عواصم ــ وكالات
يواجه النظام الإيراني، الذي طالما تبجح لسنوات بسيطرته على أربع عواصم عربية، مستغلاً أجندته الطائفية، “شهرا كبيسا” في مايو الجاري، وسط توقعات بأن تمنى فيه إيران بهزائم متلاحقة على أكثر من ساحة.
ففي لبنان تخوض مليشيا حزب الله اللبناني في 6 مايو الجاري الانتخابات النيابية بعد 9 سنوات من تعطيل العملية الديمقراطية، في استحقاق انتخابي قد يرتب واقعا جديدا في البلد المنكوب بتنامي النفوذ الإيراني.
ويتوقع المراقبون انتخابات ساخنة في ضوء قانون جديد يعتمد القائمة النسبية، ما فرض على فرقاء المشهد اللبناني إعادة بناء تحالفاتهم السياسية، وخلق نوع من التنافس داخل القائمة الواحدة لشمول النظام الجديد ما يعرف بـ”الصوت التفضيلي” لحسم أولوية التمثيل داخل القائمة.
ويعمل الحزب الموالي لإيران على سحب العملية الانتخابية على الأرضية الطائفية بتركيزه على ما يسميه بـ”ثوابت الجنوب”، لكن تصريحات قادته المتشنجة تعكس مخاوف من عقاب الناخبين اللبنانيين للحزب الذي جر البلاد لأتون الحرب الأهلية في سوريا إلى جانب النظام السوري، الذي كان حتى وقت قريب جاثما على صدر اللبنانيين.
وعلى الساحة العراقية التي تشهد أيضا انتخابات برلمانية في 12 من الشهر نفسه يتوقع غالبية المراقبين أن يحسمها رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي في وقت تشهد فيه البلاد مزاجا عاما معاديا للخطاب المذهبي.
وتبدو إيران أكثر القوى الفاعلة على الساحة العراقية تضررا من سيادة الخطاب المعادي للمذهبية، ونفض العبادي يده مطلع العام الجاري من تحالف جمعه بمليشيا الحشد الشعبي، الأمر الذي ألقى بظلاله على مستقبل العراق، وبات النفوذ الإيراني في البلاد في وضع معلق ومحل تساؤل.
وتخوض فصائل من الحشد الشعبي الانتخابات عبر تحالف تحت مسمى ائتلاف الفتح، بعدما أغضب القيادات الموالية لإيران تقارب بين العبادي وإياد العلاوي الذي يمثل التيار المدني دون العودة لقادة الحشد.
وعكست تحركات العبادي رغبة متزايدة للانفصال عن حزب الدعوة الذي يتبع سياسات ولاية الفقيه في إيران، وتشكيل كيان حزبي جديد بالتحالف مع تكتلات سياسية ذات صبغة مدنية، بحسب المراقبين، بالإضافة لرغبة رئيس الوزراء المنتهية ولايته في الانفتاح على الولايات المتحدة على حساب علاقات طهران ببغداد.
الاستراتيجية التي يضعها العبادي لهندسة علاقات أكثر تحفظا تجاه إيران تأتي في وقت سحبت فيه المرجعيات الدينية في النجف الشرعية عن تحالف مليشيا الحشد في الانتخابات البرلمانية، حيث رفض علي السيستاني ومقتضى الصدر استغلال اسم الحشد الشعبي في العملية السياسية ما وضع تحالف الفتح الذي شكله قادة الحشد في وضع موقف صعب.
وبالتزامن مع الانتخابات العراقية، يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حسم موقفه من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع الدول الست الكبرى، ويرغب البيت الأبيض في تعديله.
وندد الرئيس الأمريكي مجددا، بالاتفاق النووي وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره النيجيري محمد بخاري في البيت الأبيض: إن “هذا الاتفاق تنتهي صلاحيته في غضون 7 أعوام، وعندها سيكون بإمكان إيران أن تطور أسلحة نووية”.
وأضاف ترامب: إن هذا الاتفاق “غير مقبول”، مشددا على أنه “لم يوافق عليه كثيرون، وهو اتفاق فظيع بالنسبة للولايات المتحدة”.
ويترقب العالم في 12 مايو قرار ترامب بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستبقى أم لا، كجزء من الاتفاق الدولي الذي تم توقيعه في يوليو 2015 في فيينا، بين إيران من جهة وألمانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا من جهة ثانية.
ولفت ترامب خلال المؤتمر الصحفي إلى أنه سيتخذ القرار في 12 مايو الجاري، وقال: “لن أقول لكم ما هو القرار الذي سأتخذه ولكن في الموعد المحدد أو قبله سنتخذ قرارا”.
بدوره توقع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مصير الاتفاق النووي بين بلاده والدول الست الكبرى قبل 12 يوما من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفه رسميا من الاستمرار في الاتفاق أو الانسحاب منه.
وقال ظريف: إن ترحيب الرئيس الأمريكي بتكرار الاتهامات القديمة التي كانت الوكالة الدّولية للطاقة الذرية قد تحققت منها هو مقدّمة لخروجه من الاتفاق النووي. وجاء رد ظريف التشاؤمي على حسابه على موقع التدوينات القصيرة تويتر بعد ساعات من تعليق البيت الأبيض على مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كشف فيه عن وثائق تثبت سعي طهران لتطوير برنامج الأسلحة النووية.وكان نتنياهو قد كشف، خلال مؤتمر صحفي عن أن إيران ما زالت مستمرة في تطوير برنامجها النووي السري، مشيرا إلى تقاسم المعلومات حول ذلك الأمر مع الولايات المتحدة.
وزعم نتنياهو الذي ظهر، وإلى جانبه عشرات الأقراص المدمجة والملفات أن إسرائيل تمتلك الآلاف من المستندات التي تُجرم إيران، وتؤكد أن طهران لديها 5 مواقع للاختبارات النووية، كما أنها تسعى لإنشاء مراكز علمية جديدة ضمن برنامجها النووي.
وعقب مؤتمر نتنياهو توالت تصريحات المسؤولين الأمريكيين الذين أكدوا صحة الوثائق الإسرائيلية.
فيما أكد البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعلم منذ فترة طويلة أن إيران تمتلك برنامجا للسلاح النووي، لافتا إلى أنها فشلت في إخفائه.
وأشار البيت الأبيض، في بيان، إلى أن المعلومات التي أعلنت عنها إسرائيل توفر “تفاصيل جديدة ومقنعة” بشأن جهود إيران لصنع “أسلحة نووية يمكن إطلاقها عن طريق صواريخ”.
بدوره أعلن وزير الخارجية الأمريكي الجديد مايك بومبيو أن الوثائق الاستخباراتية التي كشفت عنها إسرائيل بشأن امتلاك إيران برنامجا نوويا عسكريا سريا “حقيقية”.
وقال بومبيو في تصريحات للصحفيين: إنه “بوسعي أن أؤكد معكم أن هذه الوثائق حقيقية وأصلية، وغالبيتها جديدة بالنسبة إلى الخبراء الأمريكيين”.