طهران ــ وكالات
دخل إضراب عمال قصب السكر في بلدة هفت تبه الإيرانية، يومه الثامن والعشرين على التوالي، في إطار سعي العمال الحصول على حقوقهم الأساسية من الحكومة، واحتجاجا على الاعتقالات التعسفية، التي أجرتها السلطات بحق ممثليهم.
وتشمل مطالب العمال أبسط حقوقهم الأساسية، مثل “دفع 3 شهور من رواتبهم وجميع المستحقات المالية، وإعادة الشركة إلى رعاية القطاع العام، وإطلاق سراح المعتقلين، وتنفيذ خطة تصنيف المشاغل والعقود، وتطبيق العدالة وممارسة العقوبة بحق أصحاب أسهم الشركة، وعدم فتح أي ملف أمني لأي من العمال وممثليهم”.
وبدأ اليوم الـ28 من الإضراب، بتجمع العمال أمام بوابة شركة قصب السكر، وذلك بعد يوم من خروجهم في احتجاجات أمام مبنى قائممقامية شوش، حيث طالبوا بإطلاق سراح ممثليهم.
وحضر بعض عناصر النظام من المحافظة ومجلس شورى النظام، لجمع العمال؛ بهدف إقناعهم بكسر إضرابهم، إلا أنهم واجهوا ردود أفعال غاضبة من العمال، حسب ما ذكر موقع “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”.
وانتهت محاولة الوفد المرسل من قبل النظام، بمواجهات مع العمال، الذين أعلنوا أن إطلاق ممثليهم من السجن، وتلبية مطالبهم، يأتي كشرط مسبق لأي مفاوضات.
وكانت الشرطة الإيرانية قد اعتقلت ممثل العمال إسماعيل بخشي، وممثل نقابة عمال هفت تبه علي نجاتي، والناشطة في مجال حقوق الإنسان سبيده قليان، بسبب إضراب العمال في هفت تبه.
وقد أشعلت احتجاجات وإضراب عمال قصب السكر، احتجاجات عمال آخرين، يعانون من أوضاع متردية في مختلف أنحاء البلاد، أبرزهم عمال “فولاذ الأهواز”، الذين دخل إضرابهم يومه الـ 17.
من جانبها، دعت “المقاومة الإيرانية” جميع المواطنين “لاسيما الشباب الأبطال والعمال الشرفاء في خوزستان إلى التضامن مع المضربين”، وطالبت عموم الهيئات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان وحقوق العمال بـ “إدانة قوية للسياسات القمعية والمضادة للعمال، التي ينتهجها النظام الإيراني”، وأن تتحرك للضغط على النظام؛ للإفراج الفوري عن المعتقلين بدون قيد أو شرط.
ويعاني الإيرانيون، بمختلف شرائحهم، من أوضاع اقتصادية سيئة، في ظل العقوبات الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة على النظام الإيراني؛ بسبب دعمه للإرهاب، والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار.
كما يرفض الإيرانيون استغلال النظام لأموال وثروات البلاد في تمويل ميليشيات في دول أخرى، ودعم الإرهاب والتدخل في شؤون دول المنطقة، بدلا من استخدامها في خدمة الشعب وتوفير حياة كريمة لأفراده.
واعتبرت المقاومة الإيرانية احتجاجات العمال جزءا من انتفاضة الشعب الإيراني العارمة ضد نظام ولاية الفقيه، القابض على حكم إيران منذ 4 عقود.
وقال المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بيان: إن نظام طهران يواجه “ظروفا قاسية”، ويعاني من الإفلاس الاقتصادي؛ رغم الثروات والاحتياطي النفطي الذي تتمتع به أراضي البلاد.
ولفت البيان إلى أنهم (نظام طهران) لا ينفقون دولارا واحدا على الشعب الإيراني والعمال المحرومين، الذين يعيشون تحت خط الفقر، بل تهدر هذه الأموال على المليشيات خارج الحدود.
وأوضح شاهروخ توكلي، المعارض الإيراني، أن الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية الأخيرة، والتي دخلت حيز التنفيذ مطلع نوفمبر الماضي، تعد نقطة “مثيرة”؛ كونها تسببت في ضغوط على الحرس الثوري، الذي يعد القوة القمعية الرئيسة، والمسيطر الأول على الاقتصاد الإيراني.
