دولية

(الإسلاموفوبيا).. الإرهاب القطري ينخر جسد القارة العجوز

جدة ــ وكالات
لم تكن القارة العجوز بمنأى عن الأيادي القطرية التي طالت جميع المنظومات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط والعالم دعماً وتمويلاً وترويجاً، لتجعل من أوروبا محطة جديدة لإرهابها عبر دعم جماعات الإسلام السياسي التي أسهمت في تفريخ عناصر متطرفة لا حصر لها.
فمع كل تفجير إرهابي في باريس أو مدريد أو لندن وغيرها من عواصم القارة الأوروبية، كانت جمعيات الإسلام السياسي المتدثرة بالعمل الخيري والمدارس الدينية الممولة من تنظيم الحمدين الحاكم في الدوحة، تبرز كأولى المحطات التي تلقى فيها الإرهابي منفذ العملية تعليمه أو مصد رزقه.
وهي الفرضيات التي ناقشها باحثون، في مؤتمر الإسلام السياسي بأوروبا الذي التئم بمبادرة من معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا، وجامعة بادوفا، وجامعة بيومنتي أورينتالي، ومؤسسة “مؤمنون بلا حدود” للدراسات والأبحاث، إضافة إلى مؤسسة تشيني، والمركز الجامعي للثقافة والقانون والأديان.
وهي الجماعات التي مولتها الدوحة على امتداد القارة الأوروبية، عبر توفير الدعم المالي الكامل لما يربو على الـ242 جمعية إخوانية في فرنسا، لتسيطر على اتحاد المنظمات الإسلامية “لواف”، كما تؤكد الإحصاءات كذلك أن النظام القطري ضخ 257 ألف يويو حسب سجلات بنكية، لتمويل الجماعات الإرهابية داخل الأراضي الهولندية تحت ستار المدارس الدينية والجمعيات الخيرية.
كذلك لا يخفى على الجميع دور الدبلوماسي القطري خالد الخاطر في تمويل الخلايا الإخونجية في أوروبا، وتسهيله لعملية التحاق مغربيين وهولنديين بالجماعات المتطرفة في سوريا والقتال في صفوفها.
ويعتبر مفتي الإرهاب القطري يوسف القرضاوي أول من أثار خلافات لدى مسلمي أوروبا عبر جماعته المتمثلة في مجلس الإفتاء الأوروبي، بحسب ما أكد ذلك الدكتور رضوان السيد أستاذ الدراسات الإسلامية، الجامعة الأمريكية في بيروت، مشيراً إلى أن إخونجية القرضاوي قاموا بتوظيف المجلس لصالح جماعتهم في حين أنه رسمياً، كان من المفترض أن يلعب دوراً يسهم في تسهيل الحياة المجتمعية، أي إصدار الفتاوى، باعتبار المسلمين كانوا أقلية، والنتيجة، أنهم صعبوا على المسلمين الاندماج، وليس العكس.
وتشكل جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، حاضنة مثلى للإرهابيين كونها تستغل الحريات المتاحة في البلدان الأوروبية والتعدد الثقافي الذي تتسم به هذه الدول، عبر الترويج لأفكار تغذي الشعور بالاضطهاد وتقوية الميل إلى العزلة عن المجتمع تمهيداً لعملية غسل الدماغ التي تتم للضحايا لتجنيدهم لصالح المنظومات المتطرفة.
ويرتكز الخطاب الإخونجي القطري لمسلمي أوروبا على أن الغرب يمثل عدواً للمسلمين وهو الأمر الذي يخالف الواقع، حيث يعيش المسلمون في هذه البلدان كمواطنين من الدرجة الأولى لهم ما للمجتمع وعليهم ما عليه، بيد أن المدارس الإخونجية القطرية تعمل على اختراق المجتمع المسلم عبر مثل هذا الخطاب.
كما تعمدت جماعات الإسلام السياسي إلى استخدام لغة مزدوجة، تظهر للحكومات الأوروبية أن جماعة الإخوان والإسلام السياسي ليسوا المشكلة التي يجب أن يتعاملوا معها، ولا تكتفي بالتلون والالتفاف لتتبنى خطابات تعمق الفرقة في المجتمعات وتؤدي إلى الاستقطاب وتغذية التطرف والعنف ما أدى لتضرر المجتمعات وانهيار الدول.
