الأرشيف دوحة السودان

الأمثال الشعبية وتدوينها في السُّودان

أحمد إبراهيم أبوشوك

تاريخ جمع الأمثال الشعبية وتدوينها في السُّودان،يرجع للقرن التاسع عشر للميلاد، عندما أصدر نعوم شقير كتاباً بعنوان: أمثال العوام في مصر والسُّودان والشام؛ وتضاعف ذلك الجهد بالعمل الرائد الذي قدَّمه الشيخ بابكر بدري بعنوان: الأمثال السُّودانية، في ثلاثة أجزاء. وفي ضوء هذه الجهود السابقة يأتي كتاب الدكتور سمير محمد عبيد نُقُد، مُعْجَم الأمثال السُّودانية المقارنة، التي جمعها من مشارب متعددة، ثم صنفها تصنيفاً معجمياً، وقارن بينها والأمثال الشبيهة، أو المتطابقة في البلدان العربية، وكتب التراث العربية-الإسلامية، وبذلك استطاع أن يُقدِّم عملاً أكاديمياً رائداً في مجاله، ومكملاً لجهود من سبقوه في هذا المضمار، علماً بأنَّ عدد ما تم جمعه من أمثال سودانية في هذا المعجم يبلغ(14070) مثلاً، بينما يبلغ ما جمعه الشيخ بابكر بدري (5301) مثلاً؛ أي أنه تجاوز كتاب الشيخ بابكر بدري بأكثر من الضعف. وتتجلَّى ريادة الدكتور سمير في دراسته الواسعة للأمثال السُّودانية قديمها وحديثها في ستة مجلدات ثمينة كمَّاً وكيفاً، استطاع من خلالها أن يضع الأمثال السُّودانية في مصاف الدراسات العربية الواسعة للأمثال، ويقارنها بنظائرها من الأمثال الشعبية المنتشرة في البلاد العربية الأخرى؛ ثم يبين مدى تأثرها بالأمثال العربية الفصيحة، والمولدة، والشعبية.وتثميناً للجهد الذي بذله المـُصنِّف في جمع مادة هذا المعجم، وتصنيفها، ودارستها ومقارنتها بأشباهها ونظائرها، وافق المجلس القومي للآداب والفنون (الخرطوم) على نشر المعجم بمجلداته الستة، ووضعه بين يدي القارئ الكريم مادة جديرة بالقراءة والإطلاع، في وقت بدأ التراث الشعبي السُّوداني يتآكل ويتناقض بفعل الحداثة، وابتعاد الأجيال الصاعدة عنه. وبذلك وُفِقَ مُصنِّف المعجم في أن يُقدِّم دراسة علمية شاملة عن الأمثال السُّودانية، ويعرضها بأسلوب سلس، ربما «يخفف من حدة التوتر بين المكونات المختلفة للمجتمع السُّوداني، ويساعد على تجاوز القبليات والجهويات، ونحوها مما يفرق، ولا يجمع).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *