دولية

التقرير الأممي حول اليمن.. انحياز مفضوح وشرعنة للانقلاب

جدة ــ البلاد

مثل التقرير الصادر عن مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة نوعا من الصدمة للشارع اليمني واثار ردود فعل رسمية وحقوقية واسعة، علاوة على تغاضيه عن جرائم الإرهاب الحوثية ذهب التقرير إلى شرعنة الانقلاب وخلع الصفات الثورية والرسمية على قادة مليشيا الحوثي المصنفين في لائحة الإرهاب.
التقرير الأممي وصف مليشيا الحوثي بـ”سلطة الأمر الواقع”، في موقف غير نزيه يشرعن الانقلاب الحوثي، ويقدمه ندا للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، دون الالتفات للانقلاب على السلطة منذ قرابة 4 أعوام.

لم يكتف التقرير بشرعنة الانقلاب لكنه تبنى الخطاب الإعلامي للمليشيا الحوثية، بوصفه العملية العسكرية لتحرير مدينة الحديدة والساحل الغربي بـ”العمل العدائي”، وهي الصيغة الرئيسية لقناة المسيرة الحوثية، ما أثار شكوكا حول المطابخ التي خرج منها التقرير.

تجاهل متعمد:
انتقد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليمن محمد آل جابر، تقرير فريق المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الأخير حول اليمن.
وقال آل جابر إن التقرير لم يتطرق إلى انتهاكات مليشيا الحوثي الانقلابية الإرهابية، المدعومة من إيران، بحق الشعب اليمني، ويتطابق مع ادعاءاتهم وهو أمر لم يسبق له مثيل.

وأضاف آل جابر، في سلسلة تغريدات عبر “تويتر”،: “تجاهل تقرير فريق المفوض السامي لحقوق الإنسان، الانتهاكات الموثقة والممنهجة التي ارتكبتها مليشيا الحوثي باليمن، مما يطعن في وجاهة التقرير”.

وأوضح السفير أن من بين الانتهاكات “استخدام المليشيا الحوثية المدعومة من إيران الألغام المضادة للأفراد على نطاق واسع، وزراعة الألغام البحرية واستهداف السفن التجارية”.

وأضاف: “يتفق أن تجنح بعض أفرقة العمل عن مقتضيات الحياد والاستقلالية لاعتبارات ودوافع معينة، إلا أن صدور تقرير فريق المفوض السامي لحقوق الإنسان بما يتطابق مع ادعاءات الحوثيين، ويتماهى حتى مع مصطلحاتهم، ومن ذلك توصيف سعي الحكومة الشرعية اليمنية لاستعادة أراضيها (بالعدوان)، أمر لم يسبق له مثيل”.

وكان التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، قد استنكر تقرير مفوضية حقوق الإنسان الأممية بشأن اليمن، قبل أن يفند ما ورد به من ادعاءات ومغالطات.
وأكد التحالف في بيان، أنه اطلع على تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 28 أغسطس 2018، وما تضمنه من وقائع وادعاءات واستنتاجات وتوصيات توصل إليها فريق الخبراء بشأن ما يسمى بانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.

وأوضح التحالف حرصه على التعاون، وبشكل منفتح وشفاف، مع فريق الخبراء، وذلك منذ أن تم تشكيله من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان في شهر ديسمبر 2017 ومباشرته مهام عمله.
وأضاف أنه تم عقد اجتماعين في مقر قيادة التحالف في الرياض مع أعضاء الفريق والمختصين به، وقد تم خلال تلك الاجتماعات تقديم الأدلة والإيضاحات على كافة الاستفسارات المقدمة من فريق الخبراء.

ونوه التحالف خلال البيان، بتنظيم زيارة للفريق إلى مركز عمليات التحالف لإطلاعه على إجراءات سير العمليات، وتسهيل مهام عمل الفريق في زياراته لليمن وتلبية متطلباته، وكذلك توفير المعلومات في تقرير شامل سلم إلى المفوضية السامية يتضمن الإجابة عن كافة الاستفسارات التي تقدم بها الفريق إلى المملكة والجمهورية اليمنية.

وجدد التحالف استنكاره لما أشار إليه الفريق في منهجية التقرير حول عدم حصوله على أي رد بشأن تقديم المعلومات المطلوبة.
وأكد تحالف دعم الشرعية في اليمن استمرار التزامه باتخاذ جميع الخطوات؛ لضمان تفادي وقوع الإصابات بين المدنيين في عملياته العسكرية وفقا لمبادئ القانون الإنساني الدولي.
وسلط بيان التحالف الضوء أيضاً، على المغالطات التي جاءت في التقرير، وبالأخص ما يتعلق بتسبب التحالف في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين في اليمن.

وانتقد تجاهل التقرير، الدور الإنساني الكبير الذي قامت به- ولا تزال- دول التحالف في اليمن، والمساعدات الإنسانية الضخمة التي قدمتها في هذا الإطار، وذلك في سبيل تخفيف معاناة الشعب اليمني.

