اقتصاد

الاقتصاد السعودي كما يراه خبراء العالم: المملكة عملاق اقتصادي قادم في التصنيع والتكنولوجيا

جدة – البلاد
مع الإعلان عن ميزانية المملكة ، تتواصل ردود الأفعال الإيجابية على الخطة الطموحة ورؤية المملكة 2030، فمن طوكيو إلى لندن، فمدينة نيويورك، تابع المستثمرون بالعالم خلال عام 2017 ردود فعل بلادهم على التطورات المتسارعة للاقتصاد السعودي.
واستعرض الفيلم الوثائقي “مملكة الغد” الاهتمام العالمي بالتحولات الكبرى التي تشهدها المملكة على مختلف المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والاستثمارية.
ويقول تريفور كالينان، كبير محللي التصنيفات الائتمانية لدول الخليج في “ستاندرد آند بورز”: إن “هناك عددا من الإعلانات الجوهرية، أكثرها جذبا بالنسبة لي هو مشروع نيوم”.

*تفاعل واهتمام عالمي
قامت بريطانيا بتعيين ممثل رئيس الوزراء البريطاني لرؤية 2030، هو كِن كوستا، الذي قال في زيارة سابقة له للمملكة “إن هدفنا من زيارة السعودية هو التأكيد وبوضوح على التزام المملكة المتحدة بالعمل مع أجندة التغيير التي تحددها رؤية 2030″، فيما اختار دونالد ترمب السعودية وجهة لأول زيارة دولية له منذ دخول البيت الأبيض.
ويضيف كوستا: “بتقديري وتقدير الحكومة البريطانية، فإن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جدي حيال رؤية 2030، وهناك العديد من الذين يأتون ببرامج للرؤية، ونريد أن نكون داعمين للتغيير الذي يهدف لدعم القيم التي نتشارك فيها، والتي ستقوم المملكة بمشاركتها مع العالم، كما نريد أن نعمل سويا على ذلك”، واصفا الرؤية السعودية بأنها فرصة محفزة للمشاركة بها بهدف تأمين نتيجة موثوق بها وقادرة على تحقيق نتائج حقيقية، فقد كان لي الشرف بتعييني من قبل رئيسة الوزراء ووزير الخارجية ممثلا لهما أمام ولي العهد ورؤية 2030”.
* إصلاحات واتفاقيات
طبقا للفيلم الوثائقي – العربية – يرى نبيل حبايب، الرئيس التنفيذي لدى جنرال إلكتريك للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن “أهم الإصلاحات التي تحدث في المملكة والتي تشجع المستثمرين هي الشفافية والمحاسبة والمساءلة في مختلف المجالات”.
أما راجيف ميزرا، الرئيس التنفيذي لصندوق رؤية سوفت بنك، يقول: “نحن محظوظون للغاية للحصول على ثقتهم كشركاء، ونعمل جاهدين لجعلهم فخورين”. ويؤكد أن “التعديلات التي حصلت بالنسبة لتطبيق السياسات الاقتصادية، مشجعة كثيرا، حتى في مجال الطاقة، والصحة ومن قبل الشركات الخاصة، وكل هذه الأشياء تشجع المستثمرين خاصة الآن، لأنه أصبح هناك شفافية أكثر”.
من جانبه يرى ديف آيسينبيرغر، المدير العالمي لتسعير الطاقة في وكالة بلاتس ستاندرد آند بورز، أن بالإمكان القول إن “الاتفاقية السعودية الروسية التي أدت إلى تخفيضات الإنتاج المشتركة بين أوبك والدول من خارج أوبك كانت أنجح بكثير مما كانت تأمل به المملكة و روسيا، وهذه أخبار جيدة بالتأكيد للسعودية، فلا يقتصر الأمر على الالتزام التاريخي بمستويات الإنتاج المتفق عليها وعلى المضي قدما بالاتفاقية، ولكن الأهم هو أن أساس هذه الاتفاقية كان تخفيض المخزونات، كما أن القصة الأكبر في أسواق الطاقة للأشهر الستة الماضية من هذا العام هي الهبوط الكبير بالمخزونات حول العالم، ولهذا فإن الالتزام بالاتفاقية فاق التوقعات بكثير وأثر هذه الاتفاقية كان قويا للغاية”.
بدوره يرى ماسايوشي صن، رئيس سوفت بنك، أنه “لا يخفى على أحد شغف الحكومة السعودية مؤخرا بتحريك المياه وبقوة دفع كبيرة، مؤكدا أن “شركاء صندوق الاستثمارات العامة يرون الصندوق لاعبا لا يعرف الهدوء”. أما راجيف ميزرا، الرئيس التنفيذي لصندوق رؤية سوفت بنك فإنه يصف القائمين على صندوق الاستثمارات العامة بالسعودية بقوله: “يجتهدون كثيرا بالعمل، شغوفون للغاية برؤية 2030، وشغوفون للغاية بالاستثمار وبجذب خبرات التكنولوجيا من الخارج”، مؤكدا أن “هناك شعورا بأهمية تنويع الاقتصاد بعيدا عن إيرادات النفط، وأن تكون لديهم القدرة خلال 5 أشهر على إتمام دراسة صندوق ضخم مع مئات الوثائق، وأن يتفاوضوا بالتفاصيل، فصندوق الاستثمارات العامة فعلا لديه القدرات المطلوبة”.
* مشاريع صندوق الاستثمارات
وكان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أكد أنه لن يكون هناك أي استثمار أو حراك أو تنمية في أي منطقة من مناطق العالم إلا بصوت الصندوق السيادي السعودي، وهذا الصوت بات مسموعا وواضحا في محافل الاستثمار الدولية. كيف لا، وصندوق الاستثمارات العامة هو الشريك الأكبر في صندوق “رؤية، سوفت بنك” أكبر صندوق للتقنية في التاريخ بعد أن جمع 98 مليار دولار نهاية 2017 وبمشاركة عمالقة كصندوق مبادلة السيادي وآبل وكوالكوم Qualcomm وشارب”.
