أرشيف صحيفة البلاد

التجربة الماليزية

م/ شاهر محمد رقام

دولة ماليزيا هي دولة ملكية دستورية تتألف من ثلاثة عشر ولاية بالإضافة إلى ثلاث مقاطعات اتحادية. حصلت ماليزيا على الاستقلال عام 1957 وتم عندها إعلان اتحاد الملايو والمكون من 13 ولاية لكل ولاية منها سلطان وتعتبر الولاية سلطنة ولها حكومة داخلية ومجلس حكم محلي يرأسه السلطان. العاصمة كوالا لمبور وهي لا تتبع أي ولاية أو سلطنة مثلها مثل العاصمة الأمريكية ومقر الحكومة في بوتراجايا القريبة بل وأشبه ماتكون بامتداد للعاصمة. يبلغ عدد السكان 30 مليون.
في العام 1963، انضمت أربعة مقاطعات هي سنغافورة، بورنيو، سراواك وصباح ولكن بعد أحداث الشغب العرقية في عام 1965 تم طرد سنغافورة من هذا الاتحاد.
الثروات الطبيعية، غابات النخيل والمطاط ويوجد البترول في بعض المقاطعات وتعتمد ماليزيا على الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة ويبلغ إجمالي الناتج المحلي حوالي 12 مليار دولار وقد استطاعت ماليزيا أن تشق طريقها إلى الصناعات الحديثة فجزء كبير من السيارات محلية الصنع أو التجميع. كذلك قد قطعوا شوطاً لا بأس به في مجال التصنيع العسكري. أما الصناعات الخفيفة، فحدث ولا حرج. وقد بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي قبل ثلاثة أعوام 14000 دولار أمريكي. وهذا يضعها في المرتبة الثانية إقليمياً بعد جارتها سنغافورة والمرتبة 48 عالمياً من ناحية دخل الفرد.
يتشكل النسيج السكاني من ثلاثة عرقيات وهي الملايو والسكان الأصليين يشكلون 70% أما الصينيين فنسبتهم حوالي 23% والهنود 7% والدين الإسلامي هو دين الدولة ودين الغالبية العظمى من السكان واللغة الرسمية هي البهاسا أو لغة الملايو ويتم التعامل بها وتدريسها في كل المدارس وحتى الأقليات تتعامل بها برغم احتفاظهم بلغاتهم الأصلية إلا أن اللغة الرسمية تحترم وتستعمل بين العرقيات حتى في الشارع.
لقد تعلم الماليزيون، وهذا بيت القصيد، تعلموا التعايش السلمي فلا تجد تمييزاً عنصرياً بينهم رغم أنه من المعروف أن العرقيات الأخرى من صينيين وهنود قد جلبهم الإستعمار الإنجليزي لأغراض العمل من زراعة وصناعة وحراسة وخدمة الى آخره ولكن تم إحتوائهم بعد الإستقلال ودمجهم في مجتمع واحد تتساوى فيه الحقوق والواجبات وتحترم فيه العقائد والأديان فتجد المسلم والبوذي والهندوسي والمسيحي يعملون في شركة واحدة ولا تكاد تسمع شيئاً عن دين أو عقيدة أو مذهب الكل يمارس شعائره بهدوء دون أن يؤذي الآخرين والفرص متكافئة إلى حد كبير فقد تجد من ينتمي إلى إحدى الأقليات يصل إلى منصب مرموق ولا تجد من يستغرب ذلك أو ينكره. أما على مستوى الممارسات الدستورية فالدستور يكفل حقوق الجميع من خلا توازنات نجحت ماليزيا في الحفاظ عليها وإن كان المراقب يرى أن هذه التوازنات قد تتغير مستقبلاً لصالح الصينيين الذين يتنامى نفوذهم من خلال سيطرتهم على القطاع التجاري والاستثماري. كذلك يشكل الحزب الصيني داعماً لاحزاب الأغلبية فدعمهم قد يرجح حزباً على آخر من خلال الدخول في ائتلاقات سياسية.
النتيجة، بلد متقدم ومكتفٍ ذاتياً. خدمات صحية وتعليمية راقية وبأسعار تكاد تكون أسعاراً رمزية. نسبة البطالة في ماليزيا لاتتعدى 2%. أما عن الأمن فأنا أتنقل فيها كثيراً وكم رأيت أثناء تنقلي فتيات ونساء يقفن للتزود بالوقود وبعضهن يرتدين ملابس قصيرة ولَم ألاحظ أحداً يفكر حتى بأن يتحرش بهن ولو حتى بإطالة النظر رغم أن الوقت أحياناً يكون متأخر جداً والمكان يعتبر منطقة نائية فهو مجرد محطة على الطريق بين مدينتين.
أنا لست أدعي هنا بأنها جنة الله في أرضه أو أنه لا توجد مشاكل في ماليزيا. كل ما أريد قوله إنها تجربة جديرة بالاحترام والاهتمام والتقدير في ظل واقعنا العربي الذي يتكون من نسيج واحد لكنه يكتوي بنار الطائفية والقبلية والأيدولوجيا السياسية. فلم يعد البعض يفكر في الصالح العام بقدر ما يفكر في أذية إخوانهم.
أدام الله علينا أمننا واستقرارنا ونعمتنا وحفظ قائدنا سلمان ووفقه لجمع شتات هذه الأمة على كلمة سواء.
• جميع الإحصاءات مأخوذة من موقع ويكيبيديا