وازدادت احتجاجات الشرائح المختلفة للشعب الإيراني ضد النظام بشكل مطرد منذ قرابة الشهر، وكان أبرزها إضرابات عمال مصنع “هفت تبه” لصناعة السكر، الذين تظاهروا احتجاجا على عدم دفع رواتبهم المتأخرة. ولفت البيان إلى أن احتجاجات العمال، باتت تحظى بدعم شعبي واسع من السكان المحليين إلى جانب عائلاتهم؛ حيث تضامن بعضهم مع مظاهرات عمال المجموعة الوطنية للصلب والفولاذ في إقليم الأحواز جنوبي البلاد، في الوقت الذي أصبحت هذه الاحتجاجات جزءا من الانتفاضة الشعبية العارمة.
وأكدت المقاومة الإيرانية مجددا، أن السبيل الوحيد لحل مشاكل العمال وبقية شرائح المجتمع، هو إسقاط هذا النظام “المعادي” للشعب الإيراني، لاسيما في ظل ظروف صعبة يواجهها الإيرانيون مع زيادة معدلات البطالة والتضخم وصولا إلى 34.9 % في نهاية الشهر الماضي، مقارنة بنفس الفترة من العام المنصرم.
وانخفضت صادرات النفط الإيراني بشكل ملحوظ من 2.5 مليون برميل يوميا إلى ١ مليون برميل، الأمر الذي يقلص بشدة عوائد مالية ضخمة لتمويل مليشيات إيران في بلدان مجاورة؛ بهدف توسيع نطاق الإرهاب المدعوم رأسا من المرشد الإيراني علي خامنئي، إضافة إلى استخدامها في قمع الاحتجاجات في الداخل.
وفى سياق متصل، أظهر تقرير صادر عن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها نظام “ولاية الفقيه”، شمِلت أكثر من 20 عملية إعدام، في شهر نوفمبر الماضي.
وبحسب التقرير، تضمنت هذه الانتهاكات قمع احتجاجات العمال، واعتقالات واسعة في صفوف الأقليات القومية والدينية، واعتداءات بحق الأطفال والسجناء، إلى جانب ضرب حرية التعبير.
وقال التقرير: إن الممارسات الوحشية لنظام الملالي، أدت إلى إدانته دوليا بـ 64 قرارا من الأمم المتحدة.
وأفاد التقرير، أن الإعدام يعد من أخطر أدوات القمع في إيران، حيث نفذت هذه العقوبة الجائرة علنا بحق 11 شخصا، وشمِلت كذلك متهمين بالفساد الاقتصادي والتهريب والإخلال بمنظومة المعاملات النقدية، فضلا عن إعدام طفلين.
وأشار التقرير إلى اعتقال ستة صحافيين، وسجن 24 شخصا من المشاركين في احتجاجات طهران مع حرمان المعتقلين من الرعاية الصحية والعلاج الطبي، ما أسفر عن وفاة أحدهم بسجن زاهدان، وإقدام 5 آخرين على الإضراب عن الطعام.
وتطرق التقرير أيضا إلى اعتقال 133 عربيا في منطقة خوزستان، ضمن قضية واحدة؛ بغية الضغط على العرب هناك.
وبخصوص الانتهاكات والإساءات الموجهة إلى النساء والأطفال، فقد عارض مجلس صيانة الدستور مخالفة تزويج الصغيرات قانونيا، مع تسجيل حالة وفاة لطفل عامل في أصفهان، وإيداع تسع ناشطات حقوقيات، سجن “إيفين”، شهر نوفمبر الماضي.
وكانت الجالية الإيرانية في بلجيكا، قد نظمت قبل أسبوعين وقفة احتجاجية أمام البرلمان الأوروبي، مطالبين بتصنيف جهاز المخابرات في طهران بالإرهابي.
ورفع نظام “ولاية الفقيه” من سقف ممارساته الوحشية والقمعية ضد الشعب الإيراني، خصوصا بعد اندلاع احتجاجات جماهيرية واسعة، هدفها تطهير البلاد من “حكم الملالي”.