م/ عبدالله يوسف بكر
تزخر جدة التاريخية بالأربطة والاوقاف فقد كان الآباء و الأجداد يهتمون بتطبيق التكافل الاجتماعي فيما بينهم والذي يتمثل في دعم ومساعدة الأسر الفقيرة والأيتام والأرامل، حيث كان من النادر ان ترى من يجوب شوارعها طالباً للعون دأب أهل جدة على تلبية جميع احتياجات تلك الأسر فأنشأوا لها الأربطة والأوقاف وقاموا بتأثيثها كما تكفل الكثيرين بتلبية جميع متطلبات تلك الأسر من مأكل وملبس ومشرب وجميع ما يلزمهم طوال العام، ولم يغفلوا الاحتياجات الخاصة في المواسم والأعياد والمناسبات المختلفة وتنتشر الأربطة والأوقاف في جدة التاريخية والتي قد تزيد عن نصف مباني تلك المنطقة وتعود نسبة كبيرة منها لوزارة الأوقاف وحيث أرتبط أهل جدة ارتباطاً وثيقاً بمكة المكرمة والحرمين الشريفين، كما كرمها الخليفة الراشد عثمان بن عفان في العام 26 للهجرة بأن جعلها ميناءً لمكة المكرمة،فقد أوقف بعض الأهالي مبانيهم لصالح الحرمين الشريفين وفي نفس الوقت كان لأهل جدة اهتمامات كبيرة بالتعليم حيث أوقفت بعض المباني لصالح مدارس الفلاح ومن المؤلم أن كثيراً من أوقاف وأربطة جدة التاريخية في الوقت الراهن مهملة وغير مستغلة، بل إن بعضها أصبح وكراً للمتخلفين وأرباب السوابق والمتشردين والدواب والحشرات مما يشكل خطورة بالغة على سكان وزوار المنطقة من هنا أتمنى أن تبادر وزارة الأوقاف بترميم وتشغيل المباني التابعة لها مما سيكون له دور كبير في إنعاش جدة التاريخية وتحسين الصورة العامة وحماية مبانيها من الحرائق والانهيارات، ويشترك في ذلك الأمانة وهيئة السياحة وسائر الجهات المعنية لتحسين وضع الخدمات المقدمة والبرامج السياحية كذلك يمكن للأوقاف تأجير بعض مبانيها واستخدام المتحصل من الإيجارات في الأعمال الخيرية الموقوفة من أجلها وجزء آخر يستخدم لإسكان بعض الأرامل والفقراء الغير متخلفين والمعروفين مما يسهم في تغيير التركيبة السكانية تدريجياً ويمكن أيضاً استغلال بعض الأوقاف بعد ترميمها لتشغيل وإيواء أعداد كبيرة من العاملين في مختلف الحرف اليدوية بما يعود على جميع الأطراف ( أصحاب الأوقاف، الحرفيين، الزوار، …) بالفائدة وإذا ما تم ذلك فسيشجع أصحاب الأوقاف الخاصة بالقيام بنفس الدور مما ينعكس على إنعاش جدة التاريخية.
فهل نرى ذلك قريباً؟