جدة- فيصل سجد
في “قراءة للفكر والعقل” نبحر سويا مع المستشار والمشرف على البحوث والدراسات في مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام. البروفيسور عبدالرحمن العناد المولود في سكاكا والحاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية تخصص إعلام وعلاقات عامة. كان عضوا في مجلس الشورى لثلاث دورات من 1422هـ حتى عام 1434هـ وهو أستاذ وعضو هيئة تدريس كلية الآداب في جامعة الملك سعود له العديد من الاسهامات والعضويات العلمية والعملية والإدارية وكتب منشورة وأبحاث ودراسات وحضور مشرف لأهم المؤتمرات والندوات فكان معه هذ الحوار:
• كيف تقدم نفسك؟
أستاذ الإعلام والعلاقات العامة … سعودي جوفي باحث أكاديمي إعلامي حقوقي.
• ماذا يتراءى في ذهنك من أيام الطفولة؟
بساطة الحياة وبساطة سبل المعيشة وأدواتها التي لم تعرف التعقيدات التكنولوجية والأجهزة الرقمية، والعلاقات الطيبة بين الناس، والمدرسة، واللعب، وأيام المطر، وصيف العيون والعنب والتين والرطب والبساتين في دومة الجندل.
• صاحب البصمة الأكثر وضوحا في حياتك؟
لا يوجد شخص واحد بل عدة أشخاص ومنهم والدي رحمه الله وبعض أساتذتي في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة بالذات.
• ماذا تعني لك العولمة؟
العولمة هي في نظري الغاء الحدود كافة وما يترتب على ذلك من انفتاح وحرية التواصل والاتصال بين الشعوب والدول، ولكن هذا للأسف حدث – حتى الآن – فقط في العالم الافتراضي، أي من خلال تقنيات الاتصال الحديثة والأنترنت، وكذلك من حيث السهولة النسبية في انتقال البضائع والسلع بين الدول، أما التقارب بين الشعوب والحضارات والتواصل الحقيقي بين البشر وبين الدول والشعوب وحرية التنقل والسفر للأشخاص فقد أصبح أكثر تعقيدا من ذي قبل.
• وكيف نحافظ على هويتنا العربية في ظلها؟
بالتعليم والإعلام، وإن كنت أميل إلى عدم المبالغة في الحرص على المحافظة على كل ما هو قديم فقط لأنه قديم، ما يعني الانغلاق على أنفسنا، وإنما الانفتاح على الآخر تطوير الهوية والافادة من الاحتكاك بالثقافات والحضارات الأخرى لأن الهوية العربية التي ورثناها لم تثبت خلال القرون الماضية أنها ذات شأن، ولولا هويتنا الإسلامية وحضارتنا الإسلامية لما كان للعرب حضارة تستحق التقدير.
• كيف نجسر الهوة التي تحجب البعض عن فهم القرن القادم؟
بفهم الحاضر، والتعايش معه، والارتقاء لمستواه، فنحن لا زلنا لم نواكب عصرنا الحاضر، بل أن نسبة كبيرة منا لا زالت تعيش بالماضي وتجتر محاسنه وتستثمر مآسيه وخلافاته لتحييها من جديد، وسوف نعجز عن التعايش مع القادم في ظل هذا الحنين للماضي واصرارنا على التمسك به.
• فكرة في رأسك تتمنى تحقيقها على حيز الوجود
الالغاء التام والنهائي للحدود بين دول الخليج والاندماج التام في دولة فيدرالية واحدة.
• يعتقد البعض أن مصير الكلمة المكتوبة إلى انقراض! ما رأيك؟
إن كان المقصود الكلمة المكتوبة على إطلاقها فذلك مستحيل، لأن الكلمة المكتوبة، وليس الشفهية، هي الوسيلة الأقوى للعلم والتعليم وحفظ الحضارة وتوثيقها وتطويرها ونقلها عبر الزمن والأجيال وعبر المكان، أما إن كنت تقصد الصحف الورقية التقليدية فهي في طريقها للانقراض ولكن ذلك يتطلب وقتا أطول مما يتصوره البعض.
• كيف تتشكل المرأة في حياتك؟
المرأة هي التي شكلت حياتي، فحياتي كلها تشكلت بسبب المرأة وحولها ومن أجلها.
• كيف تنظر للرجل والمرأة في الواقع المعاصر؟
المرأة والرجل في العصر الحاضر أصبحا آلتين للعمل والإنتاج، وبدلا من أن يكونا كيانا واحدا اصبحا كيانين متنافسين داخل البيت وخارجه.
• هل هناك أمل لأن ينفض الاشتباك بين الرجل والمرأة خلال العام القادم؟
ليس هناك أمل حتى في القرن القادم.. فالتطور الطبيعي للعلاقة بين الرجل والمرأة ونمو وازدهار الثقافة الحقوقية، والوعي، وزيادة الأعباء الاقتصادية كلها عوامل تدعو لتوقع مزيد من الاشتباك او التعقيد في العلاقة، والله أعلم.
•الزوجة والأبناء عبء يضاف إلى هموم العمل، كيف توفق بين هذين الهمين؟
لم تكن الزوجة في يوم من الأيام ولا الأبناء عبئا ولا هما، بل منهم يستقي الإنسان سعادته، وهم حوافز ودوافع رئيسة وأساسية للعمل والكسب والانتاج وتحقيق النجاحات.
• متى قلت (لا) ثم ندمت؟
أظن أن ذلك حدث كثيرا في مواقف حياتية يومية ولكني لا أذكر موضوعا مهما أو جوهريا قلت فيه (لا) ثم ندمت.
