طهران ــ وكالات
تشهد إيران يوماً عصيباً في ظل بدء تطبيق الحزمة الأولى من العقوبات التي قررت واشنطن إعادة فرضها على إيران، على خلفية انسحاب الولايات المتحدة في الثامن من مايو الماضي من اتفاق القوى العالمية وطهران على فرض قيود على برنامج إيران النووي.
ويأتي هذا في ظل حملة واسعة من الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الملالي، حيث اندلعت احتجاجات على الغلاء والجوع المتفشي في عدة مدن إيرانية وسط خراب اقتصادي شامل بدأ بانهيار العملة ولن ينتهي باتساع رقعة الغلاء والبطالة.
وأعلنت واشنطن امس “الاثنين” إعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران من ضمنها عقوبات على شراء إيران للدولار وتحجيم شراء الذهب والمعادن النفيسة والمعادن والفحم والبرمجيات المرتبطة بالصناعات وصناعة السيارات ما يمثل ضغطاً هائلاً على الوظائف.
وطلبت الولايات المتحدة من الدول التوقف عن استيراد النفط الإيراني بدءا من أوائل نوفمبر وإلا ستواجه إجراءات مالية أمريكية.
ومن جانبها، خففت إيران قواعد الصرف الأجنبي، في مسعى لوقف هبوط عملتها الريال الذي فقد نصف قيمته منذ أبريل .
وبدأت قصة انهيار الريال الإيراني مع بداية تصريحات دونالد ترامب الرئيس الأمريكي حول الانسحاب من الاتفاق النووي ما أدى إلى موجة بيع للريال مع إقبال الشركات والمدخرين على شراء العملة الصعبة لحماية أنفسهم من العقوبات الاقتصادية.
وذكرت صحيفة “لوبوان” الفرنسية أن الإيرانيين متخوفون من انهيار الاقتصاد الإيراني، المتراجع مسبقا بفعل سوء التدبير وفساد النظام.
وأضاف أن عددا كبيرا من السكان غادر البلاد، فيما اختار الفقراء النزول إلى الشوارع والاحتجاج والتعبير عن مخاوفهم.
ويتوقع أن تؤدي هذه العقوبات إلى مزيد من المظاهرات والاحتجاجات في مختلف أنحاء البلاد، خوفا من زيادة تدهور الاقتصاد والوضع المعيشي في إيران.
هذا فيما دخل المحتجون الإيرانيون في خروجهم الغاضب على نظام الملالي طورا جديدا من التظاهر، إذ أحرقوا مجسما للصحابي الجليل سلمان الفارسي الذي أقامه النظام كاستغلال سياسي خبيث للدين. وعبر المتظاهرون بإحراق المجسم عن رفضهم دكتاتورية طهران وتسترها خلف الدين لتمرير قمعها ونظام “ولاية الفقيه”، كاشفين عن سياسة الملالي في استغلال الرموز الإسلامية حتى وصل الأمر إلى كبار الصحابة.
وأفادت مواقع إخبارية إيرانية محلية بأن محتجين ضد الأوضاع الاقتصادية المتدهورة بمدينة كازرون الواقعة بمحافظة فارس غرب البلاد، أضرموا النيران في المجسم .
وذكر موقع تلفزيون “جوناز” الناطق بالفارسية أن المحتجين أضرموا النيران بالمجسم الواقع في مدخل كازرون، خلال مسيرات ليلية.
وبتفاقم الاحتجاجات واتساع رقعتها في مناطق متفرّقة من إيران، لم يجد النظام بدّا من اللجوء إلى سياسة إقالة القيادات الأمنية، في محاولة لجعل القمع عمليات “منفصلة” لا دخل له فيها.
وأفادت وسائل إعلام محلية امس الإثنين، بإقالة رئيس شرطة العاصمة طهران بالتزامن مع اتساع رقعة المسيرات الليلية، المنددة بالتدهور الاقتصادي، وتفشي حالة الكساد والتضخم، وسط انشغال نظام الملالي بمغامراته العسكرية خارج الحدود.
ونقلت وكالة أنباء “فارس” شبه الرسمية، عن حسين آشتري، قائد قوات الشرطة الإيرانية، إعلانه في بيان مقتضب، إعفاء عباس محمديان، رئيس شرطة طهران من منصبه، وتعيين عليرضا لطفي خلفا له.
وكانت التظاهرات، التي تشهدها البلاد قد بدأت احتجاجا على الفساد وانهيار قيمة العملة الإيرانية والبطالة وإهدار الأموال على أذرع طهران في إيران وسوريا واليمن ولبنان.
من جهته، كشف الرئيس التنفيذي لمؤسسة كاربو، عدنان الطباطبائي، والتي تقدم استشارات إلى الحكومة الألمانية في الشؤون الإيرانية، أن “الاحتجاجات ستستمر (…) النظام يعرف أنه يتعرض للخطر من داخل وخارج البلاد وهذا الخطر قد يصبح عنيفا”.
ووفقا لبعض المحللين، فيمكن لإيران أن تشهد تراجعا حادا في صادراتها النفطية، من 2.4 ملايين برميل يوميا إلى 700 ألف برميل بحلول نهاية العام.
هذا وتطال الحزمة الأولى من العقوبات بيع العملة الأميركية إلى إيران وتجارة الذهب والمعادن الثمينة، وتستهدف العقوبات أيضا قطاع السيارات الإيراني والقطاع المصرفي، بما في ذلك التعامل مع الريال والسندات الإيرانية.
بدوره قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الولايات المتحدة تريد “أن يكون للشعب الإيراني صوت قوي في تحديد قيادته”
وكتب بومبيو على تويتر إن الولايات المتحدة “تشعر بقلق عميق من التقارير التي تحدثت عن عنف النظام الإيراني ضد المواطنين العزل” وحث على احترام حقوق الإنسان.
وأكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مضي بلاده في عقوباتها، ومن المقرر أن يشرحها البيت الأبيض في بيان لاحقا.
وقال بومبيو إن تصعيد الضغط على إيران هدفه كبح ما وصفها بالنشاطات الإيرانية الخبيثة في المنطقة.
وأوضح وزير الخارجية الأميركي للصحافيين، على متن طائرته التي أقلته عائدا إلى واشنطن من زيارة لآسيا، أن تصعيد الضغط على طهران يرمي إلى “إبعاد النشاطات الإيرانية الخبيثة”، مضيفا أن الإيرانيين “غير سعداء بفشل قيادتهم في تنفيذ الوعود الاقتصادية التي قطعتها لهم”.