وهي ذات النقطة التي أثارها محمد العاني، مدير مؤسسة مؤمنون بلا حدود في ندوة البندقية، مشيراً في كلمته التي ألقاها بالنيابة عنه عبدالله ولد أباه، الأستاذ والباحث في الفلسفة بجامعة نواكشوط في موريتانيا، مشيراً إلى أن التطرف الديني يمثل أبرز التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي، وأن المجتمعات المسلمة اكتوت بناره مثلما أصابت المجتمعات الأوروبية.
ويشاطر محمد بنصالح مدير معهد غرناطة للبحوث والدراسات العليا بإسبانيا، العاني ذات الرؤية مشيراً لدى حديثه في ذات الندوة إلى أن تيارات الإسلام السياسي تمثل كارثة في أوروبا، لكونها تصور نفسها على أساس أنها المدافع عن هوية الأمة الإسلامية ضد العولمة.
ويبين بنصالح أن انتشار ظواهر التطرف الديني وفشل الاندماج تعد مؤشرات على أزمة الدول الأوروبية المعاصرة التي بنيت على القانون والعقد الاجتماعي.
بيد أنه لن يتسنى لأوروبا والعالم التخلص من خطر جماعات الإسلام السياسي المدعومة من الدوحة سوى عبر الالتزام بالعمل الجماعي، وفقاً لما مضى إليه باسكال غاغلياردي، الأمين العام لمؤسسة تشيني، فينيسيا، إيطاليا، مشيراً إلى أن مثل هذه المؤتمرات ستستهم في ترسيخ العلاقة بين الغرب والشرق وتحالفهما لاستئصال الجماعات المتطرفة.
فيما يؤكد روبيرتو ماتزولا، مدير المركز الجامعي للثقافة والقانون والأديان بجامعة بييمونثي أوريو نثالي الإيطالية، أن ظاهرة الإسلام السياسي أضحت أمراً مؤرقاً للجميع في أوروبا والعالم العربي، منوهاً إلى ضرورة الاستمرار في مشروعات تدريب الأئمة، كونه يضطلع بدور أساسي في التفاعل مع التحديات المشتركة التي تواجه الجميع.
ويرى ستيفانو أليفي، مدير أبحاث الدين والسياسة والمواطنة، جامعة بادوفا بإيطاليا، أننا بحاجة لتدقيق مفهوم المهاجر من الأجيال الثانية لدى المسلمين في أوروبا للتصدي لمحاولة الجماعات المتطرفة السيطرة عليهم.
وبدوره، أكد طاهر عباس، الأستاذ الباحث في الإسلام السياسي بكلية لندن للاقتصاد في المملكة المتحدة أن هناك حضوراً كبيراً في أوروبا للمؤلفات التي ألفها كتاب إسلاميون متطرفون، من قبيل كتب سيد قطب والنتيجة، أن الشباب المسلم يعيش نقصاً كبيراً في فهم تاريخه الثقافي والديني.
وتابع أن لندن تخلت عن المسلمين، وحاولت أن تدفع بهم لكي يُصبحوا علمانيين، بينما للمسلمين روابط ثقافية واجتماعية بالدين، وهذا مُعطى يقتضي من الدولة أن تراجع خياراتها في ضوئه، مشيراً إلى أنه يتم اختزال التطرف في حقبة ما بعد أحداث 11 سبتمبر ، بينما الظاهرة كانت في أوائل التسعينيات، إثر خلال الحرب الأفغانية الأولى، وحرب البوسنة والهرسك، وكذلك الحرب العراقية.
باولو برانكا، الأستاذ الباحث في الدراسات الشرقية بجامعة ميلانو الكاثوليكية في إيطاليا، أكد أيضاً أن دور الإسلام السياسي هو دور أيديولوجي بخطاب ينتصر للبلاغة، ويكاد يكون منفصلاً عن التاريخ، محذراً من أن الإسلام السياسي في أوروبا يصر على أدجلة القضايا العربية والإسلامية مثل القضية الفلسطينية لمآربه الخاصة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *