مكة المكرمة – احمد الاحمدي
تذمر عدد من الأدباء والمؤرخين والمهتمين بالتاريخ والتراث بما آل إليه وتعرض له موقع سوق مجنه التاريخي بمحافظة الجموم شمال مكة المكرمة من عبث وتدمير كرمي المخلفات والنفايات على أرضه وطمس معالمه التاريخية وتحويله إلى موقع لحظائر المواشي وشبوك للأغنام. وقالوا لـ(البلاد) إن التدمير والعبث بهذا الموقع التاريخي الهام شمل أطراف الجبال المجاورة لموقع السوق بجرفها وتغيير معالمها الطبيعية مطالبين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني االاهتمام بهذا الموقع التاريخي الهام وتسويره لمنع العبث به وتغيير معالمه الطبيعية.
(البلاد) وقفت على موقع السوق التاريخي المهم وشاهدت على الطبيعة العبث والتخريب والتشويه الذي لحق به.
موقع السوق:
بالقرب من حافة مرتفع صخري إلى الشمال الشرقي من محافظة الجموم وبمسافة 4كم فقط ينبسط سوق مجنة بعمقه التاريخي الواسع وإرثه الحضاري العظيم الذي يمتد لما قبل الإسلام حتى العصر العباسي الأول وهذا السوق كاد أن يتوارى خلف رماد التاريخ لولا دلائل يسيرة احتفظت بها كتب التراث العربي ، استثمرها بعض الباحثين المختصين ليكشفوا هذا السوق ، كان من أبرزهم الدكتور ناصر الحارثي في بعض بحوثه ثم قيام الباحث والمؤرخ عبد الله الشايع بإجراء بحث ضمن مشروع دارة الملك عبد العزيز الخاص بتحديد مواقع التاريخ الإسلامي الذي اصدر كتابا رائعا تحت عنوان (سوق مجنة بحث في تحقيق موضعه) وصدر عام العام 1438هـ، من قبل دارة الملك عبد العزيز حيث أثبت، حفظه الله، مكان السوق الذي نحن بصدده وضبط إحداثياته لكنه اليوم يتعرض لكثير من الأذى والتدمير الممنهج كرمي النفايات وطمس معالمه الطبيعية وتحويله إلى شبكة من حظائر المواشي وشبوك الأعنام وامتد التدمير ليشمل أطراف الجبال المجاورة للسوق بالجرف وبناء الشبوك وتشويه منظره العام بل ومد الأسلاك الشائكة لمنع السياح من الإستمتاع ببعض جوانبه وترتب على ذلك تدمير أكثر من عشرة مواقع للعصر الحجري حول هذه الجبال .
مناشدات لهيئة السياحة:
(البلاد) استطلعت آراء بعض المختصين ومنهم الدكتور فواز الدهاس أستاذ التاريخ بجامعة أم القرى واحد الباحثين والمهتمين بشؤون التاريخ والمعالم التاريخية والأثرية حيث قال : نأمل من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ممثلة في فرعها بالعاصمة المقدسة الاهتمام و المحافظو على هذا الموقع التاريخي الهام من العبث والتخريب ولا نخالها إلا فاعلة ذلك لما لها من جهود كبيرة وملموسة في المحافظة على عدد كبير من المواقع التاريخية الهامة بالعاصمة المقدسة وضواحيها منذ أن تأسس هذا الفرع المبارك حتى الآن كما أن موقع سوق مجنة تم تحديده ومعرفته منذ زمن بعيد من قبل المؤرخين والباحثين والمهتمين بشؤون التاريخ والتراث وقد كتبوا فيه أبحاثاً رائدة، ومن هؤلاء الدكتور المؤرخ عبد الله الشايع والدكتور خالد الزيد وجميع هذه الدراسات والأبحاث تؤكد وتجتمع وتتفق على الموقع للسوق بوادي فاطمة الجموم المعروف قديماً باسم وادي مر الظهران”.
شواهد أثرية:
كما استطلعت (البلاد) أحد الباحثين المهتمين بتاريخ وادي فاطمة الأستاذ بدر اللحياني حيث قال:” لقد مرت شعوب مختلفة على وادي مر الظهران منذ ما قبل التاريخ وهناك كثير من الشواهد الأثرية الواضحة التي تشير لهذا العمق التاريخي وكان لابد أن تتكون مستوطنات بشرية محاذية لموارد المياه تمكن من خلالها الإنسان من صناعة حضارته وتطويرها”.
وتابع اللحياني قوله:” وسوق مجنة امتداد للمناشط البشرية الاقتصادية ويعود لحقبة ما قبل الإسلام ومن المرجح أنه كانت تحيط به مواقع أثرية لعصور حجرية بسبب قربه من مصارف المياه حتى قبل نشأة السوق وهناك شواهد كثيرة وهي ماثلة إلى اليوم”.
ولحسن الحظ فقد صدرت دراسة جديدة من قبل دارة الملك عبد العزيز نفذها الباحث عبد الله الشايع عام 1438هـ تناولت هذه السوق بشكل مباشر وأعطت ملمحاً تاريخياً واضحاً وقوياً أسهم في الاهتمام بها ولكنها تحتاج لمزيد من الدراسات مستقبلاً خاصة في جانبها الأثري”.
رد هيئة السياحة:
وبعرض موضوع موقع السوق وما حصل طاله من عبث وتدمير وتغيير لمعالمه على الدكتور فيصل بن محمد الشريف مديرعام فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أجاب بقوله:”
الموقع ضمن المواقع التاريخية الهامة وقد كانت هناك اختلافات بين الباحثين في تحديد موقعه الجغرافي الدقيق ولكن ثبت للهيئة من خلال فرق البحث أن الموقع هو الذي أشرتم إليه بمحافظة الجموم التابعة لمنطقة مكة المكرمة ولدى الهيئة فرق رقابية دورية تتابع المواقع التاريخية ومن أهمها سوق مجنة بالجموم لحمايتها من التعدي أو التغيير علماً أن الموقع الحالي متداخل مع أملاك خاصة ولكن يظل الموقع له قيمته التاريخية الهامة ولدينا تصور لتنشيطه بالشراكة ما بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وشركاء الهيئة من القطاع الحكومي والقطاع الخاص مثل بلدية محافظة الجموم وكذلك مجلس التنمية السياحية بالمحافظة والذي صدر قرار مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بتشكيله مؤخراً حيث سوف نعمل من خلال منظمي الفعاليات والمهرجانات المسجلين لدى الهيئة في البرنامج الوطني للمعارض المؤتمرات على إقامة حزمة من المهرجانات والفعاليات التي تقام بشكل دوري في هذا الموقع وفي محافظة الجموم بشكل عام لهدف التعريف بالمواقع التاريخية والسياحية والمعالم الحضارية بتلك المحافظة والضواحي التابعة لها مع إثراء الموقع ثقافياً وسياحياً وجعله منطقة جذب سياحي لأهالي وزوار منطقة مكة المكرمة ومحافظة الجموم على وجه الخصوص”.