واصل المنتخب الفرنسي سلسلة عروضة المتوازنة إلى حد ما، ونجح في التتويج باللقب الثاني في تاريخه بعد الفوز على كرواتيا بأربعة أهداف مقابل هدفين في المباراة النهائية التي أُقيمت على ملعب لوجينكي بالعاصمة الروسية موسكو، في أنجح نسخة على الإطلاق للمونديال العالمي لكرة القدم. المباراة شهدت خططا تكتيكية منوعة من كلا المدربين منذ بداية المباراة، نيتعرضها فيما يلي.
الضغط المبكر
رغم الإرهاق البدني من لعب وقت إضافي في ثلاث مناسبات خلال الأدوار الإقصائية، إلا أن المنتخب الكرواتي اختار بداية المباراة بضغط عال، على دفاعات فرنسا في ثلث الملعب الأول. تواجد خمسة وأحيانًا ستة لاعبين من كرواتيا في نصف ملعب فرنسا؛ من أجل الضغط على حامل الكرة، ومحاولة المباغتة للتقدم.
أسلوب ساعده عليه طريقة ديشامب الذي اتجه لنفس أسلوب مباريات أوروجواي وبلجيكا والأرجنتين بالبقاء في مناطقه، واستدراج الخصم لإنهاكه بدنياً ثم الضرب بالهجمات المرتدة السريعة معتمدًا على تمريرات بوجبا وانطلاقات مبابي وجريزمان.
كرواتيا نجحت في تنفيذ الضغط بطريقة جيدة والتأمين في حال الهجمات المرتدة لفرنسا من أجل تفادي الخطر. ولكن الأمور تغيرت في نهاية الشوط الأول؛ حيث تحول المنتخب الفرنسي للضغط المتقدم، من أجل افتكاك الكرة والاعتماد على القدرات الهجومية الكبيرة ولكن المنتخب الكرواتي نجح في السيطرة على كثير من مفاتيح اللعب.
فرنسا وحل بديل معتاد
فرض لاعبو المنتخب الكرواتي رقابة لصيقة على مفاتيح لعب منتخب فرنسا، المتمثلة في الثلاثي بوجبا وجريزمان ومبابي لمنعهم من الوصول لمناطق الخطورة. أسلوب ظهر ناجحًا بشكل كبير طول أحداث الشوط الأول، ولم ينجح مبابي في المرور إلا في مناسبة واحدة، ولكن الدفاع الكرواتي نجح في تشتيتها. المنتخب الفرنسي اتجه للحل البديل الذي أقصى به منتخب أوروجواي وبلجيكا عن طريق الضربات الثابتة. مرة أولى تكفل ماندزوكيتش بتسجيلها في شباك فريقه وضربة ركنية أخرى اصطدمت بيد بيريسيتش ليحتسب الحكم ركلة جزاء، تكفل جريزمان بتسجيلها.
الجميع يهاجم من نفس الجانب
الجبهة الهجومية الأقوى لمنتخب كرواتيا، كانت في اليسار عن طريق إيفان بيريسيتش وسترينيتش مع مساندة من راكيتيتش في كثير من الأحيان. جبهة ثلاثية واجهها المنتخب الفرنسي ببافار مع مساندة من بوجبا وأحيانًا مبابي، عودة الجناح الفرنسي كانت تعني قوة دفاعية لفرنسا أمام الهجوم الكرواتي، ولكنها لم تتكرر كثيرًا مما سبب معاناة لبافارد وبوجبا في كثير من المواقف. على الجانب الآخر تركز هجوم المنتخب الفرنسي على الجبهة اليمنى أيضًا اعتمادًا على انطلاقات مبابي وتكرر نفس الأمر بعكس الأدوار ولكن بيريسيتش دائمًا ما كان يعود للمساندة الدفاعية.
تأخر الضغط وعدم جاهزية كانتي
ثلاثي وسط فرنسا كانتي وبوجبا وماتويدي لم ينفذوا الضغط المطلوب على وسط ملعب كرواتيا في حال الهجمة المعتادة أو الكرة الثانية خلال الضربات الثابتة.
وجد لاعبو وسط كرواتيا الأمور سهلة في استلام وتسلم الكرة ولعب الكرات الطولية؛ مما شكل خطورة على فرنسا خصوصًا في الشوط الأول. غياب الضغط ظهر مجددا ولكن العقاب جاء هذه المرة من بيرسيتش الذي راوغ كانتي وسدد في شباك لوريس ليتعادل لكرواتيا قبل نهاية الشوط الأول.
كانتي صمام أمام الوسط الفرنسي، ظهر بعيدًا تمامًا عن مستواه ولم يقدم الدور الدفاعي المعتاد منه مع احتمال لتعرضه للإصابة ليتدخل ديشامب بعد 53 دقيقة تاركًا مكانه لنزونزي. بعد نزول نزونزي، تحسن مستوى خط وسط فرنسا مع التراجع البدني للاعبي كرواتيا والذي أدى لفيضان فرنسي في الشوط الثاني.
تراجع بدني متبادل
المنتخب الكرواتي ظهر صلبًا على أرض الميدان في الشوط الثاني في الحالة الهجومية، ولكن دفاعه تأثر كثيرًا، خصوصًا في الضغط على حامل الكرة من المنتخب الفرنسي. تأخر ضغط لاعبو كرواتيا في الكرة الثانية أسفر عن هدف ثالث لبوجبا الذي سدد الكرة وعادت له دون ضغط مؤثر ليسجل الهدف الثالث.
ظهر الإرهاق البدني واضحا مجددًا ، بعد أن استلم مبابي الكرة بسهولة في وسط ملعب كرواتيا ليسدد من مسافة بعيدة مسجلًا الهدف الرابع لفرنسا. كرواتيا بعد الهدف الرابع اندفعت بشكل أكبر نحو الهجوم تاركةً مساحات كبيرة في الدفاع والتي انطلق منها مبابي وجريزمان وبوجبا كثيرًا دون أن ينجح أيا منهم في التسجيل بسبب الإرهاق الذي أصابهم.
خبرة ديشامب
بعد الهدف الرابع، تدخل ديشامب ليحاول ضخ دماء جديدة في الميدان بدخول الثنائي توليسو ونبيل فقير في مكان ماتويدي وجيرو للسيطرة على وسط الملعب. على الجانب الآخر، أقحم داليتش الثنائي كراماريتش وبياتسا في مكان ريبيتش وسترينيتش؛ من أجل محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
المنتخب الفرنسي عاد لقواعده قبل هدف ماندزوكيتش والتغييرات مع اندفاع قوي من المنتخب الكرواتي دون أي خطورة تُذكر على مرمى هوجو لوريس، الذي تعلم من خطئه الساذج في الهدف الثاني لينجح جيل فرنسا بقيادة ديشامب في الفوز باللقب الثاني لهم في تاريخ كأس العالم.