• رأيك في الأنترنت، وكيف ترى جيله؟
الأنترنت اصبحت ضرورة من ضرورات الحياة العلمية والعملية والاجتماعية، ويصعب الاستغناء عنها، وأحسب أن جيل الأنترنت أكثر وعيا ومعرفة من الاجيال السابقة التي لم تتهيأ لها فرص الاطلاع الواسعة المتاحة على الانترنت، ولكن هذا الجيل للأسف سطحي في وعيه، وأظن أنه يميل للكسل والخمول، وهما صفتان ربما تكون الانترنت سببا فيهما حيث يقضي هذا الجيل الساعات الطوال مع الاجهزة الرقمية ويعيشون في عوالم افتراضية بعيدة عن واقع الحياة ومتاعبها.
• موقف لا يزال بالذاكرة؟
كثيرة هي المواقف التي بقيت في الذاكرة بعضها أسعد بتذكره وبعضها اتمنى لو يختفي من ذاكرتي ولكنه يلح في الظهور، ويصعب فرز تلك المواقف لأختار منها موقفا أميزه عن غيره، ومما خطر ببالي الآن الألم الشديد الذي طال ظهري وأنا انتظر قرار لجنة مناقشة رسالة الدكتوراه في جامعة أوهايو في عام 1986م قبل أن اتلقى تهاني المشرف وأعضاء اللجنة.
• قرار ندمت على اتخاذه؟
اعتذاري عن تولي منصب حكومي عال .. ولست متأكدا من ندمي على ذلك الاعتذار ..
• كاتب تحرص على متابعته؟
لا يوجد.. وأقرأ المقالات الجيدة لمختلف الكتاب عندما توضع روابطها في مواقع التواصل أو تصلني عبر الواتس أب.
• شاعر لا تمل من قراءة شعره؟
لا يوجد.. ولي موقف من الشعر احتفظ فيه لنفسي.
• كلمة جميلة، لحن، يتردد في ذهنك.
أجل نحن الحجاز ونحن نجد … هنا مجد لنا وهناك مجد … ونحن جزيرة العرب افتداها … ويفديها غضارفة وأسد.
• لاعب كرة تحرص على مشاهدته
كل لاعبي النصر .. في الماضي والحاضر.
• هل أنت من أصحاب القرارات السريعة أم العكس؟
نعم لحسن الحظ، أو للأسف، لا أدري، فلا أحد يعلم أيهما أفضل القرارات السريعة أم البطيئة، ولكني تعلمت أن تأخير اتخاذ القرار لا يعني بالضرورة أن القرار سيكون أصوب.
• شخص يصنع حول نفسه هالة، أو حواجز، من يكون؟
إما أن يكون شخصا مهما فعلا، أو تافها يريد أن يبدو مهما.
• في وجه من تغلق بابك؟
في وجه أعداء الوطن، وبالذات العاقين من أبنائه.
• لو وقفت على بئر، فما هو السر الذي تبوح به له وحدك؟
أحد الأسرار التي احتفظت بها لنفسي سنوات.
• كتاب الأعمدة الصحفية يتهمون بالإفلاس خاصة أن الكتابة اليومية تتحول بالنسبة إليهم استهلاك كتابي يهف من وراءه إلى تعبئة الفراغ والحرص على التواجد دون أن يكون هناك هم أو قضية تستحق النقاش، ما هو رأيكم؟
الكتابة اليومية نزيف دم أو هي استنزاف ومحرقة للأفكار، أحسبها أصعب التزام وأضنى مهمة وأكبر مسؤولية، ، ومهما كان الكاتب متابعا ومبدعا و (متفرغا) لها فإنه سيكرر نفسه ويدور حول أفكار سابقة مهما طال به الابداع… والالتزام بتعبئة المساحة اليومية هم كبير يجبر الكاتب شاء أم أبى، في بعض الأيام، للمجازفة بتعبئة الفراغ بأي شيء .. وفي تقديري أن ثلاثة أيام بالأسبوع أكثر من كافية للالتزام بكتابة يحافظ فيها الكاتب (الحريص على التواجد المستمر) على مستواه.
• العولمة .. ومواجهة طمس الهوية .. كيف نواجه زحف العولمة القادم الذي يتوقع أن يطمس الكثير من الهويات العربية والخصوصيات التي تميزنا عن الآخر؟ خاصة وأن الزحف يمتد ليهدد الجوانب الثقافية والايديولوجية؟
لست ضد العولمة وفتح الحدود وتواصل الثقافات والحضارات وتيسير انتقال الأفكار والأشخاص والأشياء عبر الحدود وعبر القارات، وأنا مع كل التوجهات (العولمة) التي يؤمل أن تقرب بين الشعوب وتلغي الصراعات، وتسهم في تطوير الثقافات المتخلفة واستفادتها من الثقافات الأخرى التي سبقتها، وأملي أن تستفيد الثقافة والهوية العربية من الثقافات العالمية لتطوير نفسها وصقل خصوصياتها الجميلة كي تتحول إلى خصوصيات مؤثرة بالآخر أيضا فتعطيه من كنوزها كما تأخذ منه.
• قبل الوداع ماذا تود أن تقول؟
حمدا لله وشكرا على ما من به على هذه البلاد من أمن واستقرار وسط منطقة تعج بالانقسامات والصراعات والفتن الداخلية، وندعوه أن يحفظ لهذا البلد أمنه وأمانه وأن يعزنا ويعزه إنه سميع مجيب.