تقرير مخيف:
فيما استغرب خبراء من تقديم التقرير لمليشيا الحوثي على أنها كيان ثوري وليس مليشيا، ووصف زعيم الانقلاب بـ”قائد الثورة”، كما قدم المليشيا بأنها جهة منضبطة لديها مؤسسة عسكرية، فيما راح يصور الجيش الوطني بأنه مليشيا.

ووصف عضو تحالف “رصد” لحقوق الإنسان في اليمن رياض الدبعي التقرير بـ”المخيف”، وأنه قام بتمييع جميع جرائم الحوثي.
وقال الناشط الحوثي اليمني “الفشل الأكبر في تقرير لجنة الخبراء هو عدم المساعدة في إظهار جرائم مليشيا الحوثي بمحافظة تعز، حيث فشل الفريق في زيارة المدينة المحاصرة، فيما كرس وقته لزيارة المناطق الخاضعة للانقلاب”.

وأضاف أن “التقرير مليء بالثغرات المريبة، إذ تغاضى بشكل تام عن قصف الحوثيين المرافق الصحية وبرأهم من استهداف المستشفيات”.
وأشار إلى أن الأرقام المؤكدة لدى جميع المنظمات المحلية والدولية تقول إن هناك 5 مرافق صحية على الأقل في مدينة تعز تعرضت لقصف حوثي وتدمرت أجزاء كبيرة منها، ولم يتم ذكرها أو الإشارة إليها في التقرير”.

استنكار رسمي:
بعد يوم من صدور بيان رسمي لوزارة حقوق الإنسان اليمنية، واعتبار التقرير “صادما” ومفتقرا إلى الدقة والحيادية، أشار وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، إلى أن التقرير الصادر عن فريق الخبراء “يعكس حالة الخلل القائمة لدى الأمم المتحدة وهيئاتها في التوصيف والتعاطي مع الأزمة اليمنية.”
وأوضح أن الخلل الأممي في التعامل مع الأزمة اليمنية يأتي من إغفالها أن الأزمة بين حكومة شرعية وانقلاب، وبين الشعب اليمني بكل مكوناته السياسية والاجتماعية ومليشيا مسلحة سيطرت على مؤسسات الدولة بالقوة والإرهاب.

وقال الإرياني في سلسلة تغريدات على تويتر: “التقرير وصف الأزمة اليمنية بالنزاع، والانقلابيين الحوثيين بسلطات الأمر الواقع، ومليشياتهم بالقوات، والجيش الوطني والمقاومة بمليشيات مواليه لهادي، والعملية العسكرية التي أطلقتها الحكومة لتحرير مدينة الحديدة بالعدوان، في انقلاب صريح على قرارات مجلس الأمن ومرجعيات حل الأزمة اليمنية”.

وأضاف: “تقرير فريق الخبراء تجاهل نقطة مركزية تتمثل في أن الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية وعلى مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومسودة الدستور التي توافقت عليها كل الأطراف السياسية والمكونات الاجتماعية، هو ما فجر الحرب، وأن المليشيا الحوثية تتحمل مسئولية تبعات الصراع ونزيف الدم المستمر”.

وأشار المسؤول اليمني إلى أن التقرير أغفل الدور الذي تلعبه طهران وحزب الله في توجيه المليشيا الحوثية لإدارة أنشطتها المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة العربية، والدعم الذي تقدمه للانقلابيين بالمال والأسلحة المتطورة والصواريخ الباليستية والخبرات والمدربين والمستشارين السياسيين الأمنيين والعسكريين.

وذكر الإرياني أنه من الواضح اعتماد التقرير على جملة من الافتراءات التي روجت لها مطابخ مشبوهة، بهدف الإساءة للحكومة الشرعية وتحالف دعم الشرعية وانحصار برنامج نزولها الميداني على مناطق خاضعة لسيطرة المليشيا في صنعاء وصعدة والحديدة، حسب التقرير نفسه.

وتابع الإرياني: “بدلا من أن يطلق فريق الخبراء في تقريره الكارثي على عبدالملك الحوثي قائد المليشيا أو قائد الانقلابيين أسموه قائد الثورة، وهو أحد من شملتهم العقوبات الدولية، وهكذا دواليك مع باقي قيادات المليشيا الذين منحهم التقرير ألقابا ورتبا وصفات رسمية، في توصيف عجيب يطعن في مصداقية التقرير برمته”.

ولفت الإرياني إلى أن التقرير الأممي “غض الطرف عن جريمة اغتيال رئيس دولة سابق ورئيس أكبر الأحزاب السياسية في اليمن وأمين عام الحزب، والأعمال الانتقامية من قتل واختطاف واعتقال وتعذيب وتفجير منازل ومصادرة أملاك طالت أقارب علي عبدالله صالح وقيادات وكوادر المؤتمر الشعبي العام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *