أرشيف صحيفة البلاد

الاتحاد المتوسطي ..تجزئة أم توحيد؟

عواصم ـ وكالات
هل تزيل القمة التأسيسية لـ \" الاتحاد من أجل المتوسط \" ذاك الغموض الذي اكتنف فكرة مشروع هذا الاتحاد مذ طرحها الرئيس الفرنسي الحالي في برنامجه الانتخابي في أوائل العام الماضي وأطلقها رسميا ودعا لهذا المؤتمر لدى زيارته المغرب في ٢٣
من أكتوبر الماضي؟ تغيرت الأجواء الإقليمية كثيرا بين الدعوة للمؤتمر وبين موعد انعقاد القمة، فالتهدئة سارية بين الفلسطينيين وإسرائيل، وسوريا دخلت في مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين، وأصبح لبنان برئيس وحكومة وحدة وطنية، وزار ساركوزي دول المغرب العربي، منتقدا أحيانا ماضيا استعماريا فرنسيا سابقا، ومطمئنا أحيانا أخرى دول المغرب العربي بأن المشروع لن يكون تكرارا لتجربة عملية برشلونة التي تكاد أن تسقط من ذاكرة الأوروبيين السياسية .
أقنع ساركوزي دول الاتحاد الأوروبي بفكرته بعد تمنع ألماني وبريطاني، وترأس بلاده حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، فهل سيقنع صديق إسرائيل الأطراف العربية بجدوى المشروع؟
وإذا ما اقتنعوا – ويبدو أنهم سائرون للنهاية – فهل سيلملمون تضارب مصالحهم جراء الدخول في مشروع كهذا؟ وهل سيدخلون في عباءة أوروبا لتحقيق مشروعات إقليمية مع إسرائيل؟ الأسئلة أكثر من احتمالات الأجوبة على أي حال، لكن كلاهما يبقى قيد أفكار ساركوزي ورغباته، ما خفي منها وما أعلنه؛ إذ يبدو أن لساركوزي ومن خلفه دول الاتحاد الأوروبي أهدافا تتضارب من هذا المشروع بين دول شرق المتوسط وبين دول المغرب العربي .
ففي شرق المتوسط ثمة صراع عربي إسرائيلي، وتناحر إقليمي، وإعادة تشكيل لبنية النظام الإقليمي، في منطقة لا ينفصل ما يجري فيها عن منطقة الخليج العربي، وفي غرب المتوسط هناك أزمات هجرة واقتصاد وثقافة، وقواسم فرنسية – مغاربية مشتركة في مجالات متنوعة .
وبين المنطقتين متغير أصيل في المعادلات الإقليمية والدولية هو المتغير الأمريكي . فإذا كان مسار برشلونة قد انطلق مع بداية عقد التسعينيات، وكانت أوروبا تستهدف من خلاله تبيان نوع من المنافسة للولايات المتحدة، فإن الموقف الأمريكي وحدود التنسيق الأوروبي الأمريكي من مشروع الاتحاد من أجل المتوسط لا تبدو واضحة للعيان حتى اليوم .
العوامل المؤثرة على مسار المشروع الجديد متعددة إذن، وهي عوامل معقدة للغاية، يتشابك فيها الداخلي لكل بلد مع ارتباطات البلد الإقليمية والدولية، ومع مشكلات قديمة لم تجد سبيلا للحل منذ زمن بعيد ..فهل يتمكن ساركوزي من عبور كل هذه الحواجز؟ !