ويقول راجيف ميزرا، الرئيس التنفيذي لصندوق رؤية سوفت بنك إن “السعودية لديها عدد من الجامعات الرائعة للتكنولوجيا التي تخرج كثيرا من حاملي شهادات الدكتوراه وغيرها، والذين ستكون لهم فرصة المشاركة في نشاطات الأبحاث والتطوير التابعة لشركات الصندوق، وإذا كان هناك 100 شركة تابعة لصندوق رؤية سوفت بنك، ولنفترض أن 20 أو 30 شركة منها تتواجد في السعودية، والسعودية هي سوق كبيرة، فيها 20 مليون مواطن، وملايين الوافدين، فإنه مجتمع كبير، وفيه العديد من الرجال والنساء ذوي التعليم الجيد”، مؤكدا “أن الهدف الرئيسي للصندوق لا يقتصر على تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، إنما أيضا توفير وظائف للشباب، وآمل أن نساهم بطريقة ولو صغيرة في الأمرين”.
من ناحيته يقول ديف آيسينبيرغر، المدير العالمي لتسعير الطاقة في وكالة بلاتس ستاندرد آند بورز، إن “التغيير الأكبر الذي شهدته السعودية خلال السنوات العشرين الماضية بالنسبة للاقتصاد ودورها في الأسواق العالمية، هو أنه في السابق كانت السعودية ترسل أصحاب الإمكانيات خارج المملكة للحصول على خبرة العمل. وكانت ترسلهم إلى جنوب كوريا، اليابان، الولايات المتحدة، ثم تعود بهم وتطلب منهم القيادة داخل المملكة، وهذا كان أمرا ناجحا”.
ويتابع آيسينبيرغر، “ما أراه الآن هو حصول العديد على هذه الفرص داخل السعودية، وهذا ما أراه شخصيا. عندما أزور المملكة يثير إعجابي دائما مستوى الحوار والنقاش والمناظرة حول أفكار اقتصادية أساسية تدور داخل المملكة، وهذا بالنسبة لي هو الفرق الأكبر. لا يوجد داعٍ بعد الآن لمغادرة المملكة للاستماع لمثل هذا الحوار”.
وبدوره يقول “إد باركر”، رئيس التصنيفات الائتمانية لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في وكالة فيتش: “نراقب برنامج رؤية 2030، وهو برنامج مفصل للغاية وطموح. طريقة أخرى لمحاولة قياس التطور الذي رأيناه حتى الآن في المالية العامة هو النظر إلى سعر النفط الذي تتوازن فيه ميزانية السعودية. بتوقعاتنا فإن سعر التوازن لهذا العام هو عند 73 دولارا للبرميل، وهذا متراجع من مستويات تفوق الـ100 دولار للبرميل في 2014. هذا يعطيك مؤشرا على الإنجاز الذي تم تحقيقه”.
*جذب المستثمرين
أما تريفور كالينان، كبير محللي التصنيفات الائتمانية لدول الخليج في “ستاندرد آند بورز” فيقول: “ندرك أن نية الحكومة وخطتها هي إحداث نوع من التغيير التدريجي في الانطباعات حول مجتمع الأعمال المحلي ومجتمع المستثمرين الدولي. تحاول الحكومة إظهار معالجتها للفساد بشكل مباشر، لذا وطالما كان التغيير تدريجيا كما يأملون، فإن هذه التغييرات يمكن أن تكون إيجابية على المديين المتوسط والبعيد، وأن تكون إيجابية في جذب المستثمرين في المستقبل”.
* تحفيز القطاع الخاص
وفي الرابع عشر من ديسمبر، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – أمرا بالموافقة على تحفيز القطاع الخاص السعودي واعتماد مبلغ 72 مليار ريال لتنفيذ خطة التحفيز، وتسير هذه الخطوات بالتزامن مع أخرى أساسية لتشجيع الاستثمار، وعلى رأسها الشفافية ومكافحة الفساد. ويقول الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار، إن “حزمة الحوافز شملت عدة قطاعات، وبالتالي ستكون محركا ومحفزا لكل القطاعات. أحب أن أؤكد لكم أن القطاع الخاص شريك محوري وشريك أساسي في التنمية”.
ويقول جوش غيغل، رئيس فيرجين هايبرلوب المتخصصة بالقطارات فائقة السرعة، إن “رؤية 2030 تناسبنا تماما، فشركة هايبرلوب ستأتي للمملكة ليس فقط لتزويدها بنظام النقل فائق السرعة، بل سنوظف الموارد المحلية كالحديد والصلب وطبعا العمالة لبناء النظام هنا، وسيتم بناء المعرفة وتوفير الوظائف هنا، ثم نقلها إلى مختلف أماكن العالم، وهذا يلائم تماما ما يريده سمو ولي العهد”.
وفي قلب الاقتصاد العالمي ترتسم للسعودية صورة عملاقٍ اقتصاديٍ مقبل بإمكانات هائلة في التصنيع واجتذاب التكنولوجيا، وتأهيل الطاقات الوطنية الشابة، كما أن الثقة التي تكتسبها مملكة اليوم في أنحاء العالم المتقدم، ترسم صورة وطن يجذب الإبداع قبل الاستثمارات، واقتصاد يصنع الفرص في أرض جديدة للأحلام في مملكة الغد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *