخر في المملكة لكن بسعر أقل، حيث كانت بدايتي مع الحجامة عندما كنت موظفا ثم عملت في التجارة وأمام ضغط العمل كنت أعاني من صداع مزمن وأتناول الأدوية المسكنة ولكن دون جدوى، إلى أن تعرفت على الحجامة عن قرب وأراحتني تماماً من كل الآلام التي راودتني، ومن حينها قررت أن أبحر في عالم الحجامة”.
وأكد أبوعلي أنه لم يعد هناك تصريح يمنح لهذه المهنة خوفا من أن يمارسها بعض الذين لا علاقة لهم بها، ولا نجد من يقدم هذه الخدمة الطبية إلا القليل في هذه الأيام بشكل دقيق واحترافي مشيرا إلى أن خطوات الحجامة تبدأ بالمعقمات، وتحديد الأماكن التي توضع فيها الكؤوس، والحرص على إبراز جوانب التعقيم قبل وأثناء التحجيم، إضافة إلى تقديم الكؤوس في عبواتها الجديدة، ومن ثم أنطلق في عملي بسرعة متناهية.
وأضاف أبوعلي :” قمت بعلاج الكثير من الشخصيات المعروفة في المجتمع السعودي من لاعبين وإعلاميين وأيضاً رجال أعمال نذهب إليهم في منازلهم”، مشيرا إلى أن تجمع الدم يتسبب في انقطاع أطراف الجسم ولكن بالحجامة يتم إزالة الدم الفاسد المتجمع والتشافي والشعور بالتحسن السريع بعد تناول بعض التمرات مع ماء زمزم، مضيفا أن تكلفة الحجامة لكل شخص 150 ريالاً.
من جهة أخرى قال الحجام أبو سليمان إن أسعار الحجامة لكل 6 كاسات 100 ريال، وأنه يتكفل بالمجيء في المكان الذي يريده الزبون مشدداً على أن ممارسة الحجامة ينبغي أن يقوم بها حاذق عارف بالصنعة، وأن يتم استخدام المواد المعمقة الطبية، وأن يكون ممارساً لها. وأكد أبو سليمان أهمية الحجامة كونها تعمل على تنشيط بصيلات الشعر بزيادة الدورة الدموية إلى الجلد مما يوفر الغذاء الجيد للشعر وجذوره، كما يزيد نشاط الغدد العرقية والدهنية وتتفتح مسام الجلد بعد عمل الحجامة،
مضيفاً أنه لا يقتصر دور الحجامة على إزالة الدم الراكد من الجلد ولكن أيضاً إزالة المواد الضارة والمترسبة تحت سطح الجلد ويعتبر الجلد هو العضو الأول في جهاز المناعة وتنشيط الدورة الدموية به يزيد من مقاومته للميكروبات التي تهاجم الجسم عن طريقه والحجامة تعمل على تنشيط الدورة الدموية في العضلات فتفك التقلصات العضلية، وأيضاً تعمل على شفط وإخراج التجمعات الدموية الموجودة داخل العضلات نتيجة الكدمات ناحية الجلد، إضافة إلى توصيل الأكسجين اللازم للألياف العضلية والتي يزيد استهلاك الخلايا له بعد عمل الحجامة فتعمل على تقوية العضلات وتحسين أدائها، كما أنها تقوم بتنشيط الدورة الدموية داخل المفصل فتقلل الألم الناتج عن الأمراض الروماتيزمية وغيرها.
وأكد أبو سليمان أن جدوله مزدحم طوال الأسبوع حيث يحرص الشباب قبل كبار السن على عمل الحجامة لتنشيط الدورة الدموية والبحث عن الراحة الجسدية.
مواطن يروي تجربته:
ويرى المواطن مهند المطيري أن الحجامة تعمل على توسعة الأوعية الدموية، فهي من العلاجات المثيرة والمهيجة للدورة الدموية في الجلد وتتميز بأنها تنشط ردود فعل الجهاز الدوري والأوعية الدموية في الجسم عامة، وأيضاً يحدث نفس التأثير نتيجة قوة الشفط التي تؤثر بها الحجامة على المكان المعالج مضيفاً أنها تعمل على تقليل الدم والسوائل التي تصاحب عملية الالتهاب بإخراج هذه السوائل من المسافات البينية بين الخلايا ومعها المواد المنشطة للالتهاب لتقوم بزيادة عدد كرات الدم الحمراء والبيضاء كما أنها تعمل على تنقية الدم،
كما تعمل الحجامة على تنظيم الإشارات وزيادة سرعة التوصيل للأعصاب الخارجة من الحبل الشوكي والتي تغذى جميع أعضاء الجسم فتنظم عمل هذه الأعضاء ورغم الألم البسيط الذي شعرت به أثناء الحجامة إلا أن بعض المرضى والأطفال ينامون أثناء عمل الجلسة وهذا يعتبر من تأثير الحجامة على الجهاز العصبي ولكن لم يعرف كيفية حدوث هذا التأثير حتى الآن.
وختم حديثه بأن الحجامة تقضي على الصداع وكذلك ثقل النوم والكسل وأمراض العيون ومشاكل الأذن والجيوب الأنفية والحساسية وضغط الدم المرتفع، كما تفيد وفقاً للخبراء في حالات الشلل والتهابات الأعصاب وتنشيط مراكز الحركة والكلام عند الإنسان ومن بين الأمراض التي تعالجها الأمراض النفسية من أرق واكتئاب وإرهاق وتوتر، وتأتي بنتائج كبيرة في علاج ضعف الذاكرة وقلة التركيز والتشويش.
يذكر أن وزارة الصحة والجهات المعنية قامت بكشف العديد من المخالفين من جنسيات مختلفة يمارسون مهنة الحجامة بشكل غير نظامي وتم نشر ذلك عبر وسائل الإعلام المختلفة.
